حرب الصين وأميركا التجارية... أطلقها ترامب فهل يستطيع وقفها؟

04 ابريل 2018
الصين أكبر مستورد لفول الصويا في العالم (فرانس برس)
+ الخط -
تصاعدت وتيرة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين بمعدل أسرع مما هو متوقع، خصوصاً من جانب الصين التي أعلنت، اليوم الأربعاء، فرض رسوم تجارية بنسبة 25% على أهم الصادرات الأميركية إليها بقيمة 50 مليار دولار، فضلا عن رسوم سابقة على منتجات بقيمة 3 مليارات دولار، وهو ما أدى إلى هبوط سريع في أسعارها، فضلا عن تراجعها في البورصة.

ويبدو الرد الصيني وكأنه أعدّ جيداً وجاء تصاعدياً، إلى حدّ بدا وكأن رسوم ترامب التجارية قد ارتدت إلى صدر الاقتصاد الأميركي بأسرع مما هو متوقع، حيث تأثرت البورصة في بداية تعاملات اليوم، الأربعاء، في رد سريع على الرسوم، كما تراجعت أسهم شركات الصويا والطائرات.

ووفقا لوكالة "رويترز"، فقد هبطت أسعار فول الصويا 5% في العقود الآجلة ببورصة شيكاغو، اليوم الأربعاء، كما سجلت الذرة الأميركية انخفاضا كبيرا بعدما أُدرجت هي الأخرى على قائمة السلع التي ستخضع لرسوم جمركية إضافية.

وانخفض فول الصويا إلى 9.83 دولارات ونصف سنت للبوشل (وحدة قياس للحبوب الجافة)، وهو أدنى مستوى في نحو شهرين ويقل عن مستوى العشرة دولارات الذي يمثل حاجزا نفسيا. ولم تسجل العقود تغيرا يذكر قبل أنباء الرسوم الجمركية الصينية.

والولايات المتحدة هي ثاني أكبر مورد لفول الصويا بعد البرازيل إلى الصين، أكبر مستهلك لفول الصويا في العالم، حيث تستهلك نحو 60% من فول الصويا المتداول في العالم، وذلك لتغذية قطاع تربية المواشي لديها.

وتستورد الصين تقريبا 100 مليون طن من فول الصويا سنويا، منها نحو 33 مليون طن من الولايات المتحدة، و50 مليون طن من البرازيل، وصدرت الولايات المتحدة للصين العام الماضي ما قيمته 12 مليار دولار من فول الصويا، والذي تنتجه ولايات في أغلبها منحت ترامب الأغلبية في انتخابات الرئاسة عام 2016، وأهمها ولاية أيوا.

وتراجعت الذرة في عقود مجلس شيكاغو للتجارة 3.9% إلى 3.73 دولارات ونصف سنت للبوشل، بعدما نزلت إلى 3.72 دولارات في وقت سابق.

أيضا لم تسلم شركة بوينغ لإنتاج الطائرات من الهبوط، حيث انخفضت أسهم الشركة 7.2% في تعاملات ما قبل فتح السوق، ووفقا لبيانات "رويترز"، جرى تداول سهم شركة الطائرات الأميركية في أحدث التعاملات عند 307 دولارات، انخفاضا من 330.8 دولارا عند الإغلاق أمس الثلاثاء.

وفي "وول ستريت"، هبط المؤشر "داو جونز" الأميركي أكثر من 2% عند الفتح، اليوم الأربعاء، مع تأثر أسهم كبرى شركات التصنيع وتجارة الحبوب وصناعة الرقائق الأميركية.

وفتح المؤشر ستاندرد آند بورز 500 دون متوسط 200 يوم، وهو مستوى فني مهم، وانخفض المؤشر داو جونز الصناعي 506.21 نقاط أو 2.11% إلى 23527.15 نقطة، ونزل ستاندرد آند بورز 500 بمقدار 40.75 نقطة أو 1.56% إلى 2573.7 نقطة، وهبط المؤشر ناسداك المجمع 126.95 نقطة أو 1.83% إلى 6814.33 نقطة.

محاولات أميركية للتهدئة

قوبل الرد الصيني السريع بمحاولات تهدئة أميركية رسمية لوقف تصاعد الحرب التجارية التي أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب أولى طلقاتها بينما من المتوقع ألا يستطيع إيقافها.

وقال وزير التجارة الأميركي ويلبور روس، اليوم الأربعاء، إنه يتوقع أن تقود الإجراءات التجارية المتبادلة بين الولايات المتحدة والصين على الأرجح إلى اتفاق عن طريق التفاوض، لكن لم يتضح ما إذا كانت هذه المحادثات ستجرى قبل نهاية مايو/ أيار أو بعد ذلك.

وقال روس في مقابلة مع "سي.إن.بي.سي"، وفقا لـ"رويترز"، إنه "لن يكون مفاجئا بالمرة أن يثمر ذلك كله عن مفاوضات من نوع ما"، وأضاف "من الصعب جدا تحديد إطار زمني معين لمفاوضات معقدة كهذه".

وأضاف روس أن رد الصين كان "متناسبا نسبيا مع الرسوم التي فرضناها بناء على الملكية الفكرية"، مشيرا إلى توقعاته بأن تبدأ دول أخرى في "التكتل ضد الصين" بسبب ممارساتها التجارية.

وجاءت تصريحات روس بعد أن قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اليوم الأربعاء، إن بلاده ليست في حرب تجارية مع الصين.



وأضاف ترامب في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": نحن لسنا في حرب تجارية مع الصين. لقد خسرنا الحرب التجارية منذ سنوات بواسطة الأغبياء الذين كانوا يمثلون أميركا. الآن لدينا عجز تجاري يبلغ 500 مليار دولار سنوياً، يضاف إلى سرقة الملكية الفكرية البالغة 300 مليار دولار. ولن ندع هذا يستمر.

وتعاني الولايات المتحدة عجزا تجاريا مع الصين وحدها وصل في 2017 إلى 375.2 مليار دولار.



وقال بيتر نافارو، المستشار التجاري للبيت الأبيض، أمس الثلاثاء، إنه لا يرى في فرض كل من الولايات المتحدة والصين تعرفات جمركية على الطرف الآخر، في رد انتقامي متبادل، تصعيداً للتوترات التجارية.

وسئل نافارو على قناة (سي.إن.بي.سي)، في لقاء مساء الإثنين ونشرته "رويترز" الثلاثاء، عن الإجراء الذي يجب أن تتخذه الولايات المتحدة للرد على فرض الصين تعرفات جمركية تبلغ قيمتها ثلاثة مليارات دولار على الفواكه والمكسرات والنبيذ ولحم الخنزير المجمد وأنابيب الصلب والألمنيوم الخردة الأميركية، فقال: "لا أعتقد أنه سيكون رداً مقابل رد. يجب ألا تسير الأمور على هذا النحو، فهذا لن يؤدي إلا إلى دوامة من التصعيد".

التحركات الصينية

لم تتوقف الصين من جانبها عند "ردودها الانتقامية" التي تملك في جعبتها منها الكثير على الرسوم الأميركية، بل اتخذت مسارات قانونية للرد على رسوم ترامب المتخذة والمتوقعة. وقالت وزارة التجارة الصينية إنها بدأت إجراءات أمام منظمة التجارة العالمية بشأن تحقيق بموجب المادة 301 من قانون التجارة الأميركي، اليوم الأربعاء.

ورغم تقدم الصين لمنظمة التجارة العالمية، ومع معرفتها بأن مثل هذه الإجراءت في المنظمة تستغرق سنوات للبت فيها، فإنها كانت قد اتخذت بموازاة ذلك قراراتها بالرد على الرسوم الأميركية، عبر إعلانها، في وقت سابق اليوم، عن إنها ستفرض رسوما جمركية جديدة على 106 منتجات أميركية تشمل السيارات وفول الصويا والويسكي، قيمتها 50 مليار دولار من واردات 2017 ردّا على إعلان أميركي بفرض رسوم على سلع صينية تقدر قيمتها بخمسين مليار دولار.
كما أعلنت الصين من قبل أنها فرضت رسوما جمركية على 128 صنفا من المنتجات التي تستوردها من الولايات المتحدة وتصل قيمتها إلى ثلاثة مليارات دولار سنويا، وذلك ردا على الرسوم التي فرضتها واشنطن على الفولاذ والألمنيوم، واعتبرت بكين أنها "تلحق ضررا خطيرا" بمصالحها.

مخاوف دولية

الحرب التجارية المتصاعدة لن تتوقف آثارها على التصعيد الأميركي - الصيني الجاري، بل يتوقع أن تمتد إلى دول وتكتلات اقتصادية أخرى.

وإن كانت أوروبا قد سعت إلى أن يستثنيها ترامب من فرض الرسوم على الصلب والألمنيوم كما جرى مع كندا والمكسيك وأستراليا، وحتى تنحصر الحرب التجارية بين أكبر قوتين اقتصاديتين، وهما الولايات المتحدة والصين، إلا أنها بدأت تستشعر بأن شظايا تلك الحرب يمكن أن تمتد إلى اقتصاداتها، وخاصة أن الاستثناء الأميركي لأوروبا مؤقت حتى مايو/أيار المقبل.

وقالت متحدثة باسم وزارة الاقتصاد الألمانية، اليوم الأربعاء، إن من الضروري أن تنخرط الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في حوار من أجل تجنب نشوب صراع تجاري.

وذكرت المتحدثة التي تمثل أكبر اقتصاد أوروبي والرابع عالميا، إن "التطور يظهر أن أهم شيء لنا هو الاستفادة من الوقت الذي لدينا الآن حتى أول مايو/أيار لإجراء حوار بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من أجل تجنب دوامة تقود إلى صراع تجاري"، مشيرة إلى أنه من المهم أيضا التحدث مع الصين بشأن التجارة.

من جهته، حذر أنجيل جوريا، الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، اليوم الأربعاء، من أن تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين "مقلق".

وقال جوريا، وفقا لـ"رويترز"، إن "هذا أمر مقلق للغاية. تتحدثون عن أكبر بلدين تجاريين في العالم". وأضاف "هذا ليس في مصلحة أحد، إنه أمر سيئ... وضع يخسر فيه الجميع".

المساهمون
The website encountered an unexpected error. Please try again later.