تشهد الأسواق الليبية ارتفاعا في أسعار السلع الغذائية والخضروات بالتزامن مع الحجر المنزلي بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، ودخول شهر رمضان المبارك، ونقص السيولة بالمصارف التجارية.
وما فاقم من الأعباء المعيشية لليبيين هو اندفاع سماسرة الحرب لاستغلال الصراع العسكري في البلاد من أجل التربح غير القانوني من تجارة السلع على حساب المواطنين.
ولم تقتصر انعكاسات الصراع والتطورات الأخيرة على أسواق التجزئة فقط، ولكنها طاولت مصادر السلع الغذائية، سواء الزراعة أو الاستيراد وسط مخاوف من نقص حاد في المنتجات الضرورية خلال الفترة المقبلة.
وأكد علي المشاط، المزارع من منطقة ورشفانة، أن سبب ارتفاع أسعار الخضروات في السوق يرجع إلى توقف معظم المناطق الزراعية المجاورة للعاصمة طرابلس عن العمل بسبب الحرب الدائرة في جنوب العاصمة.
وأضاف أن "أسعار المنتجات ارتفعت في المناطق الأخرى نتيجة غلاء السماد والمبيدات وعدم الحصول على اعتمادات مستندية من البنك المركزي، وبالتالي الفاتورة يتحملها جيب المستهلك".
وحسب رئيس اتحاد حماية المستهلك، أحمد الكردي، فإن سبب نقص السلع في الأسواق المحلية يرجع إلى سماسرة الحروب الذين يستغلون تدهور الأوضاع الأمنية في تحقيق أرباح كبيرة من تجارة السلع على حساب المواطنين.
وقال الكردي لـ"العربي الجديد": لا توجد رقابة على الأسواق من قبل الجهات الحكومية التي تركت السوق للمضاربات.
ومنحت الحرب المشتعلة وتصاعد الصراع بين الفرقاء المحتكرين فرصاً كبيرة من أجل التحرك بسهولة وتخزين السلع ورفع أسعارها، ما فاقم الأعباء المعيشية لليبيين.
وكان اللواء المتقاعد خليفة حفتر قد أعلن، أول من أمس، إسقاط اتفاق الصخيرات السياسي، قائلا إن قواته تقبل بتفويض الشعب لحكم البلاد، ما أثار انتقادات واسعة عربيا ودوليا لهذه الخطوة، وزاد من مخاوف تصاعد الصراع العسكري، وبالتالي انعكس ذلك سلبا على الأوضاع الاقتصادية المتأزمة في البلاد.
وفي هذا السياق، قال المحلل الاقتصادي على الصلح، لـ"العربي الجديد"، إنً الدولة لا يوجد لديها مخزون غذائي في الوقت الحاضر، ما تسبب في احتكار السلع الضرورية وارتفاع أسعارها في السوق المحلي، مطالبا بضرورة وضع حد لانفلات الأسواق.
وتابع: هناك تقصير كبير من وزارة الاقتصاد بحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا، وكذلك الحكومة المؤقتة بشرق البلاد في توفير السلع بسعر مناسب للمستهلك.
وأضاف الصلح أن هناك مجموعة من الدول وضعت استراتيجية بشأن المخزون الغذائي، تحديدًا الحبوب، ولكن ليبيا لا يوجد لديها مخزون كاف، ومنظومة الاعتمادات المستندية فتحت متأخرة قبل أسبوع لتوريد السلع بعد خلاف بين الحكومة والمصرف المركزي بشأن زيادة رسوم مبيعات النقد الأجنبي. وحسب بيانات رسمية، تستورد ليبيا 85% من احتياجاتها من الخارج.
ومن جهته، قال المحلل الاقتصادي أبوبكر الهادي، لـ"العربي الجديد"، إن هناك العديد من الأسباب لاختفاء السلع، منها ما هو مرتبط بمصادر ووسائل توفيرها وتسويقها.
وأشار إلى أسباب عديدة لنقص السلع، منها إقبال المستهلكين على الشراء ووقف استيراد السلع والتأخر في فتح الاعتمادات المستندية، بالإضافة إلى عدم التدخل في الأسواق بتحديد سعر رسمي للسلع لدعم المستهلكين.
ويؤكد تجار جملة بسوق الكريمية، أكبر أسواق ليبيا، لـ"العربي الجديد"، أن هناك طلبا متزايدا واسع النطاق ولا توجد سلع موردة بشكل مستمر لتغطية احتياجات السوق.
يقول تاجر التجزئة بمدينة طرابلس رمضان قنطش، لـ"العربي الجديد"، إن هناك طلبات كثيرة على السلع من قبل المستهلكين في ظل مخاوف من كورونا ودخول شهر رمضان.
بينما يؤكد تاجر التجزئة رمضان الفطيسي، من مدينة غريان (87 كلم جنوب طرابلس)، لـ"العربي الجديد"، أن معظم المواطنين يتعاملون بالصكوك المصرفية بدلًا من الكاش بسبب نقص السيولة، مشيرا إلى زيادة السعر 30% لكل سلعة في حال التعامل بالصك المصرفي.
أما منسق حراك فزان بشير الشيخ، فيقول لـ"العربي الجديد"، إن مناطق الجنوب الليبي تعاني من أزمات معيشية صعبة، ولتر البنزين وصل سعره إلى دينارين.
ومن جانبه، يؤكد تاجر الجملة بطرابلس علي عرعارة، أن منظومة الاعتمادات المستندية متوقفة منذ 40 يومًا، ما تسبب في استنزاف جل المخزون الغذائي لدى صغار التجار.
وتعيش ليبيا ضائقة مالية كبيرة بسبب تهاوي إيراداتها النفطية في ظل تعطل معظم الحقول بسبب الحرب.
وكشفت المؤسسة الوطنية للنفط التابعة لحكومة الوفاق الوطني، أول من أمس، عن تراجع صادرات النفط الليبية 92.3%، وانخفاض المنتجات النفطية إلى الصفر خلال مارس/ آذار نتيجة توقف المصافي بسبب الإقفالات غير القانونية.