محللون يقللون من أهمية النمو الاقتصادي الأميركي

30 يوليو 2018
تأكيدات على أن عوامل النمو المحقق ظرفية واستثنائية (Getty)
+ الخط -
أعلنت وزارة التجارة الأميركية  عن نمو الناتج المحلي الإجمالي بمعدل سنوي 4.1% خلال الربع الثاني من عام 2018، ممهداً الطريق لمعدل نمو هذا العام سيكون الأفضل منذ حدوث الأزمة المالية العالمية في 2008، فيما يعزّز مزاعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب وفريقه الاقتصادي بأن سياساتهم الاقتصادية والمالية والتجارية  بدأت تؤتي ثمارها. 

وغرد ترامب  على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، معبراً عن سعادته بالأرقام التي صدرت يوم الجمعة، وقال: "لقد أنجزنا تحولاً اقتصادياً بنسب تاريخية".

وكعادته، لم ينس ترامب أن يكتب كلمة تاريخية بالحروف الكبيرة، وأضاف "العالم كله يحسدنا على اقتصادنا". ثم أمضى بقية اليوم في الهجوم على الديمقراطيين، مستمدّاً قوة دفع كبيرة من العديد من الأرقام الاقتصادية التي ظهرت مؤخراً، التي يبدو أنها ستكون أكبر داعم لحزبه في انتخابات التجديد النصفي المقرر لها في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الحالي، لكن ماذا عن المستقبل؟

وأظهرت أحدث الأرقام الصادرة عن الاقتصاد الأميركي حدوث العديد من الطفرات الإيجابية في الفترة الأخيرة، إذ انخفض معدل البطالة إلى 4%، وهو أقل مستوى له منذ ثمانية عشر عاماً، ولم يحدث إلا في فترات استثنائية في تاريخ الولايات المتحدة، كالفترات التي تلي الحروب.

كذلك ارتفعت معدلات التوظيف إلى أعلى معدلاتها، خاصة توظيف الأميركيين من أصول أفريقية أو لاتينية، وبلغت معدلات التوظيف في المصانع الأميركية أعلى معدلاتها في عقدين.

واعتبر ترامب أن هذه الأرقام الجيدة هي نتيجة مباشرة لسياساته، خاصة ما يتعلّق بالإعفاءات الضريبية، وزيادة الإنفاق الحكومي وكذلك فرض التعريفات الجمركية على الصين وأوروبا وكندا والمكسيك.
لكن تفاؤل ترامب لم ينسحب على بعض المحللين الذين اعتبروا أن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني جاء أقل من توقعات كثير من المحللين بصورة واضحة.

وأشار استطلاع للرأي أجرته وكالة بلومبرغ لمجموعة من الاقتصاديين، إلى توقعهم تحقيق معدل نمو 4.2%، بينما توقّعت جريدة وول ستريت جورنال معدل نمو 4.5%، في الوقت الذي توقع فيه ترامب شخصياً إمكانية وصوله إلى 4.8%.

من ناحية أخرى، رجّح مكتب الموازنة التابع للكونغرس الأميركي، ومجلس الاحتياط الفيدرالي "البنك المركزي الأميركي"، عدم استمرار معدل النمو عند هذا المستوى المرتفع في السنوات القليلة المقبلة.

واعتبرا أن ما تحقق في الربع الثاني كان في أغلبه بفعل عوامل لن تتكرّر مرة أخرى على المدى القريب، مثل قانون الإصلاح الضريبي وزيادة الإنفاق الحكومي، بالإضافة إلى تأثير زيادة استيراد المنتجات الأميركية خلال الربع الثاني بصورة استثنائية، بعدما عجلت بعض الدول من شرائها المنتجات الأميركية، قبل تطبيق التعريفات الجمركية الانتقامية عليها.

بدورها، اعتبرت مؤسسة بيتر غي بيترسون البحثية أن معدلات النمو المرتفعة التي تحققت لن تكتب لها الاستمرارية، وأرجعت ذلك بصفة أساسية إلى تقاعد أغلب من عرفوا باسم البيبي بومرز هذه الأيام، ويقصد بهم من ولدوا في الفترة بين أوائل ومنتصف الأربعينيات وحتى منتصف الستينيات، الذين تنسب إليهم كثير من النجاحات التي حققتها الولايات المتحدة في العقود الأخيرة.

إذ سيؤدّي تقاعد هؤلاء، وفقاً للمؤسسة البحثية، إلى انخفاض معدلات نمو القوى العاملة، وانخفاض معدلات مشاركة المرأة في سوق العمل. وأشارت المؤسسة إلى تقدير مكتب الموازنة التابع للكونغرس لمعدل نمو القوى العاملة في السنوات العشر المقبلة بنسبة 0.5%، بينما كان 1.7% في الفترة بين 1982-1990، و1% في الفترة من 1991-2007.

ومن ناحية أخرى، فقد توقّعت المؤسسة عدم حدوث تطورات تكنولوجية كبيرة في الفترة المقبلة، وبالتالي لن يكون ممكناً تعويض الانخفاض المتوقع في نمو سوق العمل بزيادة الإنتاجية، وهو ما تراه المؤسسة سبباً كافياً لانخفاض معدلات النمو في السنوات القليلة المقبلة، لتصل إلى 2.1% في عام 2023، ولتستمر حول ذلك المعدل حتى عام 2028.

وقال روبرت ميرفي، أستاذ الاقتصاد المساعد في كلية بوسطن، تعليقاً على التقرير، إن زيادة الطلب تمت على المدى القصير بسبب تخفيض الضرائب، لكن لا يمكن الحفاظ على استمراريتها.
دلالات
المساهمون