تذمر بالكويت من "الوكالات التجارية"

11 سبتمبر 2016
الكويتيون يكتوون بنار الغلاء بسبب الاحتكار (Getty)
+ الخط -
فور انهيار أسعار النفط وما تبعه من انخفاض في أسعار السلع عالمياً، اتجهت أنظار المستهلكين الكويتيين الى الوكالات المحتكرة للعلامات التجارية في البلاد، آملين خفض الأسعار، توازياً مع السوق العالمي وحركته، لكن المفاجأة كانت في أن الأسعار استمرت دون تغيير، وبعضها ارتفع، بشكل يراه الكثير من المستهلكين "غير منطقي"، مقارنة بدول العالم الأخرى.
وينص قانون تنظيم الوكالات التجارية في الكويت، على عدم جواز فتح أي شركة عالمية في أي قطاع تجاري لفروع في الكويت، دون الحصول على كفالة وكيل محلي، من حاملي الجنسية الكويتية، سواءً كان الوكيل شخصاً طبيعياً، أو اعتبارياً (مؤسسة تجارية) مما ساهم في تفشي الاحتكار وزيادة الأسعار، بسبب حصرية الوكيل بالحصول على المنتج وتلاعبه بالسعر كيفما شاء.
ويقول الخبير الاقتصادي سلطان العجمي لـ"العربي الجديد": إن قانون الوكالات ساهم في خلق طبقة طفيلية من التجار تأخذ أرباحاً جنونية، عبر بيعها لمنتجات العلامة التجارية الأصلية بأسعار خيالية تصل في بعض الأحيان إلى ضعف سعرها الحقيقي دونما رادع يردعها؛ كون المستهلك لا يجد هذه السلعة في أي مكان آخر، بسبب الاحتكار من قبل الوكيل، وإن استطاع إدخال سلعة معينة مثل سيارة من السيارات فإن قطع غيارها وكافة مستلزماتها غير متوفرة، إلا لدى الوكيل وبأسعار جنونية.

وأضاف: أدى غياب قانون تجريم الاحتكار وغياب الوكيل المنافس في الكويت إلى ترك المجال أمام الوكيل المحتكر لرفع السعر كيفما شاء، دون اعتراض من الناس؛ كونهم مضطرين للشراء منه، كما أن غياب المنافس أدى إلى تقاعس الوكيل في تقديم خدمة ما بعد البيع المطلوبة، حيث أن غالب الوكلاء يهمل العملاء ولا يقدم لهم عروضاً جيدة أو خصومات مميزة، كما تفعل الشركات الأم للعلامة التجارية في بلدانها.
ومرر البرلمان الكويتي قانوناً جديداً للوكالات هذا العام، لكنه كان قانوناً مخيباً للآمال كما يقول مراقبون اقتصاديون وقانونيون، حيث زاد هذا القانون من قبضة الوكيل على الوكالة التجارية، وقنن حرمان الشركة الأم من فتح فروعها في الكويت، إلا عبر وكيل.

وقال المحامي سعد الظفيري لـ"العربي الجديد": إن قانون الوكالات الجديد جاء لهدف معين كما بيّنت مذكرته التفسيرية؛ وهي مواءمة التطورات الحاصلة في الحركة التجارية والاقصادية التي تطورت تطوراً سريعاً، فالقانون جاء ليغير بعض الألفاظ، كما أنه جاء ليفصل بين التجار في خصوماتهم ونزاعاتهم التي حدثت بسبب قصور التشريع في القانون السابق، وخرج المستهلك من القانون بلا حمص سوى من جزئية بسيطة، وهي إلزام الوكالة التجارية بكفالة أي منتج يحمل علامتها التجارية، سواء كان المستهلك قد اشتراه من الكويت أم من خارجها.
وقال وزير التجارة والصناعة الكويتي الدكتور يوسف العلي لوكالة الأنباء الكويتية الرسمية "كونا": إن قانون تنظيم الوكالات هو جزء من منظومة تشريعية تتعلق بالعمل التجاري، وينظم العلاقة بين الوكيل والموكل؛ وهو غير معني بحق الأشخاص في استيراد السلع من الخارج.
من جهته قال الخبير الاقتصادي محمد الهاجري لـ"العربي الجديد": علينا أن نكون واقعيين في شرحنا لموضوع الوكالات التجارية في الكويت، أنا أرى أن إلغاءها غير ممكن، لكن المطلوب هو مراقبة الوكيل للتأكد من عدم تلاعبه في الأسعار مقارنة بالبلدان الأخرى، كما يتم فتح باب المنافسة لأكثر من وكيل كي تنخفض الأسعار بشكل إجباري.
وأضاف: الشركات الكبيرة تعلم أن السوق الكويتي سوق ليست بالحجم الكبير مقارنة بغيرها في المنطقة، فتقوم بوضع مقر إقليمي لها في دبي يتولى التوزيع في المنطقة؛ وهذا المقر الإقليمي يقوم بإعطاء الوكالة لأي تاجر كويتي.

فيما يقول الخبير محمد شفاقة لـ"العربي الجديد": إن أكثر قطاع يتم التلاعب في الأسعار فيه هو قطاع السيارات، حيث يصل سعر قطعة معينة من السيارة إلى أربعة أو خمسة أضعاف السعر الأصلي الذي تبيع به الشركة نفسها، وإذا أراد المستهلك جلب القطعة من الخارج؛ فإن إدارة الجمارك يحق لها قانونياً مصادرة القطعة؛ كونه لم يحصل على موافقة خطية من الوكيل.
وأضاف: هناك قطاعات يرفع فيها الوكيل أسعاره بدرجة جنونية أخرى أيضاً مثل الأزياء والمطاعم، حيث أن وجبة معينة من مطعم أميركي مشهور في الكويت هي أغلى بأكثر من ضعف سعرها في مقر المطعم الأصلي في نيويورك، وكل هذا راجع إلى عدم قدرة إدارة المطعم الرئيسية على الإشراف على فروعها بنفسها في البلاد.
وكانت العديد من دول الخليج، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والإمارات وعمان، قد ألغت اشتراط الوكيل المحلي في محاولة لكسر الاحتكار وتعزيز المنافسة.



دلالات
المساهمون