الركين..مهنة الأثرياء الجدد في القاهرة

25 ابريل 2015
تكدس سيارات في القاهرة (Getty)
+ الخط -
ما أن تصل بسيارتك إلى منطقة وسط البلد بالعاصمة المصرية القاهرة، حتى تحتار في إيجاد مكان لتوقف السيارة حتى انتهاء أعمالك، لكن بمجرد توقفك أمام أحد الأماكن التي تبحث فيها عن منفذ لـ"رشق" سيارتك، يباغتك أحدهم ملوحاً بإحدى يديه في إشارة لاتباعه.
إنه "الركين" أو السائس، الذي يعد من أبرز الظواهر، التي شهدت انتشاراً لافتاً في شوارع القاهرة الحيوية وميادينها، خلال الفترة الأخيرة.
وأضحت مهنة "الركين" بيزنس جديداً، يدر عائداً كبيراً، ولا يقتصر على فرد واحد، وإنما أصبحت هناك مجموعات من الأشخاص الذين يعملون سوياً ويسيطرون على منطقة أو شوارع بعينها، لا يتعدونها وفقا لاتفاقات عرفية مع نظرائهم، وفي أغلب الأحوال يبرمون صفقات مع أفراد من شرطة المرور والإشغالات، تسمح بعدم التضييق عليهم أو منح مخالفات للسيارات المتوقفة في مناطق نفوذهم، حتى ولو كانت تتوقف في نهر الطريق، مقابل منحهم نسبة من عائد توقف السيارات.
فلم يكن في مخيلة محمد محمود، الذي يعمل موظفاً حكومياً في إدارة شؤون العاملين بمجمع التحرير الإداري، في منطقة وسط البلد بالقاهرة، أنه سيعاني من ركن سيارته التي طالما حلم بشرائها، حتى يرتاح من متاعب المواصلات العامة وكثرة تنقلاته.
وفقا لمحمود يتكلف يومياً 20 جنيهاً (2.6 دولار) فى حال ركنه للسيارة في الشارع، حيث ينتشر "الركين" في كل شوارع وسط البلد، في حين تبلغ تكلفة ركنه للسيارة في جراج التحرير العمومي 30 جنيهاً (3.9 دولارات) يومياً.
اضطر الموظف الحكومي إلى تقديم كشف بمفردات مرتبه، وأرفقه بمصروفاته الشهرية من كهرباء ومياه وغاز وإيجار مسكن موثق بالفواتير إلى محافظة القاهرة، عله يحصل على تخفيض في قيمة اشتراك جراج التحرير إلى 250 جنيهاً شهريا (33 دولاراً) بدلاً من نحو ألف جنيه (131.2 دولاراً)، إلا أن طلبه قوبل بالرفض.
ويقول محمود إنه اتفق مع أحد حارسي العمائر القريبة من عمله، على أن يركن سيارته في مرأب المبنى مقابل 300 جنيه شهرياً بدلاً من الرضوخ لـ"الركين" الذي يستغل ظروفه في بعض الأيام، بخاصة أوقات الزحام الشديد ويساومه على مبالغ أكبر.
ويضيف أنه لا يمكن الاستغناء عن السيارة، واستقلال المواصلات العامة في ظل امتلاء الحافلات العامة وسيارات الأجرة بالأشخاص، فضلا عن ارتفاع الأجرة عقب قرار رفع سعر المحروقات بداية يوليو/تموز الماضي.
ويسكن محمود في أحد أحياء مدينة نصر شرق القاهرة، في حين يقع عمله قرب ميدان التحرير، فضلا عن حاجة عمله للكثير من التنقلات.

اقرأ أيضا: بائعة البخور..تركت التعليم بسبب فقر أسرتها

وفي بعض الحالات، يمتهن من يطلق عليهم "البلطجية" من مسجلي الخطر والإجرام في مصر مهنة "الركين"، التي تدر دخلاً يصل في بعض المناطق إلى ألف جنيه (131 دولاراً) يومياً للفرد الواحد، ما يدفع إسماعيل، الذي يعمل سائق تاكسي، إلى تمني ترك مهنته والعمل "ركيناً".
ويقول إسماعيل أن حصيلة عمله يومياً كسائق على سيارة أجرة تصل إلى 80 جنيهاً (10.5 دولارات)، بينما قد يحصل على أضعاف هذا المبلغ في حال العمل كسائس للسيارات.
لكن أحمد العزب، الذي يعمل "ركيناً" في منطقة قرب مقاهي البورصة بوسط القاهرة، يقول إن عدة أشخاص يتقاسمون معه حصيلته، منهم عنصر الشرطة المكلف بالمرور في المنطقة، وكذلك موظفو المحليات، مضيفا " هذا العمل أفضل كثيرا من البطالة أو من الاتجار في الممنوعات".
وبحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الحكومي، فإن عدد المركبات المرخصة في مصر يبلغ 6.8 ملايين مركبة.
وتتصدر القاهرة المرتبة الأولى بـ 2.03 مليون مركبة، بنسبة 29.6%، ثم الجيزة المجاورة للعاصمة بـ 836.1 ألف مركبة بنسبة 12.2%، ثم الإسكندرية على ساحل البحر المتوسط شمالا بـ 614.1 ألف مركبة بنسبة 8.9% من إجمالى المركبات.
ويقول صاحب سيارة إن السبب الرئيسي في انتشار ظاهرة "الركين" في كل شارع من شوارع القاهرة هو البطالة، وانخفاض عدد الجراجات العامة، وفي حال وجودها فإن قيمتها تكون مرتفعة. وتبلغ معدلات البطالة في مصر 13.1% من إجمالي 27 مليون فرد قادر على العمل.
وكان محافظ القاهرة جلال السعيد، قد أصدر مؤخراً قراراً بفتح الجراجات المغلقة في أسفل العمائر في المحافظة، لكن مسؤولاً في محافظة القاهرة، قال لـ "العربي الجديد"، إنه لا توجد أي إحصاءات بعدد الجراجات في العمائر. وأضاف الموظف، الذي فضل عدم ذكر اسمه، "خلال الـ 30 سنة الاخيرة، كان فساد المحليات هو السبب الرئيسي في ازدحام شوارع القاهرة، حيث الموافقة على إقامة عمائر يتجاوز ارتفاعها 18 طابقاً دون أن يكون هناك مرأباً لها".

اقرأ أيضا: سائق التوك توك..مهنة خريجي الجامعات والأطفال في مصر
دلالات
المساهمون