الأردن... تصعيد برلماني ضد الحكومة بسبب غاز الاحتلال

03 ابريل 2019
احتجاجات شعبية رافضة لاستيراد الغاز من الاحتلال (الأناضول)
+ الخط -

 

دخلت العلاقة بين الحكومة الأردنية ومجلس النواب مرحلةً جديدة من التصعيد والتوتر، في أعقاب رفض المجلس بالإجماع، يوم الثلاثاء الماضي، اتفاقية الغاز الموقعة بين الأردن وسلطات الاحتلال الإسرائيلي ومطالبتهم بإلغائها فوراً، بينما تعتبر الحكومة مطالب البرلمان خارجة عن إطار اختصاصاته.

وتواجه الحكومة أكبر مأزق منذ تشكيلها في يونيو/ حزيران من العام الماضي 2018، في أعقاب إقالة حكومة هاني الملقي على وقع الاحتجاجات الرافضة لرفع الأسعار والضرائب.

ووفق مصادر حكومية، ليس من السهل إلغاء الاتفاقية لوجود شروط جزائية تتجاوز قيمها مليار دولار، كما أن أعمال مد الأنبوب في شمال الأردن أوشكت على الانتهاء ما يعني كلفاً باهظة في حال تجميد المشروع.

في المقابل لا ترغب الحكومة في توسيع دائرة المواجهة مع مجلس النواب، الذي أعلن أكثر من مرة اعتراضه على أدائها ومطالبته لها بالاستقالة، وتزايد المطالب بحجب الثقة عنها، وفق نواب وخبراء اقتصاد.

ودعا المأزق الحالي الحكومة إلى الإعلان يوم الثلاثاء الماضي عن إحالة النزاع إلى المحكمة الدستورية لتحديد مدى صلاحية مجلس النواب بالنظر في مثل هذه الاتفاقيات والمصادقة عليها، إلا أن رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة قال إن المجلس يرفض الاتفاقية بغضّ النظر عن قرار المحكمة.

وقال مقرر لجنة الطاقة في مجلس النواب موسى هنطش لـ"العربي الجديد" إن "المجلس لن يرضى بأقل من إلغاء اتفاقية الغاز التي صوّت بالإجماع على رفضها الأسبوع الماضي، والهروب للمحكمة الدستورية لن يحمي الحكومة من موجة غضب النواب والشارع". وتتضمّن الاتفاقية شراء الأردن للغاز من الاحتلال الإسرائيلي لمدة 15 عاماً بقيمة مقدرة حوالي 15 مليار دولار.

وتقول الحكومة إنه ليس من حق مجلس النواب مناقشة والموافقة على اتفاقية الغاز، كونها تمت بين شركتي الكهرباء الوطنية ونوبل انيرجي الأميركية صاحبة امتياز الغاز في إسرائيل.

لكن الفقرة الثانية من المادة 33 من الدستور تنص على أن "المعاهدات والاتفاقات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدولة شيئاً من النفقات أو مساس في حقوق الأردنيين العامة أو الخاصة لا تكون نافذة إلا إذا وافق عليها مجلس الأمة (بغرفتيه النواب والأعيان)، ولا يجوز في أي حال أن تكون الشروط السرية في معاهدة أو اتفاق ما مناقضة للشروط العلنية".

وقال عبد الله العكايلة، رئيس كتلة الإصلاح النيابية، التي تضم نواب الحركة الإسلامية وشخصيات معارضة، إن عدداً كبيراً من النواب مستعدون لطرح الثقة بالحكومة في حال لم تتخذ قراراً بإلغاء شراء الغاز من الاحتلال الإسرائيلي.

وانتقد النائب نبيل غيشان لجوء الحكومة إلى المحكمة الدستورية، معتبراً أنها "تختبئ خلف المحكمة لاستصدار قرار يمكنها من تجاوز عقبة النواب".

وقال غيشان لـ"العربي الجديد" إن الشرط الجزائي الذي تتحدّث عنه الحكومة بالاتفاقية ربما غير صحيح كون الحكومة لم تعرض الاتفاقية على مجلس النواب رغم المطالبات المتكررة بتقديمها للمجلس.

وتتلاقى رغبات عدد من النواب بطرح الثقة بالحكومة بسبب قضية الغاز، مع انتقاد نواب عدم إعلان الحكومة حتى الآن عن نسبة الفقر، إذ ترجع الأرقام المتداولة إلى أكثر من 10 سنوات، فيما تشير التقديرات إلى بلوغها مستويات كبيرة.

وقال الخبير الاقتصادي حسام عايش لـ"العربي الجديد": "من الواضح أن اتفاقية الغاز مع الاحتلال الإسرائيلي ستؤجّج الأزمة بين الحكومة والنواب".

وأضاف أن "النواب يأخذون الأمر بكل اهتمام لعدة أسباب؛ أهمها تناغم قرارهم إزاء الاتفاقية مع الشارع الأردني الذي يواصل احتجاجاته ضد شراء الغاز من الاحتلال، وبالتالي لن يغامر النواب بثقة القواعد الشعبية، لا سيما أن الحديث عن احتمال حل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة يتزايد هذه الفترة بالتزامن مع عزم الحكومة تقديم قانون جديد للانتخاب".

ورأى أن "الحكومة ربما تدخل في مناورة مع النواب وامتصاص حدة الاندفاع النيابي لإلغاء الاتفاقية، إلى أن يتم فض الدورة العادية للمجلس التي ستنتهي في الثاني عشر من إبريل/ نيسان المقبل".

ولجأ الأردن في السنوات الأخيرة إلى إيجاد مصادر متعددة للطاقة، أهمها تنفيذ مشاريع كبرى في الطاقة الشمسية والطاقة المتجددة بشكل عام، واستيراد الغاز بواسطة البواخر وتخزينه في ميناء العقبة إلى جانب استئناف توريد الغاز المصري اعتباراً من العام الحالي.

وأعلنت وزيرة الطاقة الأردنية هالة زواتي، يوم الجمعة الماضي، أن العراق انتهى من الإجراءات التحضيرية لمد أنبوب نفط إلى الأردن، ما يتيح للجانب الأردني الحصول على احتياجاته من النفط الخام بأسعار تفضيلية.

المساهمون