حركة خجولة في أسواق غزة مع دخول السنة الدراسية

25 اغسطس 2016
سوق في غزة (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
يوم الأحد المقبل، يتجه طلبة الأراضي الفلسطينية إلى مدارسهم، مع انطلاق السنة الدراسية الجديدة، بعد نحو ثلاثة أشهر من الإجازة الصيفية، فيما لا تزال الأسواق المعنية بموسم كهذا، تشهد ركودا يتفاقم بسبب الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها سكان القطاع.

ويتحمل أرباب الأُسر الغزّية عبئًا ثقيلاً كل عام، جراء حاجتهم إلى شراء لوازم أبنائهم المدرسية، من ملابس وأحذية وقرطاسية وحقائب، في ظل معاناة غالبيتهم من انعدام فرص العمل ومصادر دخل ثابتة، وتأخر المساعدات التي توجّه لصرف رواتب موظفي الدولة.

حنان إبراهيم، اكتفت بالتجول داخل سوق الزاوية في مدينة غزة، متسائلةً عن أسعار الملابس المدرسية، فسوء الأحوال المعيشية التي تمر بها أُسرتها التي تعيش دون معيل، بعد وفاة زوجها، يجعلها تفكّر عشرات المرات قبل الشروع في أي عملية شراء مستلزمات ثلاثة من أبنائها ينتظمون في الصف الدراسي لهذه السنة.

وتقول إبراهيم لـ"العربي الجديد": "نعيش أوضاعًا اقتصادية صعبة، وأبنائي يطلبون ملابس جديدة لا أستطيع توفيرها، من يملك مُعيلا لأسرته يكاد لا يستطيع توفير كسوة لأبنائه كل عام، فكيف بمن فقد معيله؟".

أما ختام نايف، فترى أن أسعار الملابس المدرسية هذا العام لا تتناسب مع ظروفها المعيشية. صحيح أنها تجتهد لإسعاد ابنتها في المرحلة الثانوية، لكن أسعار الجلباب المخصص لمرحلة تعليمية كهذه تقترب من مائة شيكل (27 دولارا)، تلك أسعار تفوق قدراتها.

ولم يدفع سعر الزي المدرسي المرتفع وقلة مصادر الدخل، نايف إلى الرجوع عن قرار شراء الزي لابنتها، وتقول لـ"العربي الجديد": "الزي المدرسي لابنتي المقبلة على مرحلة تعليمية جديدة ضروري على الرغم من قلة المال، لأن زوجي موظف حكومي ولا يتقاضى إلا نصف راتبه بشكل غير مستمر".

من جهة أخرى، يوضح أيمن الشريف أنه يقصد السوق مصطحبًا أبناءه الأربعة، قبيل بدء الموسم المدرسي، لشراء اللوازم المدرسية لهم، على الرغم من سوء الأوضاع الاقتصادية، لكنه يُحاول جاهدًا تلبية طلب أبنائه وإلحاحهم على شراء ملابس مدرسية جديدة كل عام، لا أن يُكملوا عامًا آخر بتلك القديمة.

ويشير الشريف، لـ"العربي الجديد"، إلى أن الأسواق مليئة بالحاجيات المدرسية في هذا الوقت من كل عام، لكن الظروف الاقتصادية الصعبة تكون عائقًا أمام الكثير من الأُسر الفلسطينية لتوفير الكِسوة المدرسية الجديدة لأبنائهم مع بداية كل عام دراسي جديد، مضطرين إلى تمضية عام آخر بملابس استخدموها خلال عامهم الماضي.

أسباب أخرى كانت عائقًا أمام المواطنة أميرة هاشم لشراء ملابس أولادها المدرسية، حيث تقول إنها لا تريد الاستعجال في شراء الملابس المدرسية لأبنائها الثلاثة الملتحقين بالمدارس الحكومية، بعد تلميح وزارة التعليم الفلسطينية إلى إمكانية تغيير الزي المدرسي الموحد للطلبة الفلسطينيين.


وتوضح هاشم، لـ"العربي الجديد"، أنها بعدما سمعت قرار وزارة التربية والتعليم العالي بتغيير الزي المدرسي خلال العام بعد القادم، قررت عدم شراء ملابس جديدة لأبنائها هذا العام في ظل الظروف الاقتصادية السيئة، وجعلهم يتقدمون للعام الجديد بالزي الذي اقتني العام الماضي، وتوفير كلفة الكسوة الجديدة إلى حين الكشف عن الزي المدرسي الجديد.

وكانت وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية قد أعلنت، في وقت سابق، عن نيتها تغيير الزي المدرسي للمدارس الحكومية في عام 2018/2017، في إطار سعيها إلى إعطاء فرصة للبائعين وأصحاب المحال التجارية للاستفادة مما تبقى من الزي القديم خلال العام القادم 2017/2016.

وحسب أسر فلسطينية، "سيبدأ العام الدراسي الجديد في حالة من الركود الاقتصادي في قطاع غزة، حيث إن ظروف الحصار وانتشار البطالة وعدم وجود فرص العمل، ناهيك عن أن الموسم المدرسي يأتي في فترة سبقها موسم عيد الفطر، وقُرب حلول عيد الأضحى، ما يُشكل هاجسًا لدى الفلسطينيين من كثرة المصاريف التي تتطلبها تلك المواسم".

في حين يرجع ضعف رواج الأسواق المدرسية إلى كون العديد من الغزّيين من يعتمدون في جل مصاريفهم ومعيشتهم على المساعدات التي يتقاضونها من الشؤون الاجتماعية والمؤسسات الخيرية، والتي تتأخر أحيانًا، كما أنها لا تُلبي احتياجات الأُسر الفقيرة.

من جانب آخر، لم تشفع العروض التي يقدمها البائع زكريا حبوش، من خلال عرض حقائب مدرسية وقرطاسية للبيع بسعر أقل من غيره في المحال التجارية الأخرى، لزيادة الإقبال على شراء بضائعه، وهو ما يرجعه إلى سوء الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها القطاع.

ويوضح حبوش، لـ"العربي الجديد"، أنه في كل عام يقوم بإجراء بعض الحسومات على أسعار الحاجيات المدرسية، ويكون الإقبال مقبولاً، لكن الإقبال لا يزال ضعيفا نسبيا هذا العام، على حد قوله.

من جهة أخرى، يبيّن فؤاد طافش أنه عبّأ محاله بالملابس المدرسية على أمل أن تعود عليه بأرباح زيادة عن العام الماضي، لكن موسم العيد الذي يسبق ويلي موسم المدارس، يكون عاملاً على ضعف وتردد الناس في شراء الملابس المدرسية لأبنائهم، إضافةً إلى سوء الأحوال الاقتصادية بشكل عام.

ويشير طافش إلى أن أسعار القمصان المدرسية انخفضت بنسبة محدودة عن العام الماضي، إذ يصل سعر القميص المدرسي الواحد إلى 35 شيكلاً مقابل 40 شيكلاً العام المنصرم، إلا أن إقبال الناس على شراء الملابس المدرسية يبقى الأضعف على مدار الأعوام الماضية.

ويتابع طافش، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الكثير من الأسر الفلسطينية تعيش على المساعدات الخيرية، إذ يُعتبر تأخرها في بعض الأحيان عاملاً على ضعف إقبال الغزّيين على الأسواق المدرسية، موضحًا أنه في أحسن الأحوال يجني رُبع ما كان يجنيه في العام الماضي خلال موسم المدارس.

أمَا البائع أحمد الشُرفا، فيعرب عن امتعاضه من ضعف إقبال الغزّيين على شراء الملابس المدرسية، إذ يُرجع أسبابها إلى تأخر صرف "شيك" الشؤون الاجتماعية للأسر الفقيرة في غزة، متوقعًا زيادة الحركة النسبية على شراء الملابس المدرسية خلال نهاية الأسبوع الحالي نظرًا لأن بداية الأسبوع المقبل سوف تشهد بداية العام الدراسي الجديد.

ويضيف الشرفا أن التجار يراعون الأوضاع الاقتصادية الصعبة للفلسطينيين في غزة، وعلى الرغم من انخفاض الأسعار بشكل محدود عن العام الماضي، إلا أن حركة البيع والشراء ضعيفة لحد ما، متمنيًا أن يكون صرف شيك الشؤون الذي تأخر لمطلع الأسبوع المقبل، فاتحة الرزق على محله التجاري وغيره.

 

دلالات
المساهمون