المستهلك المصري ضحية صراع المستوردين والصناع

26 فبراير 2016
تقييد الاستيراد يرفع أسعار السلع (Getty)
+ الخط -
تفاقمت الحرب بين المستوردين والصناع حول قرارات تقييد الاستيراد، التي أصدرتها الحكومة المصرية مؤخراً بسبب شح الدولار، حيث تبادل الطرفان اتهامات بالإضرار باقتصاد البلاد، في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار معظم السلع ما يخضع المستهلك لضغوط معيشية متزايدة.
وما أشعل الصدام بين الطرفين هو سعي وزارة الصناعة والتجارة المصرية إلى حشد تأييد المنظمات الممثلة للصناع، في خلافها الأخير مع التجار، بشأن قيود فرضتها الحكومة منذ يناير/كانون الثاني الماضي للحد من الاستيراد في ظل شح مواردها من العملة الصعبة.
ومن بين هذه القيود زيادة الجمارك على نحو 614 سلعة بنسبة تتراوح بين 5% و40%، وأصدرت وزارة الصناعة قراراً بإنشاء سجل للشركات المعتمدة التي تستورد منها مصر سلعا وأدوات، كما طالب البنك المركزي المصارف بالحصول على تأمين نقدي بنسبة 100% بدلاً من 50% على عمليات الاستيراد التي تتم لحساب الشركات أو الجهات الحكومية.
وفي إطار احتدام الصراع بين الطرفين، رأى المؤيدون للقرارات الحكومية أن هذه الخطوة تصب في صالح الاقتصاد.
وقال رئيس الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين، محمد فريد خميس، لـ"العربي الجديد"، إن القرارات، التي اتخذتها الدولة مؤخراً، جاءت في وقت مهم للاقتصاد.
وأضاف خميس "نحن في حاجة إلى مثل هذه الخطوات للحد من الانفلات العشوائي لاستيراد منتجات متدنية الجودة، تؤثر سلباً على الصناعة المحلية".
وفي نفس السياق، قال رئيس اتحاد الصناعات المصرية، وعضو مجلس النواب، محمد السويدي، لـ"العربي الجديد"، إن هذا القرار هو أكثر القرارات إنصافاً للمستهلك المصري البسيط، موضحا أنه جاء لحماية السوق من السلع الرديئة وغير معلومة المصدر.
ولفت إلى أن هذه الإجراءات لا تضر المستورد الملتزم. وأضاف أن هذا القرار يحدد هوية السلع، التي تدخل البلاد، ويعتبر مثل بطاقات الهوية، حيث أنه لا يمكن أن يدخل شخصاً ما أية دولة دون وجود أوراق تثبت تحمل بياناته، وكل دول العالم تطبق هذا القرار، مشيراً إلى أن مصر تأخرت كثيرا في تطبيقه.
وأكد أن المواطن يشتري السلع غير الغذائية المستوردة عدة مرات في العام الواحد، نظراً لرداءة جودتها، في حين يبقى المنتج المحلي فترات طويلة، مما يوفر على المستهلك مبالغ كبيرة على المدى الطويل.
وفي المقابل، قال ممثلو المستوردين والتجار إن قرارات تقييد الاستيراد تم تحريكها من جانب طرف واحد من أطراف السوق، وتجاهلت الأطراف الأخرى، ومنها المستهلك، وبالتالي فإنها لا تصب في المصلحة العامة وتقضي على المنافسة وتجويد المنتجات، حسب تعبيرهم.

وقال عضو شعبة المستوردين ونائب رئيس شعبة الأدوات المنزلية في الغرفة التجارية، فتحي الطحاوي، لـ"العربي الجديد"، إن القرارات المقيدة للاستيراد، تضر بالمصلحة الوطنية. وتستورد مصر بنحو 62 مليار دولار، حسب الإحصائيات الرسمية.
وأشار إلى اعتراضات من بعض الدول على الإجراءات الأخيرة، ومنها اعتماد مصانعها، كما حدث مع الأردن التي هدّدت بالتعامل بالمثل.
وكانت وزارة الصناعة والتجارة قد أصدرت قراراً في مطلع يناير/كانون الثاني الماضي بوضع ضوابط لاستيراد مجموعة من السلع، تتضمن إنشاء سجل في هيئة الرقابة على الصادرات والواردات، تسجل فيه المصانع المصدرة لمصر، بناء على شروط محددة، تشمل "إقرار المصنع بقبول التفتيش من قبل فريق فني، للتأكد من استيفاء معايير البيئة وسلامة العمل".
ورأى الطحاوي أن القيود على الاستيراد يخلق سوقاً احتكارية ويسلم الأسواق إلى مجموعة من رجال الأعمال، الذين يتلاعبون بالأسواق، ويهدد باختفاء بعض السلع من السوق، وزيادة الأسعار.
وحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الحكومي، ارتفعت نسبة التضخم إلى نحو 12%.
وقال إن السلع المنتجة محلياً شهدت ارتفاعا بعد تطبيق زيادة الجمارك، مثل الحديد الذي ارتفع 150 جنيهاً للطن، كما زادت الأدوات المنزلية بنسبة 25 %، ومع بدء تطبيق قرارات وزير الصناعة حسب الموعد المقرر في مارس/آذار، ستحدث موجة تضخمية كبيرة، قد تؤدي إلى ثورة شعبية.
وانتقد رئيس شعبة المستوردين، أحمد شيحة، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إجراءات تقييد الاستيراد، مؤكداً أنها مخالفة لكافة الاتفاقيات الدولية والثنائية التي وقعتها مصر مع دول أجنبية وعربية، وستؤدي إلى إغلاق شركات استيراد، واختفاء العديد من السلع المهمة من الأسواق، مثل الساعات والدراجات وأدوات منزلية، رغم أنه لا يوجد مثيل لها، ما يعد تعزيزاً للاحتكار.
لكن الحكومة تقول إن مبالغ ضخما من العملات الأجنبية يتسرب لتمويل ما وصفتها بأنشطة تجارية مزوة، مشيرة إلى أنها اتخذت والبنك المركزي عدداً من الإجراءات المبدئية لإدارة هذا المشهد جاءت في صورة زيادة التعريفة الجمركية، وهي إجراءات نمطية متعارف عليها في مختلف البلدان التي تنشأ فيها ظروف طارئة أو اقتصادية صعبة يطول أمد التعامل معها.
وفي ظل هذه الأجواء بدأ تجار في حجب السلع لديهم، ترقبا لارتفاع محتمل في الأسعار، وفق مواطنين، مما يزيد من حالة القلق في الأسواق.


اقرأ أيضا: تراجع تحويلات المغتربين المصريين يفاقم أزمة الدولار
المساهمون