قال المدير التنفيذي للمجلس الدولي للزيتون عبد اللطيف غديرة، إن الاستثمار في قطاع الزيتون يعرف تطوّرا ملحوظا. وأكد في مقابلة مع "العربي الجديد" أن المجلس منظمة حكومية دولية للدول المُصدرة والمنتجة للزيتون. وفيما يلي نص الحوار:
- تعرف أسعار زيت الزيتون في السوق العالمية تذبذبا كبيرا في السنوات الأخيرة، ما يؤثر بشكل مباشر على اقتصاديات الدول المنتجة والمصدرة، فما هي أسباب هذا التذبذب، وأي دور للمجلس في تثبيت الأسعار؟
سعر الزيت في السوق العالمية يخضع كأي منتج آخر إلى قاعدة العرض والطلب، وتذبذب الأسعار مرده أيضا تذبذب في الإنتاج فرضته التغيرات المناخية، ذلك أن أغلب الدول المنتجة تعرف مشاكل مناخية (جفاف وسيول) تؤدي حتما إلى عدم انتظام الإنتاج.
وسعر زيت الزيتون في السوق العالمية يحدد بعاملين رئيسيين وهما حجم الإنتاج العالمي وحجم مخزون الزيت، ذلك أن ارتفاع المخزون دون مواكبة لزيادة الطلب أو الاستهلاك يمكن أن يطرح إشكالا لدى الدول المنتمية للمجلس الأعلى للزيتون والتي توفر 96% من الإنتاج العالمي من السلعة.
ومنذ موسم 2013 /2014 شهد إنتاج الزيت طفرة كبيرة بزيادة سنوية تتراوح بين 19% و35%، قبل أن يتراجع هذا المنحى بداية من الموسم قبل الماضي الذي نزل فيه الإنتاج بـ 5% ثم 2% في العام الماضي.
وزيادة إنتاج الزيت تبعها أيضا تضخم في المخزون العالمي الذي مرّ من 376 ألف طن في موسم 2017 /2018 إلى 1020 ألف طن في موسم 2018 /2019.
وبناء عليه فإن السعر يحدد في السوق العالمية بزيادة الطلب على الاستهلاك وقدرة الدول المنتجة على توفير منتج ذي جودة عالية لتسويق منتجاتها بأسعار جيدة.
- نرجو إلقاء الضوء على دور المجلس الدولي للزيتون في تعديل الأسعار وحماية الدول الأعضاء من تذبذب الأسعار؟
المجلس يقوم بدراسات خماسية وأخرى سنوية حول تطور السوق لمساعدة الدول الأعضاء على وضع استراتيجيات للإنتاج والتصدير، وهو أيضا يقوم بدور مهم في فتح أسواق جديدة للمصدرين والتعريف بمزايا وقيمة "الذهب الأخضر" في الدول التي لا يزال معدّل الاستهلاك فيها ضعيفا، كما يتولى المجلس "تعبيد الطريق" أمام المصدرين لدخول هذه الأسواق بمنتجات تتماشى وخصوصيات كل سوق عبر الدراسات التي يقوم بها.
- ما تأثير عدم استقرار سوق الزيت العالمية على الاستثمار في هذا القطاع الذي يمثل عمودا فقريا في اقتصاديات عدة دول ومنها تونس؟
الاستثمار في قطاع الزيتون يسجّل نموا سنويا في حدود 5%، وهناك توجه عالمي نحو زيادتها تماشيا مع توسع أفق الاستهلاك، وهو أمر مطمئن لاقتصاديات الدول التي يحتل زيت الزيتون مرتبة متقدمة في صادراتها الغذائية على غرار تونس وإسبانيا وإيطاليا واليونان ومصر التي أعدت مؤخرا خطة لزراعة 110 ملايين شجرة زيتون جديدة.
- تحدّثت عن ضعف الاستهلاك في دول كبرى ، بما تفسّر ذلك؟
فعلا الدراسات التي قام بها المجلس الدولي للزيتون أثبتت ضعف الاستهلاك في دول كبرى وذات قدرة إنفاق عالية لعدم معرفة مزايا زيت الزيتون الذي يعدّ منتج رفاهية في بعض الدول وكذلك عدم قيام الدول المصدرة بالمجهود التسويقي اللازم للتعريف بهذا المنتج.
غير أن ضعف الاستهلاك يمكن أن يتحوّل إلى نقاط قوّة للدول المصدرة، ذلك أن السوق الأميركية مثلا لا تستورد إلا 320 ألف طن من الزيت، وقد كشفت الدراسات أن ثلث الأسر الأميركية فقط تعرف زيت الزيتون.
وواردات السوق الصينية كذلك لا تتجاوز 5% من العرض العالمي للزيت، والشيء نفسه بالنسبة للسوق الروسية التي لا تتعدى وارداتها 2% واليابان 7% وأستراليا 3%.
- ماذا عن الاستهلاك في الدول المنتجة؟
الاستهلاك في الدول المنتجة يحكمه السعر في السوق المحلية في أغلب الأحيان وهو استهلاك يتسم بالاستقرار عادة.
- يتعرّض زيت الزيتون التونسي في السنوات الأخيرة إلى عراقيل كبيرة من المنافسين الأوروبيين بتشكيك في جودته والتضييق على صادراته، ما يؤثر سلبا على المنظومة بأكملها، فما هي مقترحات المجلس للحكومة لتجاوز هذه الصعوبات؟
المجلس الدولي للزيت لا يتدخل في استراتيجيات الدول الأعضاء ويقف على نفس المسافة من جميع الدول المكونة للمجلس، غير أن تونس في حاجة إلى مراجعات عميقة في استراتيجيات قطاع الزيتون لمواكبة التطورات المتسارعة للسوق العالمية حتى تحافظ على مكانتها في هذه السوق.
- زيتون دول البحر المتوسط، وتونس واحدة من هذه الدول، مهدد بفقدان "هويته" نتيجة دخول شتلات جديدة قد تؤثر مستقبلا على القدرة الإنتاجية لهذه الدول وجودة الزيت، فأي دور للمجلس في حماية الهوية؟
المجلس الدولي للزيتون بصدد إحصاء الشتلات في الدول المنتجة وتحديد هوية كل صنف وقد تقدمنا في هذا المشروع بنسبة كبيرة حيث تم إحصاء 1700 شتلة تم تحديد هوية 1000 منها وضبط خصائصها ومميزاتها، وهذا المشروع سيساعد بشكل كبير على تأصيل الشتلات ذات القدرة الإنتاجية العالية في البلدان الأعضاء.