كشف عضو مجلس النواب المصري، أحمد الطنطاوي، صرف وزارة المالية ما يقرب من 100 مليار جنيه (5.7 مليارات دولار تقريبا) من دون العودة للبرلمان، مطالباً بتقديم استجوابات ضد الحكومة، وتشكيل لجان تقصي حقائق، وإحالة بعض المسؤولين للنيابة العامة، لأن الحكومة خالفت المادة (124) من الدستور، بإدخال تعديلات على استخدامات موازنة الدولة للعام المالي المنقضي 2017/ 2018 بصورة منفردة.
ونص الدستور المصري على أن "يشمل تقرير الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة كافة إيراداتها، ومصروفاتها، من دون استثناء، وعرض مشروعها على مجلس النواب قبل تسعين يوماً على الأقل من بدء السنة المالية، ولا تكون نافذة إلا بموافقته عليها.
وتجب موافقة المجلس (البرلمان) على نقل أي مبلغ من باب إلى آخر من أبواب الموازنة، وعلى كل مصروف غير وارد بها، أو زائد على تقديراتها، وتصدر الموافقة بقانون.
وقال الطنطاوي، في جلسة مناقشة الحساب الختامي لموازنة العام المالي 2017 /2018، مساء الأحد، إن وزير المالية مشغول طوال الوقت بالحصول على شهادات اعتماد من المؤسسات الدولية للحصول على مزيد من القروض الخارجية، بينما لا يهتم بالحصول على شهادة اعتماد من المواطن المصري، مشيراً إلى أنه لم يرد بشكل فني على ملاحظات لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، وإنما اتجه لإلقاء خطبة عصماء أمام النواب.
وأضاف الطنطاوي أن "ما جاء في الحساب الختامي للموازنة المنقضية انتهك أبسط حقوق المواطنين، فالديون تتفاقم عاماً بعد عام، وتجاوزت حدود الخطر الاقتصادي، ووصلت إلى مرحلة تهديد السلم الاجتماعي، والتدخل في سيادة القرار الوطني"، مستطرداً "ما تتعلل به الحكومة في مسألة خفض العجز الأولي لم يحدث من خلال حلول حقيقية، وإنما جاء بسبب تثبيت أجور العاملين في الدولة، والمعاشات، وخفض بنود الدعم".
وتابع: "تقارير وتوصيات البرلمان بشأن الحساب الختامي للعام المالي 2017 /2018، وكذلك تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، سيكون مصيرها الأدراج، وإعادة عرضها كما هي في موازنة 2019/ 2020 التي ستصل للبرلمان قبل نهاية مارس/ آذار الجاري"، مضيفاً "البرلمان الحالي لن يناقش غير حساب ختامي واحد آخر، لانتهاء الدورة التشريعية في 2020، ومن المتوقع ألا يختلف حساب العام القادم عن الحساب الحالي".
وختم الطنطاوي بالقول: "من أمن العقوبة أساء الأدب"، ما أثار غضب رئيس البرلمان، علي عبد العال، الذي قرر حذف الجملة من مضبطة الجلسة، زاعماً أن التوسع في الاقتراض لم يكن عقبة أمام أي اقتصاد في العالم، لأنه لا توجد دولة لا تقترض، بما في ذلك الدول صاحبة الاقتصاديات الكبرى، تحت ذريعة أن الاقتصاد السياسي لا بد أن يقرأ كاملاً، ولا يقرأ في اتجاه واحداً.
وقال عبد العال: "عجز الدين العام لا يمثل أزمة، طالما أن هناك قوة اقتصادية، ويوجد بعض الدول التي تطالب بالاقتراض منذ عامين بفوائد أعلى من مصر، وترفض المؤسسات المالية منحها القروض، لأن قوتها الاقتصادية تشكك في قدرتها على دفع الديون"، مستطرداً "اقتصاد مصر قوي، ومن لا يعرف ذلك عليه أن يدرس النظرية الاقتصادية من جديد، فلا يمكن النظر للاقتراض، وإهمال باقي الملفات الاقتصادية"، بحسب تعبيره.
وتابع: "ما تقوم به مصر في السنوات الأخيرة من إصلاح اقتصادي غير مسبوق، وتطوير للبنية التحتية لجذب الاستثمارات، يؤكد أنه لأول مرة منذ عام 1952 يكون هناك إصلاح اقتصادي بإعادة بناء البنية الأساسية، على غرار اليابان وكورية وألمانيا، عكس ما كان يحدث خلال الثلاثين عاماً الماضية، إذ لم يكن هناك طرق أو جسور مؤهلة وقوية، أو إصلاح لمرفق السكك الحديدية"، على حد تعبيره.
من جهته، قال وزير المالية، محمد معيط، إن موازنة العام المالي الجديد 2019 /2020 ستشهد طفرة حقيقية في أجور العاملين في جهاز الدولة، مدعياً أن الحكومة تسعى نحو تحقيق إصلاحات جذرية، من خلال ترجمة برنامج الإصلاح الاقتصادي في زيادة معدلات النمو، وخفض معدل التضخم، باعتباره أمراً مهماً بالنسبة للمواطن، لأن انخفاض التضخم يتبعه تراجع في أسعار السلع والخدمات.
وأضاف معيط أن السياسات الاقتصادية السليمة تصب في مصلحة المواطن، لأن ارتفاع معدلات النمو إلى نسب مثل 7 أو 8% يعني توفير من 700 إلى 900 ألف فرصة عمل، مشيراً إلى أن النمو يحتاج إلى القضاء على العجز في الموازنة، وهو ما بدأ بتحقيق فائض أولي في 30/6/2018 تُقدر نسبته بنحو 0.1% بقيمة 4 مليارات جنيه، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 2% في العام المالي 2019 /2020، من دون حساب خدمة الدين.
وأفاد بأن مجلس النواب كان شريكاً أساسياً مع الحكومة في برنامج الإصلاح الاقتصادي، وتحملا معاً المسؤولية في لحظة تاريخية، مستدركاً بالقول: "الاقتصاد المصري خرج من الوضع الصعب، بعد أن انخفضت خدمة الدين من 108% إلى 98% ثم إلى 93%، وتسعى الوزارة (المالية) لتحسين مؤشرات الدين في العام المالي المقبل، من خلال الوصول إلى نسبة 89%".
وأنهى وزير المالية حديثه قائلاً: "الولايات واليابان من أكبر الدول المستدينة، ولكن تمتلك اقتصادياً قوياً، وناتجاً قومياً قادراً على الوفاء بالالتزامات، وتقديم الخدمات، وتوفير فرص العمل... وارتفاع معدلات النمو ينعكس إيجاباً على تمويل المشروعات، وهو ما سيشعر به المواطن بتحسن تدريجي مع الوقت، خصوصاً أن مؤسسات التصنيف الائتماني أظهرت تحسن مؤشرات مصر مرتين خلال عام واحد من ضمن 4 دول"، حسب قوله.
(الدولار= 17.4 جنيهاً تقريباً).