كشف مسؤول عراقي في تصريحات لـ"العربي الجديد"، عن تلقي رئيس الوزراء عادل عبد المهدي رسائل عدة من خبراء مال وبرلمانيين عراقيين يحذرون من خطوة إنشاء المدن الصناعية المشتركة مع إيران، وكذلك تأسيس الساحات الحرة بين البلدين، معتبرين أن المستفيد الأول سيكونإيران.
وأكدت رسائل خبراء المال والبرلمانيين للمسؤول العراقي أن هذه المدن ستقضي على أي محاولات لإعادة إحياء القطاعين الصناعي والزراعي في العراق.
ووفقا للمسؤول الذي رفض ذكر اسمه، فإن رئيس الوزراء يدرس حاليا طلبات تأجيل إنشاء المدن المشتركة رغم توقيع الاتفاق مع إيران لحين تشكيل لجنة متخصصة للنظر بتلك الاعتراضات.
وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد زار العراق مطلع شهر مارس/ آذار الماضي، على رأس وفد رفيع المستوى، وجرى خلال الزيارة توقيع 22 اتفاقية مشتركة بين البلدين غالبيتها ذات أبعاد تجارية واقتصادية، من أبرزها الاتفاق على استثمار حقول النفط المشتركة وإنشاء مدن صناعية على حدود البلدين، واتفاقيات أخرى، حسب ما أعلنه رئيس الوزراء العراقي حينها في مؤتمر صحافي مشترك مع روحاني.
من جانبه، قال رئيس ائتلاف الوطنية النائب كاظم الشمري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "ما يثير القلق هو أن الوضع الاقتصادي في البلاد لا يزال ريعياً، الأمر الذي تسبب في زيادة البطالة بنسبة كبيرة بين العراقيين، وخصوصاً أن القطاعين الزراعي والصناعي مشلولان وسيفاقم وضعهما المتدهور إنشاء المدن الصناعية المشتركة مع إيران، حيث سيؤدي إلى تراجع الإنتاج".
وأوضح الشمري أنّ "إيران تبحث عن مصالحها، وعلى العراق أن يبحث عن مصالحه أيضا، سواء من خلال علاقاته مع طهران وتركيا والأردن والكويت وكل دول الجوار والعالم".
وأضاف: "يجب أن تقوم جميع الاتفاقيات على أساس تبادل المصالح"، مشيراً إلى أنّ "انفتاح العراق على العالم العربي ودول الجوار مهم ولكن يجب أن يكون في إطار تحقيق المنفعة للاقتصاد الوطني".
وقال عضو غرفة تجارة بغداد مسعود السلامي، لـ"العربي الجديد"، إن تحفظ القطاع الخاص في العراق، واعتراض الخبراء على موضوع المدن الصناعية المشتركة نابع من عدم قدرة الأسواق العراقية على منافسة المنتج الإيراني في ظل ضعف القطاعات الإنتاجية.
وأكد السلامي أن الصناعة الإيرانية تُغرق السوق العراقية، ومثل هذه المدن لن تقدم شيئا سوى نجاح طهران في إعفاء بضائعها الصناعية من الرسوم أو الضرائب، وبذلك تسيطر على السوق العراقي وتقضي على كل منافسيها تماماً".
وحسب السلامي فإن مثل تلك الاتفاقيات تحدث بين دول صناعية كل واحدة منها لديها ما تقدمه لتحقيق المنفعة المتبادلة.
من ناحيته، قال الخبير في الشأن الاقتصادي العراقي حسين جاسم الفتلاوي، لـ"العربي الجديد"، إن الحديث عن المدن الصناعية المشتركة مع إيران أمر يتطلب وقتاً لكي يكون واقعا، فمثل هذه المشاريع يحتاج مبالغ مالية وإنشاءات ولجانا تتفق على تلك المدن وما ستحوي كل واحدة منها، وعلى أي أساس سيتم اعتمادها والجهات التي ستسوق لها، لذا أعتقد أن الأمر قد يستغرق سنوات طويلة، والضجة الحالية دوافعها سياسية.
وأضاف: "أعتقد أن وجود مدينة صناعية مشتركة أو اثنتين ينفع السوق العراقية في حال تم الاتفاق على نوع بضائع معين يخدم الأسواق المحلية ولا يتخمها بالمعروض من سلع تصنع محلياً".
وتتمتع كل من بغداد وطهران بعلاقات اقتصادية قوية، وتوقع السفير الإيراني في بغداد إیرج مسجدي، في تصريحات سابقة، أن يبلغ حجم التبادل التجاري بین العراق وإيران خلال السنوات القليلة القادمة 20 ملیار دولار سنویا؛ مشیرا إلى أن حجم التبادل يبلغ 13 ملیار دولار حالیا.
وإيران، التي تعتبر ثاني أكبر مصدر للعراق لمنتجات تبدأ من الأجهزة الكهربائية مرورا بالخضار ووصولا إلى السيارات والغاز، تعاني من عقوبات أعاد الأميركيون فرضها في أعقاب انسحاب أحادي الجانب لواشنطن في عام 2018 من الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه عام 2015.
وقفزت صادرات السلع الإيرانية إلى العراق وتركيا بنسبة 50% خلال الأشهر العشرة الأولى من العام المالي في إيران، الذي يبدأ في 20 مارس/ آذار، مقارنة بالفترة نفسها من العام المالي الماضي، وفقا لإحصاءات رسمية نشرتها وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" في فبراير/ شباط الماضي.