أثار إعلان شركة الكهرباء الوطنية المملوكة بالكامل للحكومة الأردنية، بدء الضخ التجريبي للغاز الطبيعي المستورد من الاحتلال الإسرائيلي بداية العام الجديد 2020، استياءً عاما في الشارع الأردني ومجلس النواب لعدم استجابة الحكومة للمطالبات المتكررة بإلغاء اتفاقية الاستيراد وعدم التعامل اقتصادياً مع إسرائيل.
وجاء إعلان شركة الكهرباء، الأحد الماضي، بعد أيام قليلة من تصريحات رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة، التي كشف فيها عن إعداد مشروع قانون لإلغاء الاتفاقية، ما أعطى مؤشراً على موافقة الحكومة على التراجع عن استيراد الغاز من إسرائيل والاستجابة لرغبات الشارع والنواب والنقابات والأحزاب.
وقال موسى هنطش، مقرر لجنة الطاقة في مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "الأسبوع المقبل سيكون حاسماً بشأن اتفاقية الغاز مع الاحتلال الإسرائيلي بسبب إصرار الحكومة على تنفيذ الاتفاقية متجاهلة مطالب الشارع وقرارات مجلس النواب الصادرة حيالها، وكان آخرها في مارس/آذار الماضي عندما صوت النواب على رفض الاتفاقية".
وأضاف هنطش أن "عدداً من النواب وقعوا على مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة ومن المتوقع ارتفاع عدد الموقعين عليها الأسبوع المقبل، بسبب عدم تراجع الحكومة عن الاتفاقية، التي باتت حملا ثقيلاً على الدولة الأردنية ولابد من التخلص منها مهما كان الثمن".
وتابع أنه رغم الإعلان عن بدء توريد الغاز من قبل الكيان المحتل العام المقبل، إلا أن اللجنة القانونية في مجلس النواب تعمل على إعداد مشروع قانون يمنع التعامل وإبرام اتفاقيات اقتصادية مع إسرائيل على الإطلاق، ما يعني توفير الغطاء القانوني للنواب لإلغاء الاتفاقية الموقعة مع الاحتلال.
وأشار إلى أن النواب سيستغلون مناقشات موازنة الدولة لعام 2020 للضغط على الحكومة مجدداً بإلغاء الاتفاقية، وربما يربط البعض مصادقته على الموازنة بتعهد الحكومة بعدم استكمال إجراءات توريد الغاز من الاحتلال الإسرائيلي.
وما يزيد سخونة الأجواء أن البرلمان أوشك على إكمال مدته الدستورية المحددة بأربع سنوات، فيما هنالك إيماءات باحتمال التمديد له لعام آخر استناداً إلى الصلاحيات الدستورية المعطاة للملك، وهذا يدخل بحسب مراقبين في باب المساومة الحكومية للنواب لتقبل الواقع وكذلك تمرير الموازنة، ويستبعد أن تنجح الحكومة بهذا السيناريو حسب برلمانيين.
ووفق شركة الكهرباء الأردنية، فإن بدء الضخ التجريبي للغاز المستورد من شركة نوبل إنيرجي المشغلة لحقل ليفاثيان للغاز الطبيعي الواقع قبالة السواحل الفلسطينية المحتلة، يأتي وفقا للالتزامات المنصوص عليها في الاتفاقية الموقعة عام 2016.
وأضافت الشركة أن الضخ التجريبي يهدف لاختبار الجاهزية الفنية للبنية التحتية لبدء الضخ الفعلي ويستمر لمدة 3 أشهر منصوص عليها بالاتفاقية قبل بدء استقبال الغاز بشكل يومي والمخصص لأغراض توليد الكهرباء.
وتنص الاتفاقية المبرمة بين الحكومة الأردنية ودولة الاحتلال على تزويد الأردن بنحو 45 مليار متر مكعب من الغاز على مدار 15 عاما، بقيمة 15 مليار دولار بدءاً من العام 2020. وحسب ما أعلنته شركة الكهرباء الحكومية، فإنها ستوفّر حوالي 300 مليون دولار من خلال شرائها الغاز الإسرائيلي، وذلك قياسا بشرائه من الأسواق العالمية.
وفي مقابل اعتراض مجلس النواب على الاتفاقية، كانت المحكمة الدستورية الأردنية، قد قالت في سبتمبر/أيلول الماضي إن الاتفاقية لا تتطلب موافقة المجلس. واعتمدت المحكمة في قرارها على نصوص قانونية، معتبرة أن شركة الكهرباء الوطنية وإن كانت جميع أسهمها مملوكة للحكومة، فإن ذلك لا يسبغ عليها صفة المؤسسات العامة، حيث لم تعد إدارتها تحت الإدارة العامة للدولة.
لكن صالح العرموطي، عضو مجلس النواب ونقيب المحامين الأسبق، قال لـ"العربي الجديد" إن "الجانب الحكومي مارس التضليل وتسكين الشارع ومجلس النواب والايحاء بإمكانية الغاء الاتفاقية، وذلك لوضع الجميع أمام الواقع من خلال الاستيراد الفعلي للغاز من الكيان المحتل".
وأضاف العرموطي أن "مجلس النواب أصبح أمام اختبار حقيقي في التعاطي مع هذه المشكلة والانتصار للدولة الأردنية وذلك بوضع الحكومة في الزاوية الحرجة وإسقاطها شعبيا إذا لم تلغ الاتفاقية".
وبينما قالت المحكمة الدستورية إن شركة الكهرباء الأردنية لا يسبغ عليها صفة المؤسسات العامة، حيث لم تعد إدارتها تحت الإدارة العامة للدولة، أكد مصدر مسؤول في تصريح لـ"العربي الجديد " أن قرار إلغاء الاتفاقية بيد الحكومة، مشيرا إلى أن القائمين على قطاع الطاقة في الأردن على قناعة بأهمية إلغائها، خاصة مع توفير مصادر بديلة للطاقة.
وقال شهود عيان إن الشركات المنفذة لمشروع مد أنبوب النفط الذي سينقل الغاز الإسرائيلي، قد أوشكت على الانتهاء من أعمالها ما يعني جاهزية الخط لضخ الغاز اعتباراً من بداية العام الجديد.