أزمات تهدّد محاصيل الحمضيات في المغرب

15 أكتوبر 2019
تراجع إنتاج الحمضيات الموسم الجاري (Getty)
+ الخط -

 

يتطلع قطاع محاصيل الحمضيات في المغرب إلى التزام السلطات العمومية بتحقيق وعودها السابقة، من أجل دعم المنتجين والمصدّرين، بما يساعدهم على التخفيف من أزمة إنتاج وتسويق وإيرادات موسم العام الجاري.

وكان منتجو الحمضيات عانوا، الموسم الماضي، من خسائر كبيرة، في سياق متسم بارتفاع الإنتاج في السوق الدولي وضعف الأسعار في السوق المحلية، ما دفعهم إلى التخلص من محاصيلهم.

وبدأ المنتجون في جني المحصول في عدد من المناطق بالمغرب، في أكتوبر/تشرين الأول الجاري، الذي يوافق انطلاق موسم التصدير، غير أنه خلافا لما حدث في الموسم العام الماضي، حيث عانوا من وفرة المحصول وتراجع الأسعار، فإنهم في الموسم الجاري يواجهون انخفاضا حادا في المحصول، والذي يقدر بنسبة 50 في المائة من إجمالي الإنتاج، ووصلت إلى 80 في المائة في بعض المناطق.

وتكبّد المنتجون في العام الماضي، خسائر قدرت بحوالي 210 ملايين دولار، بعد محصول محلي كبير وعرض دولي وفير، وانهيار للأسعار، وهم يتوقعون ألا يعوض ارتفاع الأسعار هذا العام الانخفاض الذي ينتظر أن يسجل على المستوى الإنتاج والذي يقدر بحوالي النصف على الصعيد الوطني.

ويرى المزارع عبد الله الهواري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن تراجع الإنتاج في الموسم الحالي، عائد إلى أن الأشجار لا تطرح منتجات كبيرة بعد وفرة العام الماضي، كما أن موجات الحرارة الشديدة التي عرفها المغرب في مناطق الإنتاج انعكست سلبا على الإنتاج.

ويذهب العاملون في القطاع إلى أن الخسائر التي تكبدونها في الموسم الماضي، كانت ناجمة عن وفرة الإنتاج في منطقة البحر الأبيض المتوسط، خاصة في إسبانيا وتركيا ومصر، وتأخر نضج الحمضيات بفترة تراوحت بين أربعة وخمسة أسابيع، وضعف تنافسية المنتج المحلي، خاصة في السوق الأوروبية، حيث تتمتع إسبانيا بامتياز العضو في الاتحاد الأوروبي.

وكان انهيار الأسعار في الموسم الماضي ووفرة العرض، دفعا المنتجين، حتى ديسمبر/كانون الأول، إلى إتلاف حوالي 50 ألف طن من الكلمنتين (نوع من الحمضيات) في الفترة الأخيرة، حيث ذكّر ذلك المراقبين بما سبق أن حدث في 2008 و1997، عندما أتلفت كميات كبيرة من الكلمنتين، إذ وصل الإنتاج منه في العام الحالي إلى 800 ألف طن.

وتطرح مسألة التسويق بقوة في المغرب، خاصة أن إنتاج الحمضيات تضاعف منذ 2008، عند تبنّي المخطط الأخضر، لينتقل من 1.3 مليون طن إلى 2.6 مليون طن في العام الحالي، مع توقّع بلوغه 3 ملايين طن في 2020، وذلك بعد ضخ استثمارات بلغت أكثر من 1.1 مليار دولار، ثلثها وفّرته وزارة الزراعة والصيد البحري.

غير أنه رغم مستوى الإنتاج المرتفع في الأعوام الأخيرة، إلا أن صادرات المغرب من الحمضيات لا تتعدى حوالي 700 ألف طن، ما يدر على المزارعين عائدات في حدود 320 مليون دولار. علما أن مستوى الصادرات مازال بعيدا عما راهنت عليه السياسة الزراعية الجديدة، التي قدرت بلوغه 1.5 مليون طن في 2020.

ودفعت التخوفات في أوساط العاملين في القطاع العام الحالي، إلى إصدار الفيدرالية الوطنية لمنتجي الحمضيات بيانا، أول من أمس، تؤكد فيه أن القطاع يوجد في وضعية حرجة، ما يستدعي تدخلا حكوميا من أجل دعمه والحد من الآثار الكارثية المرتقبة.

ويعتبر المزارع عبد الحق السباعي من منطقة سوق ماسة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه بالإضافة إلى ضعف التساقطات المطرية في العام الحالي وتراجع ما تطرحه الأشجار، هناك مشاكل على مستوى التسويق يعاني منها المنتجون، بسبب عدم تنويع الأسواق الخارجية، وضعف تنظيم السوق الداخلي، الذي يتحكم فيه الوسطاء، رغم استيعابه حوالي 75 في المائة من الإنتاج.

ويراهن العاملون في القطاع على ترجمة الحكومة التزامات جرى الاتفاق حولها، في يوليو/تموز الماضي، مع وزارة الزراعة والصيد البحري، إلى مبادرات من أجل دعم المنتجين والمصدرين، بما يساعدهم على تجاوز المرحلة الصعبة التي يتكبدون فيها خسائر كبيرة، قد تنعكس على مستقبل القطاع في تصورهم.

وتعد الزراعة من اهم القطاعات الإنتاجية في المغرب، إذ تؤكد إحصاءات وزارة الفلاحة أن الأنشطة الزراعية توفر حوالي 4 ملايين فرصة عمل، ويساهم القطاع بنحو 14 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

وزاد الإنتاج الزراعي في الأعوام الأخيرة، رغم الارتهان للتساقطات المطرية، في العديد من المنتجات، خاصة التصديرية منها، حيث ساهم ذلك في توفير نوع من الاكتفاء الذاتي بالنسبة لبعض القطاعات، مثل الزيتون والخضر والفواكه.

وكانت المندوبية السامية للتخطيط قد توقعت مؤخرا تراجع وتيرة نموّ القيمة المضافة للقطاع الزراعي إلى 0.1 في المائة في العام الحالي، مقابل 3.8 في المائة العام الماضي و13.2 في المائة في 2017. ويؤثر تراجع القيمة المضافة الزراعية على النموّ الاقتصادي، الذي يتوقع أن يتراجع إلى 2.9 في المائة في 2019، مقابل 3 في المائة العام الماضي.

المساهمون