وكالة موديز تحذر من السندات الفرنسية في ظل التخبط السياسي

09 يوليو 2024
المشرعون الفرنسيون الجدد يواجهون تداعيات مالية للانقسام السياسي - باريس 9 يوليو2024(Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تحذيرات وكالة موديز بشأن التصنيف الائتماني لفرنسا**: أشارت موديز إلى أن التصنيف الائتماني لفرنسا معرض للخطر بسبب الخلافات السياسية وتفاقم الأزمة المالية، مما قد يؤدي إلى تراجع قيمة الديون السيادية.

- **التداعيات السياسية والمالية بعد الانتخابات التشريعية**: أسفرت الانتخابات عن برلمان معلق، مما يزيد من صعوبة تشكيل حكومة جديدة ودفع الإصلاحات الاقتصادية، ويزيد من الضغوط الائتمانية على الديون الفرنسية.

- **تأثيرات اقتصادية على الأسواق المالية**: تراجعت الأسهم الأوروبية بسبب مخاوف المستثمرين من الاضطرابات السياسية في فرنسا، مع انخفاض مؤشر ستوكس يوروب 600 وأسهم قطاع النفط والغاز.

قالت وكالة موديز للتصنيف الائتماني إن التصنيف الائتماني لفرنسا الذي يقيس مخاطر السندات الفرنسية معرض للخطر حال تسبب الخلافات السياسية في تفاقم الأزمة المالية وتراجع قيمة الديون السيادية بشكل ملموس.

وحذرت شركة التصنيف في مذكرة نُشرت في وقت متأخر من يوم الاثنين من أن النظرة المستقبلية للبلاد قد تنخفض إلى سلبية من مستقرة إذا شهدنا تدهوراً أكبر في القدرة على تحمل تكلفة السندات الفرنسية مقارنة بنظرائها. وتعكس هذه التصريحات تحذيراً مماثلاً أصدرته الوكالة قبل ثلاثة أشهر، وقت أن شهدت أسواق السندات الفرنسية اضطرابات للمرة الأولى في سنوات عدة.

وتواجه فرنسا تداعيات الحملة الانتخابية المؤلمة التي لم تشهد فوز أي حزب أو تحالف بالأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية. ويتنافس أغلب الأعضاء الآن لتشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة، مما يترك المالية الفرنسية وحائزي السندات الفرنسية في حالة من عدم اليقين إلى أن تتضح صورة من سيحكم البلاد وكيف سيتعامل هؤلاء مع عبء ديونها المتزايد.

وكتب محللو وكالة موديز، بمن فيهم سارة كارلسون، من أن نتائج الانتخابات وضعت فرنسا في "وضع غير مسبوق"، واصفين التداعيات المالية بأنها سلبية ائتمانياً. وأضافوا "إن ضعف الالتزام بضبط أوضاع المالية العامة من شأنه أن يزيد من الضغوط الائتمانية الهبوطية". وحذرت الوكالة من أن عبء الديون المرتفع في فرنسا يزيد من تعرضها لارتفاع تكاليف التمويل، ويمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسرع من المتوقع في مدفوعات الفائدة على السندات الحكومية. وأشاروا إلى أن القدرة على تحمل الديون لها وزن أكبر في تحديد التقييم الائتماني لثالث أكبر اقتصاد في أوروبا.

وبينما بدأت أسعار الفائدة في أوروبا في الانخفاض، مع استعداد البنك المركزي الأوروبي لخفض أسعار الفائدة مرة أخرى بحلول نهاية العام، قفزت تكاليف الاقتراض في فرنسا منذ قرار الرئيس إيمانويل ماكرون الشهر الماضي الدعوة إلى انتخابات مبكرة. وارتفعت عائدات السندات الفرنسية لأجل عشر سنوات بمقدار خمس نقاط أساس إلى 3.22% يوم الثلاثاء، مما رفع علاوة المخاطر مقارنة بالأصول الألمانية الأكثر أماناً إلى 64 نقطة أساس، بعد أن كانت تدور حول 50 نقطة أساس قبل الدعوة للتصويت.

وكتب محللو موديز أن التراجع عن الإصلاحات المالية التي نفذها ماكرون وحلفاؤه منذ عام 2017 قد يؤدي إلى مزيد من الضرر بتصنيف البلاد إذا جرى تحديد أن خيار السياسة هذا ستكون له "آثار سلبية مادية على المدى المتوسط ​​على إمكانات النمو في فرنسا و/أو مسارها المالي". وأكدت وكالة موديز تصنيف فرنسا عند Aa2 – ثالث أعلى درجة لها – مع نظرة مستقبلية مستقرة.

وبحسب محللين، فإنه بعدما أسفرت الانتخابات التشريعية عن برلمان معلق، فإن أي حكومة فرنسية جديدة سوف تجد صعوبة في دفع المزيد من الإصلاحات الاقتصادية أو إيجاد أرضية مشتركة بشأن السياسة المالية، في ظل انقسامات تبدو غير قابلة للتسوية عندما يتعلق الأمر بالضرائب والإنفاق الحكومي. ووفق "بلومبيرغ"، قال المحللون إن "ضعف الالتزام بضبط الأوضاع المالية من شأنه أن يزيد الضغوط الائتمانية على الديون الفرنسية". وقالوا أيضاً إن التراجع عن بعض سياسات إيمانويل ماكرون، مثل تحرير سوق العمل وإصلاح نظام التقاعد، سيكون سلبياً إذا أضر بإمكانات النمو في فرنسا أو المسار المالي. وقال رئيس السوق المالية بمصرف رابو بانك الأوروبي، جان لامبريتس: "مع اختيار العديد من الناخبين لنهج سياسي مختلف، يمكننا أن نتوقع تغيير بعض الأهداف المحددة، خاصة أن العالم من حولنا أصبح أكثر تقلباً وتعقيداً وتحدياً وخطورة". 

من جانبها، تقول "بلومبيرغ إيكونوميكس": "الأمر الواضح هو أنه مع العجز المتوقع الذي يقترب من 5% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2024 والدين عند نحو 111% من الناتج المحلي الإجمالي، فإن الحكومة الجيدة ستبدأ من وضع مالي متوتر، ولن تكون الأحزاب اليسارية الشريكة راغبة في ضبط الأوضاع المالية". وكانت فرنسا بالفعل على طريق تصادمي مع الاتحاد الأوروبي، الذي بدأ بتضييق الخناق على الدول الأعضاء التي تنتهك القواعد المالية الخاصة بنسبة العجز في الميزانية إلى الناتج المحلي، وأياً كانت الحكومة التي قد تتشكل في فرنسا بعد هذه الانتخابات، فسوف يكون لزاماً عليها أن تبدأ على الفور المفاوضات بشأن مسار جديد لخفض عجز الموازنة إلى أقل من 3% من الناتج الاقتصادي.

وكانت حكومة ماكرون قد اقترحت بالفعل تخفيضات مؤلمة في الإنفاق لتقليص الفجوة إلى 5.1% هذا العام من 5.5% عام 2023. لكن من المرجح أن تكون هذه التدابير غير مطروحة على الطاولة، لأن جميع الأحزاب التي قد تكون في وضع يمكنها من الانضمام إلى الحكومة المقبلة وعدت بزيادة الإنفاق. وتشير تقديرات معهد مونتين للأبحاث إلى أن تعهدات الجبهة الشعبية الجديدة اليسارية ستتطلب ما يقرب من 179 مليار يورو (194 مليار دولار) من الأموال الإضافية سنوياً، وحتى برنامج حزب ماكرون سيتكبد إنفاقاً إضافياً يقترب من 21 مليار يورو. وقالت أورلا جارفي، مديرة المحافظ في بنك فيديراتيد هيرميس: "لقد خرج القط من الحقيبة في ما يتعلق بالعجز المالي والمخاطر المرتبطة بذلك".

وفي أسواق المال تراجعت غالبية الأسهم الأوروبية في مستهل تعاملات الثلاثاء، في ظل مخاوف المستثمرين تجاه اضطراب المشهد السياسي في فرنسا بعد إعلان نتيجة الانتخابات التشريعية التي شهدت فشل أي من الكيانات السياسية في الحصول على أغلبية برلمانية.
وانخفض مؤشر ستوكس يوروب 600 بنسبة 0.82% إلى 512 نقطة مع انتصاف تعاملات الثلاثاء، مع تراجع أسهم قطاع النفط والغاز 1.23%. وتراجع كل من "داكس" الألماني بنسبة 1.22% إلى 18,247 نقطة، و"كاك" الفرنسي 1.60% إلى 7503 نقاط، بينما خسر "فوتسي" البريطاني أكثر من نصف النقطة المئوية.

وتراجع سهم شركة الطاقة بي بي 4% بعدما قالت الشركة البريطانية إنها تتوقع انخفاض أرباح الربع الثاني بما يتراوح بين مليار دولار وملياري دولار من جراء تكاليف الإهلاك، وبما يتراوح بين 500 مليون دولار و700 مليون بسبب تقلص هوامش التكرير.