ترامب يخطط لخفض ضرائب الشركات من 35 إلى 15%

26 ابريل 2017
بورصة وول ستريت ستسفيد من خفض الضرائب (Getty)
+ الخط -
في نهاية المائة يوم الأولى لدخوله البيت الأبيض التي توافق السبت المقبل، يحضر الرئيس الأميركي دونالد ترامب مفاجأة لأثرياء أميركا بطرح خطة جريئة لخفض الضرائب على الشركات، لكن الخطة ستكون مثيرة للجدل حسب مراقبين، في الوقت الذي يشارف فيه حجم الدين الأميركي عتبة العشرين ترليون دولار.
وحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن خطة ترامب، تستهدف خفض الضرائب على الشركات إلى 15% فقط من مستوياتها الحالية البالغة 35%. وهذا المستوى من الخفض سيكون خفضاً تاريخياً لم تشهده أميركا في تاريخها الحديث.
ومن المتوقع أن يعقد ترامب مساء اليوم الأربعاء، اجتماعاً موسعاً في البيت الأبيض لوضع اللمسات النهائية على الخطة.

وحسب بيان البيت الأبيض سيضم الاجتماع كلاً من وزير الخزانة ستيفن مينوتشن ومستشار المجلس الاقتصادي للرئيس غاري كوهين وزعيم الأغلبية في الكونغرس ميتش ماكونيل والسناتور بول ريان ومجموعة من النواب الجمهوريين الأعضاء في لجان المالية والاقتصاد.
وفي الوقت الذي تدعو فيه خطة ترامب الضريبية إلى هذا الخفض التاريخي، يقول نواب في الكونغرس إن مثل هذا المشروع سيرفع من حجم العجز في الميزانية الأميركية بشكل كبير، وهو ما سيعارضه بعض نواب الكونغرس من الحزب الجمهوري، إضافة إلى معارضة الحزب الديمقراطي.
وحسب توقعات تقارير صادرة عن لجنة الميزانية بالكونغرس، فإن أي خفض بنسبة 1% من ضريبة الشركات سيخفض دخل الخزينة الأميركية من الضرائب بحوالي 100 مليار دولار في 10 سنوات، وهو ما سيعني أن مشروع خفض الضرائب بنسبة 20% الذي يخطط له ترامب سيخفض دخل الخزينة بحوالي ترليوني دولار في 10 سنوات.
كما أن هذا الخفض من المتوقع أن يرفع من الدين الأميركي إلى قرابة 22 ترليون دولار، وبالتالي ربما سيهدد التصنيف الائتماني للولايات المتحدة حسب محللين ماليين.

وسبق لوكالات التصنيف العالمية ومن بينها "ستاندرد آند بوورز" و"موديز" أن هددت بخفض التصنيف الأميركي، حينما تعثر رفع سقف الدين الأميركي لتمويل العجز في الميزانية في عهد الرئيس السابق باراك أوباما.
وحسب "وول ستريت جورنال"، فإن أعضاء الحزب الديمقراطي أعلنوا مسبقاً معارضتهم لزيادة العجز في الميزانية أو رفع سقف الدين الأميركي إلى مستويات تاريخية جديدة. وكان ترامب قد قال في حملته الانتخابية إنه سيعمل على القضاء على الدين الأميركي بدلاً من زيادته.
ولكن وحسب مصادر في الكونغرس، فإن ترامب ينوي تمرير مشروع خفض الضرائب عبر أسلوب يسمى "التوافق"، وهو تمرير المشروع عبر النواب الجمهوريين من دون أن يصوت عليه أعضاء الكونغرس من الحزب الديمقراطي، لكن الصحيفة المالية، ترى أن مثل هذا الأسلوب سيسمح فقط بزيادة سقف الدين إلى مستوى محدد، وربما سيعرقل مستقبلاً خطط ترامب لتمويل مشاريع البنى التحتية.

ويرى ترامب أن النقص في دخل الميزانية الأميركية ستتم تغطيته عبر زيادة الرسوم الجمركية على البضائع المستوردة إلى السوق الأميركي، فيما أطلق عليه ضريبة الحدود، وهي ضريبة ينوي تطبيقها على واردات بعض الدول بنسب تراوح بين 20 إلى 35%.
وتتعارض هذه الضريبة مع قوانين منظمة التجارة العالمية حسب خبراء اقتصاد دولي، كما تثير الكثير من الجدل بشأن السياسات الحمائية التي يعارضها الشركاء الكبار لأميرك، وبالتالي فإن تطبيقها سيكون خطراً على علاقات أميركا مع شركائها الرئيسيين في أوروبا وآسيا.
وفي أول خطوة لتطبيق "ضريبة الحدود"، أو فرض رسوم على البضائع المستوردة إلى أميركا، قال ترامب في بداية الأسبوع، إنه سيفرض ضريبة بنسبة 20% على بعض أنواع الأخشاب المستوردة من كندا.
وذكر ترامب في إحدى تغريداته على تويتر "إن كندا تتعامل معنا تجارياً بشكل غير عادل"، وبالتالي ينوي كذلك فرض ضرائب على منتجات الألبان الكندية.
وتبلغ صادرات الأخشاب الكندية إلى أميركا حوالي 5 مليارات دولار في السنة، وبالتالي لن تجلب قيمة مالية كبيرة للخزينة الأميركية حسب الأرقام.

ويواجه ترامب حتى الآن مجموعة من العقبات الخاصة بشأن تطبيق خططه المالية التي وعد بها أثناء حملته الانتخابية.
وقالت مصادر أميركية إن خطة بناء الجدار مع المكسيك، ربما لن يوافق عليها الكونغرس قبل نهاية العام الجاري. كما لاحظت مصادر مصرفية أن هنالك تناقضاً واضحاً في الأدوات التي سيستخدمها ترامب في الضغط على الدول، فهو يرغب مثلاً في دولار منخفض السعر في الوقت الذي يرغب فيه في زيادة جاذبية أدوات المالية الأميركية مثل السندات والأسهم، وكذلك زيادة الاستثمارات المباشرة في الاقتصاد الأميركي.
ومن الواضح أن مبدأ "أميركا أولاً" الذي قال ترامب إنه سيستخدمه في جميع سياساته الخارجية، سواء في مفاوضات التجارة مع الدول أو الشركات الأميركية والأجنبية، سيعتمد بدرجة رئيسية على قوة الدولار، الذي قال ترامب في تصريحاته قبل ثلاثة أسابيع إن سعر صرفه أقوى مما يجب ويريد سعر صرف منخفضاً للدولار.

لكن يبقى الدولار وحجم السوق حتى الآن، أهم ما يساعد ترامب في الضغط على الشركات والدول، حيث لا يزال الدولار عملة "الاحتياط الرئيسية" في العالم ويشكل نسبة 64% من إجمالي احتياطات البنوك المركزية حسب بيانات صندوق النقد الدولي الأخيرة. وأن أي إضعاف لقوة الدولار سيصب في صالح ضرب سياسات ترامب المالية.
كما أن السلاح الثاني الذي سيستخدمه هو سلاح الضرائب والجمارك ضد الشركات والدول. وتشير الإحصائيات الأميركية إلى أن القوة الشرائية في أميركا تقدر قيمتها السنوية بحوالي 11 ترليون دولار. كما يقدر حجم الاقتصاد الأميركي بحوالي 17 ترليون دولار.

وترى إدارة ترامب، أن القيمة الشرائية الضخمة المتوفرة في السوق الأميركي ستجبر الدول والشركات على الرضوخ لمطالب الإدارة الأميركية، هذا من حيث المنطق الاقتصادي البحت، أما من حيث التحليل الإجمالي، فلدى ترامب العديد من الأسلحة العسكرية والسياسية التي يستطيع استخدامها في ابتزاز العالم.
ووعد ترامب الناخب الأميركي بجذب الاستثمارات الأجنبية وتحديث البنى التحتية في أميركا وإعادة التوازن إلى ميزان المدفوعات المختل ورفع معدلات الأجور للطبقة الوسطى وإغلاق الحدود الأميركية أمام المهاجرين الجدد، ولكنه لم يتمكن حتى الآن من تنفيذ سوى القليل من هذه الوعود.

وعلى الرغم من ضخامة وصعوبة برنامج ترامب في بناء أميركا قوية وثرية والعقبات العديدة التي تواجهه، لكن خبراء بمعهد "بيترسون" في واشنطن، يعتقدون أنه ليس مستحيلاً.
من جانبه، يرى السياسي البريطاني اليميني المحافظ، جون ريد وود، أن ترامب يرغب في التعامل مع الدول بشكل منفصل ولا يرغب في التعامل مع الكتل الاقتصادية، لكن هذا المبدأ تعارضه بقوة كل من الصين ودول الاتحاد الأوروبي وحتى اليابان ودول النمور في آسيا.
يذكر أن موازنة الولايات المتحدة للعام المالي الجديد والتي تعكس شعاره "أميركا أولاً"، رفعت من الإنفاق العسكري وخفض المساعدات الخارجية ومخصصات حماية البيئة.

وحسب مدير الميزانية في البيت الأبيض، ميك مولفاني، فإن مشروع موازنة الإدارة الأميركية تم وضعه باستخدام "كلمات" ترامب مع أعضاء فريقه الرئاسي لتحويل سياساته إلى "أرقام"، مشيراً إلى تخصيص المزيد من الأموال للأغراض العسكرية وحماية الحدود وقوات إنفاذ القانون.
وخفضت الميزانية مخصصات وزارة الخارجية الأميركية بنسبة 28%، حيث استهدف الخفض بشكل أساسي مخصصات برامج المساعدات الأجنبية، مع ضمان حماية "الوظيفة الدبلوماسية الأساسية لوزارة الخارجية" بحسب مولفاني، كما رفعت الميزانية مخصصات وزارة الدفاع بنسبة 10% بما يعادل 54 مليار دولار.


المساهمون