تصاعد أزمة استقدام العمالة المنزليّة في السعودية

30 مايو 2015
السعوديون يشتكون من ارتفاع تكاليف استقدام العمالة المنزلية(أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -
رفضت معظم مكاتب استقدام العمالة في السعودية، استقبال طلبات جلب العمالة المنزلية الجديدة، مبررة ذلك بعدم قدرتها على تطبيق شروط جديدة أقرتها وزارة العمل تلزم الشركات بعدم تأخير الطلبات لأكثر من شهرين.
وتشهد أزمة العمالة المنزلية في المملكة تصاعداً، وسط اتهامات للجهات المنظمة بالتواطؤ مع مكاتب الاستقدام التي تسببت ممارساتها، وفق خبراء، في اتساع دائرة السوق السوداء، وتزايد نسبة تسرّب العمالة المخصصة لهذا المجال إلى نشاطات اقتصادية أخرى.
وأجبرت الاحتجاجات ضد تفاقم الأزمة أخيراً، رئيس اللجنة الوطنية للاستقدام، سعد البداح، وأعضاء اللجنة على الاستقالة، فيما وضعت الوزارة شروطاً جديدة لمعالجة تحديات الاستقدام.
وهددت الوزارة المكاتب التي لا تلتزم بالشروط الجديدة، حيث حددت مدة وصول العامل المنزلي بشهرين فقط من تقديم الطلب، مع دفع غرامة 100 ريال عن كل يوم تأخير (26.6 دولاراً)، على ألا تزيد كلفة الاستقدام عن 7 آلاف ريال فقط (1086 دولاراً)، يتم دفع 25% منها مقدماً، والباقي بعد تأكيد وصول العاملة للسعودية، بالتأشير على جوازها.
وألغت الوزارة، قبل يومين، ترخيص أحد مكاتب الاستقدام الكبيرة في منطقة الرياض، بسبب عدم التزامه بشروط عقد التوسط، ومخالفة أحكام لائحة شركات الاستقدام.
ويؤكد أصحاب المكاتب أن لديهم طلبات قديمة ومتأخرة، ولا يستطيعون الإيفاء بها مع الطلبات الجديدة، التي لا يمكن تأخيرها أكثر من شهرين، حسب نظام العمل الجديد، وخاصة أن التأخير ناتج عن بلد المصدر وليس منهم.
وقال عضو اللجنة الوطنية للاستقدام، فراج الشمري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه لا يمكن توفير العمالة قبل أربعة أشهر من تقديم الطلب، مضيفاً أن "إلزام المكاتب بشهرين لتوفير العمالة، يعرضها لخسائر كبيرة، لاضطرارها لدفع غرامات عن كل يوم تأخير، وهو أمر لو استمر فسيتسبب في خروج كثير من المكاتب من السوق".
وأشار الشمري، الذي يملك أربعة مكاتب استقدام، إلى ضرورة أن تعيد وزارة العمل النظر في قرارها، خاصة المتعلق بمدة الاستقدام، كون التأخير خارج عن إرادة الشركات.
وتابع: "لا يوجد مكتب يرغب بنفسه في التأخير، هو يريد إنجاز المعاملات لديه لاستقبال طلبات جديدة"، مقدراً الوقت الذي ستستغرقه تسوية الطلبات السابقة بما لا يقل عن ستة أشهر، وهي أمور متعلقة بالدول المصدّرة وليس بالمكاتب.
وتسعى وزارة العمل لحل مشكلة الاستقدام، بعد تذمر المواطنين من ارتفاع أسعار الاستقدام، مقارنة بالدول المجاورة، وتأخر وصول العمالة، وكذلك انحسار سوق الاستقدام في الفلبين وسريلانكا وبنغلادش.
وبحسب جولة لـ"العربي الجديد"، رفضت كثير من المكاتب استقبال طلبات جديدة خوفاً من التورط في دفع غرامة التأخير. وقال محمد العصيمي، وهو صاحب مكتب للاستقدام في الخبر (شرق السعودية)، إن لديه طلبات متأخرة وسيحتاج على الأقل لخمسة أشهر لإنهائها، بعدها سيبدأ في استقبال الطلبات الجديدة.
وأضاف العصيمي، لـ"العربي الجديد"، أن "النظام الجديد لم يراعِ مصالح المكاتب، فنحن نتأخر بسبب إجراءات تصدير العمالة وليس إهمالاً منّا، لهذا لا يمكن أن يطبق النظام الجديد على أرض الواقع، وكان الأحرى بالوزارة أن تسأل أصحاب المكاتب عن المدة اللازمة، ولكن للأسف تجاهلت مصالحنا، مع أننا من سيتضرر في نهاية المطاف".
لكن وكيل وزارة العمل لخدمات العملاء والعلاقات العمالية، زياد الصايغ، أكد أنه تم رصد عدد من المخالفات تتعلّق بالنشاط والترخيص، مشيراً إلى أنه تم توجيه عدة إنذارات للمكاتب المخالفة.

اقرأ أيضا: العمالة المنزلية السيرلانكية الأعلى تكلفةً في السعودية والكينية الأرخص

ويشكو السعوديون من ارتفاع تكاليف الاستقدام من 6 آلاف ريال (1600 دولار)، قبل نحو أربع سنوات، إلى أكثر 25 ألف ريال (6600 دولار)، وفق مواطنين، مع فترة انتظار تمتد لأكثر من عام كامل.
ويخشى السعوديون مع اقتراب شهر رمضان، أن تنشط السوق السوداء في قطاع العمالة المنزلية، والتي أوصلت راتب العاملة المنزلية خلال هذا الشهر لأكثر من 10 آلاف ريال (2600 دولار)، بينما بلغت يوميتها 500 ريال (1333 دولاراً). وكشفت إحصائية رسمية أصدرتها وزارة العمل أخيراً هروب أكثر من 31.7 ألف عامل في عام 2013، ليرتفع العدد في عام 2014 لأكثر من 65 ألفاً، يشكلون 48% من مجمل التأشيرات الممنوحة للعمالة المنزلية في العام ذاته والتي بلغت 13450 تأشيرة.
وسبق أن ذكرت اللجنة الوطنية للاستقدام أن ارتفاع أسعار جلب العمالة المنزلية، يرجع إلى دخول دول جديدة في استقبال العمالة المنزلية بكثافة، مشيرة إلى أن هناك شح في العمالة التي ترغب في العمل في السعودية.
وأضافت أنه "خلال الخمس سنوات الماضية زاد الطلب على العمالة المنزلية في السعودية، بنسب كبيرة عن السابق، وهذا أدى إلى زيادة الطلب مع قلة العرض وارتفعت الكلفة".
وكانت وزارة العمل قد وعدت بحل هذا الملف، وقبل نحو عام ونصف، أكد وزير العمل حينها، عادل فقيه، أنه تم التوقيع مع 9 دول لتصدير العمالة المنزلية للسعودية، ولكن لم يفتح باب الاستقدام من أي منها، وفق عاملين في القطاع.

اقرا أيضا: العمالة المنزلية تثير أزمة في السعودية
المساهمون