عسكريو غزّة: نصف الراتب لا يكفي

15 ديسمبر 2014
الموظفون تسلموا، أمس، نصف راتب (العربي الجديد/عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -

تجلّت علامات الإرهاق على وجه الموظف العسكري في حكومة غزة السابقة، منذر ساق الله (27 عاماً)، وهو يقف في طابور انتظار لتسلم نصف راتب، بحد أدنى ألف شيكل (255 دولاراً)، وأقصى 3500 شيكل (900 دولار).

واصطفّ عشرات الموظفين العسكريين الذين عيّنتهم حكومة غزة السابقة، أمس الأحد، أمام مكاتب البريد المنتشرة في قطاع غزة والمصرف الوطني الإسلامي، ومصرف الإنتاج، لتسلم نصف راتب، الذي أعلنت عنه وزارة المالية في غزة، أول أمس السبت، وهو الثاني الذي يصرف خلال شهرين.

ويقول ساق الله، لـ"العربي الجديد": "لا أعلم أين سأصرف نصف الراتب الذي سأتسلمه، فالديون المالية تتراكم عليّ منذ أكثر من ثلاثة أعوام، وبلغت حتى الآن نحو (5000 دولار)، فضلاً عن المصروفات اليومية التي تحتاجها العائلة المكونة من طفلين وزوجتي وتكلفة أجرة البيت الشهرية".

ويضيف ساق الله، الذي يعمل في جهاز الشرطة منذ عام 2007، أنه لم تمر عليهم ظروف قاسية كالتي يعيشونها الآن، "الجميع يتنكّر لحقوقنا ومطالبنا، كأننا لم نقدم شيئاً لأبناء شعبنا خلال السنوات الماضية، ولم يرتق منّا شهداء خلال الحروب السابقة".

ويتذمر الموظف، محمد حجو، من الحال التي وصل إليها كافة موظفي حكومة غزة السابقة، من إعطائهم رواتبهم الشهرية على هيئة مساعدات إنسانية متقطعة، ويؤكد، لـ"العربي الجديد"، أن التمييز بين موظفي حكومة غزة السابقة، المدنيين والعسكريين، وكذلك التفريق بين موظفي حكومة غزة السابقة والسلطة الفلسطينية، قد يضر بالتلاحم الشعبي ويعزز الانقسام بدلاً من إنهائه.

ويحمّل حجو حكومة التوافق الوطني وحكومة غزة السابقة، مسؤولية الأزمات التي يمر بها الموظفون الآن، مشيراً إلى أنه كان من الأجدر على الطرفين الاتفاق على كل شيء وتسوية أوضاعنا، ودمجنا في السجلات الحكومية الرسمية، قبل الإعلان عن حكومة التوافق، التي لم تقدم لنا شيئاً سوى المعاناة والتنكّر لحقوقنا.

وحُرم أفراد وزارة الداخلية والأمن الوطني من تلقي الدفعة المالية البالغة 1200 دولار بعد اعتراض الاحتلال، وصرفتها وزارة الشؤون الاجتماعية في حكومة التوافق بدعم قطري، نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على نحو 24 ألف موظف مدني عيّنتهم حكومة غزة السابقة.

ولم تصرف حكومة التوافق، منذ تسلمها مقاليد الحكم في الثاني من يونيو/حزيران الماضي، أي راتب لموظفي حكومة غزة السابقة عبر وزارة المالية، الأمر الذي واجهته نقابة الموظفين في القطاع العام بسلسلة من الخطوات الاحتجاجية، للضغط على حكومة التوافق من أجل الاعتراف بشرعيتهم ووضع حد لمعاناتهم.

ورحّب المتحدث الإعلامي باسم نقابة الموظفين في القطاع العام، خليل الزيان، بصرف الدفعة المالية للموظفين العسكريين، ولكنه شدد على أهمية وضع حل جذري للأزمة وعدم الاقتصار على الدفعات المالية المتقطعة.

ويقول الزيان، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن جميع الوعود التي أكدت قرب إنهاء الأزمة، لم تقدم حتى الآن أي نتائج حقيقية على أرض الواقع، مشيراً إلى أن العائق الأكبر الآن في طريق حل المشكلة وجود قرار سياسي من رئاسة السلطة بالإبقاء على المشكلة.

ويوضح الزيان أن نقابة الموظفين ستستمر في الخطوات الاحتجاجية، إلى حين تلبية جميع مطالب الموظفين المتمثلة بالاعتراف بشرعيتهم، ودمجهم في الكادر الإداري الرسمي على غرار موظفي حكومة رام الله السابقة، وصرف رواتبهم بشكل منتظم عبر وزارة المالية، وليس من خلال وزارة الشؤون الاجتماعية.

وكانت وزارة الداخلية في غزة قد حذرت، خلال الأشهر الماضية، من توقف بعض خدماتها، نتيجة عدم صرف حكومة التوافق رواتب موظفيها، وغياب الموازنات التشغيلية، مبيّنة أن نحو 70% من السيارات الخاصة في جهاز الدفاع المدني توقفت عن العمل، لعدم توفر الأموال لشراء الوقود، وأجبرت الوزارة على تقليص عدد الدوريات اليومية في الشوارع العامة.

يذكر بأن إضراباً شاملاً عم كافة الوزارات والهيئات الحكومية والقطاعات المختلفة، ومنها الصحية والتعليمية، في قطاع غزة، يوم الخميس الماضي، بدعوة من نقابة الموظفين في القطاع العام احتجاجاً على عدم تحقيق حكومة التوافق الوطني لمطالبها. كما نظّم الموظفون عشرات الإضرابات والاحتجاجات منذ تولي حكومة التوافق مسؤوليتها، إلا أن مشكلة الرواتب لم تُحلّ حتى الآن.

وكان مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، راجي الصوراني، كشف الأسبوع الماضي، أن مسؤولاً في الاتحاد الأوروبي أبلغه أنه لا مانع لديهم في تثبيت موظفي غزة ودفع رواتبهم، ومن ضمنهم العسكريون، ولكن المشكلة في قيادة السلطة الفلسطينية.

ويناشد موظفو حكومة غزة السابقة، البالغ عددهم نحو 45 ألف موظف، قيادة السلطة الفلسطينية وحكومة التوافق، بصرف رواتبهم وبشكل منتظم عبر وزارة المالية، وليس من خلال وزارة الشؤون الاجتماعية، أسوة بموظفي حكومة رام الله السابقة، بما يعزز من المصالحة الفلسطينية الداخلية.

المساهمون