أغلقوا البورصات و"فضوها" سيرة

14 ديسمبر 2015
بات التراجع سمة البورصات العربية خلال الفترة الماضية(فرانس برس)
+ الخط -

 

لو كنت في موقع المسؤولية وصاحب قرار لأغلقت البورصات العربية على الفور، ذلك لأنها أصبحت تمثل عبئاً ثقيلاً على الجميع: الحكومات وصاحب القرار، الاقتصادات الوطنية، المستثمرين، القطاع المصرفي والمالي، المودعين والمتعاملين مع البنوك.

فصاحب القرار أحياناً يصاب بالذعر الشديد عندما تتراجع أسعار الأسهم والأذون والأوراق المالية المتداولة في بورصة بلاده، وكأن كارثة قد حلت بمؤشرات الاقتصاد الكلي من معدلات نمو اقتصادي وتضخم وبطالة وصادرات ودين محلي، وكأن البورصة باتت مرآة حقيقية للاقتصاد الإنتاجي، لا عبارة عن صالات قمار يتلاعب بها كبار رجال الأعمال وقناصي الصفقات على حساب الصغار وأحيانا "القطيع" الذين تحركهم الشائعات في عمليات البيع والشراء.

ويومياً تتعلق عيون المستثمرين بمؤشرات البورصة وتحركات أسعار الأسهم وتخفق قلوبهم عندما يرون اللون الأحمر يسيطر على الشاشات المعلقة في مقار البورصات أو تلك الموجودة على شاشات أجهزة الحاسب الآلي في مكاتبهم.

أمس تحولت صالات البورصات العربية إلى ما يشبه سرادق العزاء ودور المناسبات التي يتلقى فيها أهل الميت واجب العزاء بسبب الخسائر الفادحة التي تعرضت لها، فقد هوت بشدة معظم بورصات المنطقة، وبخاصة النشطة منها مثل البورصات الخليجية والمصرية، لدرجة أصابت المستثمرين المحليين والعرب والأجانب بحالة ذعر شديدة، ففي البحرين هوى مؤشر بورصتها 5.86% وقطر 3.71% ومصر 3.7% وبورصتي الإمارات (دبي، أبوظبي) 2.10%، وطاول التراجع بورصتي الكويت وسلطنة عُمان.

وأنهى مؤشر بورصة السعودية، أكبر البورصات العربية، جلسة أمس الأحد أولى جلسات هذا الأسبوع على تراجع بنسبة 2.7 %، مسجلا أدنى إغلاق في 3 سنوات.

وسبب تهاوي مؤشرات البورصات العربية أمس معروف وهو تراجع أسعار النفط لمعدلات قياسية لتقترب من أدنى مستوى لها في 11 عاماً، وبخاصة بعد أن حذرت وكالة الطاقة الدولية من أن فائض الإمدادات العالمية قد يزداد في 2016، مع وجود توقعات بتراجع سعر نفط الخليج تحديداً إلى نحو 32 دولاراً للبرميل وهو مستوى لم يصله منذ سنوات.

اقرأ أيضاً: البورصة المصرية تهوي 3.7%.. والذعر يصيب المستثمرين

ما حدث في البورصات العربية أمس ليس استثناء وربما يتصاعد خلال الفترة المقبلة، وبخاصة مع تأكيدات صندوق النقد الدولي أن تراجع أسعار النفط عالميا قلل من أرباح دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المصدرة للنفط، بنحو 360 مليار دولار خلال العام الجاري 2015، مقارنة مع أرباح عام 2014، وبالطبع ستزيد حدة خسائر هذه الدول مع استمرار تراجع أسعار النفط لدرجة أن روسيا بدأت تتحدث عن 30 دولارا للبرميل، كما تتحدث مصادر بدول الخليج عن هذا الرقم.

وبات التراجع سمة البورصات العربية خلال الفترة الماضية، بخاصة مع زيادة حدة المخاطر الأمنية والسياسية وارتفاع العجز بالموازنات الخليجية ونزوح أموال من أسواق المنطقة متجهة لأسواق أكثر أمناً.

لقد تحولت معظم البورصات العربية إلى ما يشبه صالات القمار والرهانات خلال السنوات الأخيرة، وباتت هذه البورصات عبئاً على الاقتصادات العربية في كثير من الأحيان، وبدلاً من أن تساند هذه البورصات الاقتصادات الوطنية وتوفر السيولة المالية لشركاتها ومستثمريها في ظل الأزمات الحالية المتلاحقة واخرها أزمة تهاوي أسعار النفط، باتت البورصات تمثل إزعاجاً مستمراً لصانع القرار الاقتصادي والمالي والسياسي، بل وتحولت أحياناً إلى مرتع للمال السياسي والمضاربات وعمليات غسل الأموال القذرة، ومقصد للحالمين بالثراء السريع والعملاء السابقين بشركات توظيف الأموال.



اقرأ أيضاً:
بورصات الخليج بأدنى مستوياتها في 6 سنوات
مصر تتفاوض مع السعودية على منح وقروض ووديعة جديدة

المساهمون