سوق النفط وإشارات السعودية

23 مارس 2015
العاهل السعودي وعد بالحدّ من تأثيرات أزمة النفط (أرشيف/getty)
+ الخط -

من حين لآخر، تصدر إشارات من السعودية تؤكد جميعها أن أسعار النفط لن تشهد ارتفاعاً كبيراً خلال الفترة المقبلة وحتى الاجتماع القادم لمنظمة الدول المنتجة للنفط "أوبك" المقرر في شهر يونيو/حزيران وربما بعد ذلك، وأن الأسعار التي وصلت إليها سوق النفط العالمية منتصف العام 2014، وهي 110 دولارات للبرميل، لن تعود مرة أخري في المستقبل المنظور في ظل الأوضع التي تعيشها الاقتصادات الكبرى وزيادة تخمة المعروض من النفط في الأسواق الدولية، وأن وصول السعر إلى حاجز 140 دولاراً للبرميل، كما حدث قبل اندلاع الأزمة المالية العالمية في أغسطس/آب 2008، بات من الصعب تحققه وربما من المستحيل في ظل إصرار الدول المنتجة الكبرى علي عدم خفض الانتاج.

 بل أحيانا ما تقرأ بين سطور تصريحات المسئولين السعوديين أن هناك إصراراً من صانع السياسة النفطية بالمملكة على بقاء أسعار النفط منخفضة عند مستوياتها الحالية، رغم أن هذا يضر بمصالح السعودية الاقتصادية والإنتاجية، ويضر أيضاً بمصالح دول الخليج المنتج الرئيسي للنفط مثل الكويت والإمارات.

 قبل أيام قال الرئيس السابق للمخابرات السعودية الأمير تركي الفيصل، إن من المستبعد أن تتدخل المملكة قريباً في سوق النفط، حتى وإن طالت فترة انخفاض الأسعار عن المتوقع، وفهم الجميع من التصريح أن المملكة راضية عن المستويات الحالية للأسعار المنخفضة.

 وأمس الأحد، قال مندوب السعودية في أوبك، محمد الماضي، إن من الصعب أن تعود أسعار النفط مجددا إلى نطاق 100 إلى 120 دولاراً للبرميل، علما بأن السعر الحالي يدور حول 55 دولاراً حالياً. وسبق التصريحين تصريح لوزير البترول السعودي علي النعيمي، توقع فيه أن تستقر أسعار النفط، التي اقتربت من أدنى مستوياتها خلال 6 سنوات في يناير/كانون الثاني الماضي، عند مستوياتها الحالية، ودافع عن قرار أوبك في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بعدم خفض الإنتاج رغم تراجع الأسعار، وقال إن السعودية لن تخفض إنتاجها ما لم يطلب المشترون كميات أقل.

السعودية إذن تدعم سياسة بقاء الأسعار عند معدلاتها الحالية، وهذه السياسة لها دوافع سياسية واقتصادية بالدرجة الأولى، فقد أدت إلى تباطؤ أعمال الحفر داخل الولايات المتحدة، بحثا عن النفط الصخري وإلحاق خسائر فادحة بالشركات الأميركية، كما أدت إلى إلحاق الأذى الشديد بالاقتصاد الروسي والإيراني.

وتزداد الدوافع السعودية لبقاء أسعار النفط منخفضة رغم تضررها من القرار على المدي القصير، خاصة مع قرب توقيع الغرب اتفاقاً مع إيران، لرفع العقوبات الاقتصادية، وحل أزمة الملف النووي، والسماح لطهران بالعودة بقوة إلى سوق النفط والغاز العالمي مع الإفراج عن أموالها المحتجزة في الخارج، وبالتالي فإن الرياض لا تريد لطهران أن تهنأ بالقرار الغربي المتوقع، أو تكسب إيران مزيداً من الأموال التي تمكنها من إعادة بناء اقتصادها الضعيف، وربما تقديم مزيداً من الدعم لحلفائها في اليمن وسوريا ولبنان وسوريا.

سوق النفط يبحث عن أي إشارات صادرة من السعودية، أكبر عضو في أوبك، والمملكة تصر على سياستها الحالية برفض خفض الانتاج رغم تضررها من تراجع أسعار النفط، لكن استثماراتها الخارجية واحتياطاتها الأجنبية الضخمة تسمح لها بالصمود سنوات والدفاع عن موقفها أمام كبار المنتجين ومن بينهم روسيا والولايات المتحدة وإيران.


اقرأ أيضاً:
مسؤول سعودي: من الصعب عودة النفط إلى 120 دولاراً

المساهمون