إيران تستأنف نشاط 75% من الأعمال لتجنب الإفلاس

11 ابريل 2020
كورونا أصاب الأسواق بالجمود (Getty)
+ الخط -

أظهرت بيانات رسمية تداعيات اقتصادية هائلة على إيران بسبب إجراءات مواجهة انتشار فيروس كورونا الجديد، بينما تعاني مختلف القطاعات من صعوبات بالغة بفعل العقوبات الأميركية، ما دفع الحكومة إلى اتخاذ قرار باستئناف الأنشطة الاقتصادية منخفضة الخطر، اعتباراً من اليوم السبت، بعد توقف دام لأقل من شهر.

ونالت الخطوة انتقادات كبيرة في أوساط داخلية على خلفية مخاطر استئناف الأنشطة على صحة المواطنين، إلا أن خبراء يرون أن الحكومة لم يكن أمامها خيار آخر، لأن تعطيل الاقتصاد، بجانب تأثيرات العقوبات الأميركية خلال العامين الماضيين، من شأنه أن يؤدي إلى إفلاس البلاد.

وفي مقال بصحيفة "إيران"، اليوم، كشف المتحدث باسم الحكومة، علي ربيعي، عن أرقام حول تبعات كورونا الاقتصادية، يبدو أنها شكلت مسوغات دفعت الحكومة إلى السماح لـ75 في المائة من المشاغل والأعمال باستئناف النشاط، مشيراً إلى أن الفيروس أثر مباشرةً في 3 ملايين و300 ألف شخص من أصحاب المشاغل في البلاد.

وأكد ربيعي إغلاق أكثر من 1.5 مليون معمل إنتاجي حكومي وغير حكومي بسبب تفشي كورونا، مشيراً إلى أن 4 ملايين إيراني يعملون في المجالات غير الحكومية معرضون للبطالة.

بدا أن هدف المتحدث باسم الحكومة الإيرانية من كتابة مقاله المعنون بـ"الحفاظ على أرواح وحياة ومعيشة المواطنين معاً"، الدفاع عن استراتيجية الحكومة بالجمع بين ثنائية "الحفاظ على الصحة" و"إنقاذ اقتصاد البلاد"، إلا أن مراقبين يرون أن ذلك غير ممكن، لكونه يشبه الجمع بين النقيضين، حيث الإتيان بواحد منهما سيكون على حساب الآخر.

إلا أن ربيعي قال إن استئناف الأنشطة الاقتصادية يتوقف على مراعاة البروتوكولات الصحية، مشيراً إلى أنه "عندما يحصل تعارض بين الأمرين ستُحَلّ المشكلة لمصلحة الصحة".

وبالإضافة إلى الأرقام السابقة، استشهد المتحدث الإيراني ببيانات المؤسسات الدولية عن الأضرار التي يلحقها كورونا باقتصاديات العالم والقوة العاملة في الدول، مشيراً إلى أن قطاع الخدمات في بلاده هو الأكثر عرضة للصدمة الاقتصادية التي أحدثها كورونا، أكثر من قطاعي الزراعة والصناعة.

وقال إن قطاع الخدمات الإيراني لديه قدرات عالية على إيجاد فرص عمل غير رسمية، "لذلك كورونا يسبب تراجع الرخاء وزيادة الفقر اطراداً"، مضيفاً أن هناك أكثر من 12 مليون عامل في قطاع الخدمات في بلاده، 4 ملايين منهم معرضون للبطالة أو تراجع الدخل أو التسريح نتيجة توقف نشاط 10 فئات عمل.

ويضاف هذا الرقم إلى إجمالي العاطلين من العمل في إيران، الذين تشير تقديرات إلى أنهم يبلغون نحو 5 ملايين شخص.

وتوقع الخبير الاقتصادي، سعيد ليلاز، في تصريحات نشرتها صحيفة "همشهري" قبل أيام، أنه في حال استمرار الفيروس حتى آخر مايو/ أيار المقبل، فإنه سيقلص نحو 2 إلى 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، أي من 20 إلى 30 مليار دولار.

وتأكيداً لتفاقم الوضع المعيشي للإيرانيين بسبب تفشي كورونا، تشير نتائج استطلاع للرأي، أجراه مركز "إيسبا" لقياس الأفكار والاستطلاع أخيراً، إلى أن 34 من المستطلعة آراؤهم في العاصمة طهران، أكدوا في معرض ردهم على سؤال عمّا إذا كان بمقدورهم أن يتحملوا أكثر اقتصادياً في حال استمرار إغلاق المدينة، أنهم "لم يعودوا يحتملون ذلك".

كذلك إن 35 في المائة من المستطلعة آراهم قالوا: "لشهر أو نحو شهرين"، و9 في المائة منهم أجابوا بـ"ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر"، و22 في المائة "خمسة أشهر وأكثر".

وانتقد المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، في مقاله، المعترضين على قرار الحكومة استئناف الأنشطة الاقتصادية، مشيراً إلى أن 78 في المائة من الإيرانيين يعيشون "وضعاً مقلقاً"، معتبراً أن بلاده لم يكن أمامها إلا تبني استراتيجية جديدة في مواجهة كورونا، تأخذ بالاعتبار الوضع الاقتصادي الخاضع للعقوبات والمتأثر بالفيروس.

وفي ضوء العجز الكبير في الموازنة الإيرانية، المقدر بنحو 30 في المائة منها، تحت ضغط العقوبات الأميركية، أعلنت الحكومة الأسبوع الماضي تخصيص ألف تريليون ريال لمواجهة تداعيات كورونا، منها رزمة مساعدات اقتصادية لـ23 مليون أسرة (نحو 70 مليون شخص) تبلغ قيمتها 250 تريليون ريال، وفتح خط ائتمان لكل أسرة بمقدار 10 ملايين ريال، على أن تُسدَّد خلال عامين، بالإضافة إلى مساعدات نقدية أخرى تقدَّم على مراحل لثلاثة ملايين من محدودي الدخل، بمقدار 80 تريليون ريال (الدولار يعادل نحو 42 ألف ريال رسمياً، و158 ألف ريال في السوق الموازية).

المساهمون