مقابل عشرات الدولارات، يمكنك اقتناء سيارة فارهة من موديلات "بي إم دبليو" و"مرسيدس"، وربما "مازيراتي" و"لامبورغيني"، بدلا من أن تدفع عشرات آلاف الدولارات في شراء سيارة متواضعة تظل تسدد ثمنها لسنوات طويلة من راتبك المتواضع.
شعار رفعته شركات خدمات "مشاركة السيارات" قبل عدة سنوات، وظن الكثيرون أنه بعيد المنال، لكنه مع مرور الوقت تحول إلى حقيقة ربما تصبح مرعبة لشركات تصنيع السيارات في المسقبل المنظور، لاسيما أن انتشار الفكرة لم يعد قاصرا على الدول الأوروبية وإنما امتدت إلى بلدان نامية ذات كثافات سكانية عالية منها دول عربية.
وتقوم خدمة مشاركة السيارات، على تحويل فكرة ملكية السيارة من حالتها المألوفة، إلى فكرة الامتلاك المؤقت (المشاركة)، مما يسمح لأي شخص بالوصول إلى أي سيارة يحتاجها في أي وقت، حيث إن امتلاك سيارة أصبح شيئا مكلفا جداً، لذلك يتجه بعض الناس إلى "مشاركة السيارات".
ويمكن أن يستفيد مالكو السيارات من دخل مادي مجز في نظير مشاركة سياراتهم مع الآخرين، على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، كما يمكن تحديد اللون والموديل وأي تفاصيل أخرى بشكل لا يتوفر مع خدمات تأجير السيارات التقليدية، بالإضافة إلى تغطية شاملة للسيارات ضد المخاطر وتكاليف الصيانة والمرأب التي تعمل الشركات مقدمة الخدمة على توفيرها للعملاء.
وانتشرت خدمة "مشاركة السيارات" في العديد من المدن الأوروبية الكبيرة، ففي ألمانيا، تعمل شركات مثل "كار 2 جو" و"درايف ناو" في العديد من المدن ويمكن للعملاء أيضا استخدام الخدمات دوليا، كما نمت الخدمة بشكل قوي في فرنسا ولها نظام هائل في باريس وتنتشر في دول، بريطانيا وبلجيكا وسويسرا وهولندا.
وفي مصر التي تعد أكبر سوق ذات كثافة سكانية في المنطقة العربية، انطلقت لأول مرة خدمة مشاركة السيارات في يناير/كانون الثاني الماضي، حيث قالت شركة "فريندلي كار" إن "الخدمة تساعد على توفير تكاليف الصيانة والتأمين ومصاريف المرأب، مما يعني قيادة الكثير من السيارات بتكاليف أقل من قيادة سيارة واحدة لوقت طويل".
وقبل نحو عامين وصلت خدمة مشاركة السيارات إلى العديد من دول الخليج العربي، إلا أن طبيعة البلدان النفطية الغنية وارتفاع معدلات امتلاك السيارات بين السكان جعل من انتشارها محدوداً، بينما ينظر مقدمو الخدمة بأهمية بالغة إلى الأسواق التي يغلب على سكانها الدخل المتوسط وليس بمقدور الكثيرين شراء سيارة متواضعة.
ووفق تقرير لوكالة بلومبيرغ الأسبوع الماضي، فإن على صانعي السيارات أن يفزعوا من "مشاركة السيارات" التي تظهر المؤشرات تخلي المستهلكين عن تملك السيارة من المنظور التقليدي.
ففي دولة مثل روسيا التي شهدت دخول الخدمة متأخرا على غرار الكثير من الدول العربية، بدأت الخدمة بالازدهار بشكل كبير، لاسيما في العاصمة موسكو، فبينما بدأت الخدمة من خلال إحدى الشركات بـ 100 سيارة عام 2015 فإن نهاية العام الماضي 2018، شهدت عمل 16500 سيارة في إطار خدمة "مشاركة السيارات" في موسكو، فيما تتوقع وزارة النقل أن يرتفع العدد بمقدار 5000 سيارة سنوياً في السنوات المقبلة.
في المقابل، يرى البعض أن "مشاركة السيارات" محفوف بالمخاطر، فقد ذكرت شركة "كاسبرسكي لاب" المتخصصة في أمن الحواسيب والتي تتخذ من موسكو مقرا لها، في تقرير في يوليو/تموز الماضي، أن جميع تطبيقات برامج الخدمة، التي خضعت للفحص تحوي عدداً من المشاكل الأمنية، التي قد تسمح للمجرمين بالاستيلاء على السيارات المتشاركة، إما بالتخفي أو بانتحال شخصية مستخدم آخر.