في الوقت الذي تزايدت فيه تحذيرات المتخصصين من اقتراب سوق الأسهم الأميركية من إنهاء دورة ارتفاع الأسعار المستمرة منذ أكثر من عشرين شهراً، أنهى مؤشر داو جونز الصناعي تعاملات يوم الجمعة على ارتفاع 75 نقطة، ليسجل أعلى إقفال له منذ مارس/ آذار الماضي، في إشارة إلى تفاؤل المستثمرين بنتائج اجتماعات دول السبع الصناعية في مقاطعة كيبك الكندية على مدار يومي الجمعة والسبت.
وجاءت النهاية السيئة للاجتماعات، بسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب تأييده لبيان المجموعة المشترك يوم السبت، لتضاعف قلق المستثمرين من تزايد احتمالات اشتعال حرب تجارية شاملة، وهو ما يتوقع أن يلقي بظلاله على سوق الأسهم الأميركية مع بداية تعاملات غد الاثنين.
وقال ترامب في تغريدة من على متن طائرته، بعد مغادرته للاجتماعات متوجهاً لسنغافورة لمقابلة رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ-أون، "استنادًا إلى تصريحات جاستن الكاذبة في مؤتمره الصحفي، وحقيقة أن كندا تفرض رسومًا جمركية هائلة على مزارعينا وعاملينا وشركاتنا الأميركية، فقد أوعزت إلى ممثلي الولايات المتحدة بعدم تأييد البيان بينما ننظر في التعريفات على السيارات التي تغرق السوق الأميركية".
وارتفع مؤشر داو جونز خلال الأسبوع 2.77% في أعلى مكاسب أسبوعية منذ ثلاثة أشهر، كما ارتفع مؤشر اس آند بي الأوسع نطاقاً بمقدار 1.62%، بينما ارتفع مؤشر ناسداك 1.21%، لتحقق المؤشرات الثلاثة الأشهر للسوق الأميركية ثالث أسبوع على التوالي من الارتفاعات.
وتميزت تعاملات يوم الجمعة بالهدوء النسبي، في انتظار ما ستسفر عنه اجتماعات زعماء المجموعة، بعد أن علت النبرة العدوانية بين الولايات المتحدة والدول الست الأخرى الأعضاء، وبصفة خاصة الحليفين القريبين للولايات المتحدة فرنسا وكندا، قبل بدء الاجتماعات.
ونصح بريان وين، نائب رئيس بلاكستون للاستشارات، إحدى الشركات التابعة لمجموعة بلاكستون العملاقة المستثمرين بعد الافراط في التفاؤل بالارتفاعات الأخيرة في سوق الأوراق المالية، على الرغم من تفاؤله باستمرار انتعاش الاقتصاد الأميركي خلال العامين أو الثلاثة أعوام القادمة.
وقال وين في لقاء له مع قناة سي إن بي سي CNBC "إحساسي يقول إن هناك شيئاً في الأفق قد يؤدي إلى انزعاج سوق الأسهم، وغالباً سيكون أمراً له علاقة بالأحداث الجيوسياسية. وقد يكون هو القمة المرتقبة مع زعيم كوريا الشمالية".
وجاءت كلمات وين بينما كان مؤشر CBOE Volatility VIX، ويطلق عليه "مقياس الخوف" في أسواق الأوراق المالية، يسجل أقل مستوى له منذ يناير/كانون الثاني الماضي.
واعتبر وين أنه، على الرغم من توقعه عودة السوق إلى المستويات المرتفعة من التقلبات، إلا أنه اعتبر أن "الاقتصاد الأميركي يستند إلى أسس قوية في الوقت الحالي".
وقال أيضاً إنه يتوقع أن يتراجع السوق بحوالي 10%، لكنه رجح عدم حدوث ركود في المستقبل القريب، وقال "لا أتوقع حدوث ركود قبل عام 2021".
نصائح استثمارية
وفي مذكرة أطلعت "العربي الجديد" عليها، نصح مايك رايان، كبير مسؤولي الاستثمار للأميركتين ببنك يو بي اس السويسري بنيويورك، عملاءه بالتركيز على أسهم التكنولوجيا الحديثة على المدى الطويل، وحدد لهم خمس تقنيات ضمن هذه النوعية من الأسهم، يتوقع أن تكون لها الغلبة في المستقبل.
وكانت هذه التقنيات هي الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligent، والواقع المعزز / الافتراضي Augmented/Virtual Reality، والبيانات الضخمة Big Data ، والحوسبة السحابية Cloud Computing، والجيل الخامس G5.
وأشار إلى أن "هذه التقنيات الخمس تمهد الطريق للعديد من التطبيقات التي تعيد تشكيل كل الصناعات الرئيسية تقريبًا، وأنها من المرجح أن تحقق عوائد مرتفعة للمستثمرين، من خلال محافظ تحقق التنوع بين الشركات التي تعمل في مجالات مثل البرمجيات وأشباه الموصلات، خاصة عندما تكون لدى تلك الشركات قدرة كبيرة على التحكم في تسعير منتجاتها، وعندما تكون هناك عوائق حقيقية لدخول لاعبين جدد لتلك الأسواق".
وتوقع رايان أن تكمل السوق اتجاهها الصعودي، إلا أنه نصح المستثمرين بزيادة حصة الأسهم العالمية، وأسهم السواق الناشئة على حساب سندات الخزانة الأميركية، وأضاف "تبقى المخاطر حاضرة، ومن ثم فإن الحاجة إلى تنويع المحفظة ستزداد في السنوات المقبلة. يجب على المستثمرين أن يتعاملوا مع زيادة التقلبات في الأسواق على أنها فرصة غير مكلفة لإعادة تقييمهم لمدى تقبلهم للمخاطر، ومراجعة الأمور المسلم بها داخل محافظهم، مع اتخاذ خطوات نحو تقليل دور "التوفيق" في نجاح استثماراتهم.
بدوره توقع توم ناراتي، الرئيس المشارك لقسم إدارة الثروات ببنك يو بي اس، أن تنمو أرباح الشركات عالمياً بمتوسط يتراوح بين 10% و15%، وأكد أنه على المدى الطويل، فإن ارتفاع أرباح الشركات يدعم ارتفاع أسعار أسهمها.
وقال إنه "على الرغم من تزايد احتمالات اقترابنا من نهاية الدورة الاقتصادية، فإن بعض أفضل العوائد يتم تحقيقها قرب انتهاء دورة صعود الأسواق".
وأشار إلى أن عوائد الاستثمارات منذ عام 1928 تشير إلى تحقيق متوسط عائد 22% في العام الأخير من دورة السوق، مقارنة بمتوسط 11% في سنوات السوق الصاعدة الأخرى.
ودعا ناراتي المستثمرين إلى تنويع استثماراتهم عالمياً، بدلا من قصرها على الأسواق الأميركية، وأكد أنه "ليس من مصلحة المستثمرين اتخاذ قرارات سريعة تستند إلى تحركات السوق اليومية، حيث إن أوقات تقلبات الأسواق توفر فرصًا للنظر في الاستثمارات التي لا يراها الآخرون أو التي يختارون ألا يروها".