الاحتجاجات العمالية تجبر تونس على زيادة واردات الغاز

13 مارس 2016
محطة وقود في تونس (فرانس برس)
+ الخط -


زادت الاحتجاجات العمالية، التي شهدتها مواقع لإنتاج الغاز الطبيعي من التوقعات بإقدام الحكومة، على رفع وارداتها من الغاز لتعويض النقص المحلي، وهو ما قد يفاقم من صعوبات الاقتصاد المنهك.

وتتوقع الشركات المنتجة للطاقة في تونس، ارتفاع واردات الغاز الطبيعي من 65% من إجمالي الاحتياجات المحلية، إلى نحو 90%، بسبب ما وصفتها بحالة الشلل التي تشهدها الشركات المستخرجة.

وبحسب منتجين، فإن تونس ستلجأ إلى الجارة الغربية الجزائر لسداد النقص الحاصل من احتياجات الغاز الطبيعي، بسبب عجز الشركات المحلية على توفير الكميات المطلوبة، نتيجة تعطل الاستخراج من حقلي "صدربعل" في محافظة صفاقس جنوب شرق البلاد، الذي تستغله شركة بريتش غاز و"الشرقي" الذي تستغله شركة "بتروفاك" البريطانية.

وتعود أسباب تعطل الحقلين، وفق ما أكده عماد الدرويش، مدير عام "بتروفاك" في تونس، إلى توقف النشاط في حقل "الشرقي منذ ما يزيد عن الخمسين يوما بسبب الإضرابات والاحتجاجات الاجتماعية، مما أدى إلى منع شاحنات الشركة من الخروج من مواقع الإنتاج.

وتوقع الدرويش، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن تلجأ الحكومة إلى تغطية 90% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي عن طريق الاستيراد من الخارج.

وانتقد موقف وزارة الطاقة إزاء إنهاء الوضع الحالي، مشيراً إلى أن الحكومة لم تبذل أي جهد لاستعادة نشاط الشركات المعطلة رغم الأعباء المادية الكبيرة التي تتحملها الدولة، بسبب ارتفاع وارداتها.
وكان عجز ميزان الطاقة قد انخفض وفق آخر بيانات للمصرف المركزي التونسي، إلى نحو 12 مليون دولار بنهاية فبراير/شباط الماضي، مقابل 207 ملايين دولار في نفس الفترة من العام الماضي 2015 ، بسبب التراجع في أسعار النفط عالميا.

اقرأ أيضاً: تونس: الاحتجاجات تعجّل برحيل شركات أجنبية

لكن رضا بوزداة، مدير عام الطاقة، قلل من تحذيرات الشركات المنتجة للغاز من ارتفاع الواردات الحكومية بنحو كبير، مضيفا أن " ما تروّج له الشركات لا أساس له من الصحة، فحجم الواردات من الغاز الطبيعي ارتفع بنسبة غير كبيرة نتيجة توقف حقل الشرقي الذي تستغله بتروفاك".

ولفت المسؤول في وزارة الطاقة إلى أن واردات الغاز الطبيعي ارتفعت إلى 65%، بزيادة 10% عن المستويات السابقة، مؤكدا أن هذه الزيادة الطفيفة لن يكون لها انعكاسات سلبية على موازنة الطاقة، خاصة وأن الارتفاع يعد مؤقتا وسيتم تداركه إثر عودة الحقول إلى مستوى نشاطها الطبيعي.

وتابع بوزرادة أن الحكومة تسعى إلى تقليص تداعيات الإضرابات الاجتماعية على نشاط مؤسسات الطاقة، وتوفير مناخ استثمار سليم ومستقر في هذا القطاع.

وتتوقع وزارة الطاقة أن يرتفع إنتاج تونس من النفط والغاز الطبيعى خلال 2016 إلى 5.1 ملايين طن مكافئ، معولة على استكشافات جديدة ستفضي إلى دخول ثلاثة آبار جديدة حيز الاستغلال العام الحالي، فضلا عن حفر 11 بئراً جديدة.

وتمكنت الشركات العاملة في قطاع الطاقة في السنوات الأخيرة من خفض معدلات الاستيراد وتقليص عجز ميزان الطاقة الذي تعاني منه البلاد. وتستحوذ "بريتش غاز" وحدها على نحو 70% من إنتاج تونس للغاز.

لكن الاحتجاجات العمالية تزيد المخاوف من تراجع إنتاج البلاد بسبب انخفاض جدوى الإنتاج وارتفاع تكلفتها في ظل تراجع أسعار النفط والغاز عالميا.

وكشف وزير الطاقة والمناجم منجي مرزوق، مؤخرا في تصريح لوكالة الأنباء التونسية "وات" عن تراجع إنتاج تونس من النفط إلى 50 ألف برميل يوميا، في حين يبلغ إنتاج الغاز الطبيعي 6.5 ملايين متر مكعب يوميا.

وقال مرزوق إن إنتاج النفط في تونس مرتبط بأزمة البترول في السوق العالمية، خاصة وأن الآبار ذات المردودية الضعيفة باتت غير مربحة للشركات العالمية.

ويثير ملف الطاقة جدلا كبيرا في تونس بسبب الغموض الذي يكتنف هذا القطاع وحجم معاملات الشركات الأجنبية المستغلة للحقول وكيفية إبرام العقود.

وطالب البرلمان التونسي في أكثر من مناسبة بتنقيح قوانين واتفاقات المحروقات والكشف عن بنود العقود، لا سيما وأن تقرير دائرة المحاسبة المالية العمومية أشار إلى شبهات فساد في إدارة موارد البلاد.

وقبل ثورة 14 يناير/كانون الثاني 2011 كان الخوض في مسألة الثروة البترولية محظورا، حيث كان نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، يقول آنذاك إن موارد البلاد ضئيلة ولا ترتقي لتغطية ربع احتياجات السوق.

لكن البلاد أصبحت تنتج في السنوات الأخيرة حوالي 45% من احتياجاتها من الغاز وارتفعت في بعض الأوقات إلى 55%، بينما تستورد النسبة الباقية من الخارج.

اقرأ أيضاً: تونس تمنح العلامات الأجنبية حق النفاذ للسوق

دلالات
المساهمون