استمع إلى الملخص
- **تحديات البنوك المركزية والشركات:** البنوك المركزية تواجه تحديات في حال عودة التضخم. الهجمات اليمنية على السفن تزيد من هشاشة التجارة العالمية، مما يدفع المستوردين إلى نقل التكاليف إلى المستهلكين. شركات مثل "سي أو إي دستريبيوتينغ" تفكر في زيادة الرسوم على العملاء.
- **تأثيرات جغرافية وتوقعات مستقبلية:** الشركات الأوروبية القريبة من البحر الأحمر تشعر بتأثيرات كبيرة نتيجة الاضطرابات. ازدحام الموانئ في سنغافورة ينحسر، وتكاليف الشحن قد لا تنتقل بالكامل إلى المشتري النهائي، لكن التوقعات قد تتغير في حالة حدوث صدمات أخرى.
يُحيي اضطراب سوق الشحن العالمي المخاوف من عودة التضخم إلى جموحه السابق. ورغم أن شركات النقل تبدو أكثر مرونة في تنفيذ عملياتها، فإنها لا تستطيع توصيل البضائع إلى مقاصدها النهائية إلا في وقت طويل نتيجة اتباع خطوط بحرية أطول من السابق. وما يجري الآن يستعيده جيسون ستار، رئيس العمليات في شركة "غلوب إلكتريك" (Globe Electric) ومقرها مونتريال، لشبكة بلومبيرغ، بذكريات اضطراب ما بعد صدمة كورونا، حين ارتفعت فواتير الحاويات الفورية خلال أسابيع بأكبر قدر منذ عام 2022، علماً أن الاضطراب التاريخي الذي بلغت قيمته 25 تريليون دولار في تجارة السلع العالمية، والذي بلغ ذروته قبل عامين، خلّف ندوباً اقتصادية عميقة ناجمة عن التضخم، وقلقاً من نقص المعروض، لكن خلق أيضاً حواجز وقائية في شركات مثل "غلوب إلكتريك"، التي أصبحت فرق المشتريات فيها الآن أكثر مرونة باعتماد جديد على التكنولوجيا وأدوات البيانات لتوجيه قراراتها.
وأبدى اقتصاديون في "نومورا"، بقيادة جورج موران في لندن، في مذكرة بحثية يوم الأربعاء الماضي، اعتقادهم بأن الأسواق تقلل من خطورة ارتفاع أسعار الشحن، محذرين من أن "نموذجنا يشير إلى أنه قد يكون هناك ضغط تصاعدي ملحوظ على التضخم".
أما بالنسبة إلى البنوك المركزية في مختلف أنحاء العالم، التي بدأت خفض أسعار الفائدة، أو تستعد لذلك، فإن أي عودة لتضخم أسعار المستهلك من شأنها أن تشكل تحدياً كبيراً، في حين أن ما يمكن أن يساعد صناع السياسات هو الجهود المكثفة التي يبذلها قطاع الخدمات البحرية لمعالجة الاختلالات.
وبحسب بلومبيرغ، سُلّط الضوء على هشاشة التجارة العالمية من خلال ستة أشهر من الهجمات اليمنية على السفن في البحر الأحمر، التي توقع عدد قليل من الخبراء أن تستمر لفترة طويلة. ورغم أن الاضطرابات لم تبلغ المستويات التي شوهدت خلال كورونا، إلا أن المستوردين يحذرون من أنه سيتعين عليهم في نهاية المطاف نقل التكاليف إلى المستهلكين، بينما تُعد الاضطرابات الأخيرة حافزاً آخر لتقريب الإنتاج من نقاط البيع.
وتُعد "سي أو إي دستريبيوتينغ" (COE Distributing) لبيع أثاث المكاتب بالجملة، ومقرها ولاية بنسلفانيا، من الشركات التي شعرت بالهزة الجديدة. فقد كانت تستخدم خط البحر الأحمر لاستيراد نحو 50% من منتجاتها من شركاتها المصنّعة في آسيا. وقد حذر رئيسها التنفيذي جي دي إوينغ من أنه قد يحتاج إلى زيادة رسوم على العملاء السنة المقبلة، مع إشارته إلى أن "الأمر ليس مؤثراً أو مرئياً لغالبية المستهلكين الأميركيين الآن، لكننا بدأنا نرى تأثيرات التكلفة المادية".
التهديد بزيادة الرسوم الجمركية يعزز مخاوف التضخم
وبالنسبة إلى شركات أميركية أُخرى، أصبح التعرّض لدورات سوق الشحن أكثر حدّة من أي وقت مضى. وفي هذا الصدد، يقول غريغ ديفيدسون، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة "لالو" (Lalo) ومقرها نيويورك، وهي شركة لمنتجات الأطفال تشحن بضع مئات من الحاويات سنوياً من آسيا، إن أعلى مبلغ دفعه مقابل حاوية شحن طولها 40 قدماً ناهز 21 ألف دولار عام 2022. وقال إن التكهنات تشير إلى أن الفاتورة ستعود إلى 20 ألف دولار، لكن سيشكل ذلك زيادة كبيرة قياساً بمبلغ تسعة آلاف دولار كان قد دفعه قبل مدة لفاتورة الحاوية نفسها، وهذا، برأيه، ما "سيؤدي إلى حدوث قدر من التضخم على كمية معينة من البضائع".
وقد ظهرت عملياً بعض الضغوط التسعيرية مع ارتفاع أسعار المنتجين في الولايات المتحدة أكثر بقليل من المتوقع في يونيو/ حزيران الماضي. وتأتي الأزمة الأخيرة في الوقت الذي يسارع فيه تجار الجملة وتجار التجزئة في الولايات المتحدة وأوروبا إلى تخزين المخزون قبل مواسم التسوق في عطلة نهاية العام والعودة إلى المدرسة. وما يزيد من قوة دفع التضخم التهديد بفرض رسوم جمركية أميركية أعلى على الواردات الصينية.
في هذا السياق، قال ستيفن لامار، رئيس الجمعية الأميركية للملابس والأحذية، التي تمثل أكثر من 1000 اسم تجاري رائد، إن "الجانب المشرق الوحيد هنا هو الفهم الأفضل للمشكلة التي لا نزال نواجهها لمنع الاضطرابات، وهذا لا يعني أن المشكلة أسهل في إدارتها أو التعامل معها".
تحديات الشحن بالنسبة إلى أوروبا القريبة من البحر الأحمر
ونظراً لقربها من البحر الأحمر، فإن الشركات الأوروبية تشعر بتأثيرات كبيرة، حيث أصدرت شركة "دي إف إس فيرنيتشر" (DFS Furniture Plc) لبيع أثاث بالتجزئة في المملكة المتحدة، تحذيراً بشأن الأرباح الشهر الماضي، مشيرة إلى أن الاضطرابات في البحر الأحمر أدت إلى زيادة تكاليف الشحن وتأخر التسليم.
كذلك قال أليكس بالدوك، الرئيس التنفيذي لشركة "كاريز" (Currys Plc)، في مكالمة الشهر الماضي، إن تكاليف سلسلة التوريد وتشغيل الخدمات "وصلت إلى خط هامش الربح الإجمالي"، ما أجبر شركة بيع الإلكترونيات بالتجزئة البريطانية على تنفيذ تدابير التحكم في التكاليف.
ويبدو أن ازدحام الموانئ في سنغافورة، وهي مركز رئيسي للشحن العابر للبضائع الآسيوية، بدأ ينحسر، ويبدو أن أسعار الحاويات الفورية المتجهة إلى الولايات المتحدة من آسيا التي تتبعها زينيتا، وهي منصة لتحليلات الشحن مقرها أوسلو، قد وصلت إلى مرحلة الاستقرار، وفقاً لتقرير بلومبيرغ الصادر اليوم الخميس.
وفي هذا الصدد، قالت كبيرة محللي الشحن في "زينيتا" إميلي ستوسبول: "يمكن لشركات الشحن أن تبدأ مرة أخرى في إثارة شركات النقل ضد بعضها البعض. ومع بدء ميزان القوى التفاوضية في التأرجح نحو شركات الشحن، يجب أن نرى الأسعار الفورية تبدأ بالانخفاض مرة أخرى". وفي تقرير بحثي حديث، كتب تيم كوينلان وشانون سيري غرين ونيكول سيرفي، الاقتصاديون في "ويلز فارغو"، أن "تكاليف الشحن المرتفعة اليوم من غير المرجح أن تنتقل بالكامل إلى المشتري النهائي".
ولكن مثل هذه التوقعات قد تتغير في حالة حدوث صدمة أخرى، مثل الجفاف في قناة بنما، أو الاضطرابات العمالية في الموانئ الألمانية، أو إضراب عمال الموانئ في شرق الولايات المتحدة وساحل الخليج.