أدت الحرب المتواصلة في ليبيا إلى خسائر ضخمة للقطاع النفطي المصدر الرئيسي للدخل في البلاد، ما قلّص الإيرادات المالية بحيث أصبحت لا تكفي سوى رواتب 10% من الموظفين، وفق بيانات رسمية.
وقالت المؤسسة الوطنية للنفط الليبية، أمس، إن الخسائر التراكمية نتيجة حصار نفطي تفرضه قوات متحالفة مع قائد قوات شرق ليبيا خليفة حفتر، منذ 19 يناير/ كانون الثاني، اقتربت من خمسة مليارات دولار.
وأكدت المؤسسة، في بيان، أنه "تم في 19 يناير الماضي إقفال الموانئ النفطية وخطوط نقل الخام ومنعت المؤسسة الوطنية للنفط من ممارسة عملها، وأجبرنا على إعلان حالة القوة القاهرة". وأضافت: "تدنت إثر ذلك الصادرات النفطية لمستويات غير مسبوقة، وبلغت الإيرادات السيادية للبلد مبلغا لا يكفي لسد 10% من قيمة مرتبات الدولة".
وتشن مليشيات الجنرال المتقاعد، خليفة حفتر، هجوماً على طرابلس، منذ إبريل/ نيسان من العام الماضي، في محاولة للسيطرة على العاصمة، إلا أنها منيت بخسائر فادحة في الفترة الأخيرة خاصة في قاعدة الوطية وغرب ليبيا دفعتها إلى الانسحاب.
وقال رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله، إن قطاع النفط الليبي واجه صعوبة لم يمر بها القطاع منذ بدء الإنتاج عام 1961، مضيفاً أن النفط يشكل نحو 95% تقريبًا من الميزانية العامة، بينما يعني إيقاف الإنتاج أنه لا يوجد دخل للبلاد.
ومن جهته، دعا المحلل النفطي، محمد أحمد، في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى ضرورة إعادة استئناف عمل الحقول النفطية لإيقاف نزيف الاحتياطي من العملة الصعبة وتقليل نسبة العجز من الموازنة العامة والتخفيف من الأعباء المعيشية على المواطن. وقال أحمد إن القطاع النفطي المصدر الوحيد للدخل منذ ستينات القرن الماضي، ولا توجد أي بدائل أخرى للاقتصاد الليبي في الوقت الحاضر مع استمرار الحرب وعدم الاستقرار الأمني والسياسي بالبلاد.
وتوقع البنك الدولي، في تقرير حديث، أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للاقتصاد الليبي بنسبة 19.4% في عام 2020، وهي أعلى نسبة انكماش عربياً.
ومن جانبه، أكد المحلل الاقتصادي، أبوبكر الهادي، أن عدم فتح النفط سيحدث عجزا غير مسبوق في ميزان المدفوعات، وسيجبر الحكومة على فرض قيود جديدة على العملة الصعبة مما يسهم في ارتفاع الدولار في السوق الموازي إلى معدلات قياسية تناهز 10 دنانير أو أكثر نهاية العام، ولذلك من الضروري فتح الحقول النفطية لتحصيل إيرادات تخفّف من استنزاف الاحتياطي.
وأوضح الهادي لـ"العربي الجديد" أن استمرار قفل الحقول النفطية سوف تكون له آثار كارثية على معيشة المواطنين، من تأخر صرف الرواتب وضعف الخدمات الصحية والعامة بالإضافة إلى استمرار سياسات التقشف.
وتعاني ليبيا، منذ سقوط نظام القذافي بعد اندلاع الثورة عام 2011، من هجمات متكررة على منشآت النفط والغاز، وإضرابات العاملين فيها والاستيلاء المسلح عليها، خاصة من قبل مليشيات تابعة لحفتر.