"بريق" مصر الاستثماري يخبو بعد احتجاجات ضد الفساد

03 أكتوبر 2019
إجراءات السيسي زادت معاناة المصريين (Getty)
+ الخط -
فقدت سمعة مصر كنجم صاعد في سماء الأسواق الناشئة بعض بريقها الشهر الماضي، حينما كشفت احتجاجات اندلعت الشهر الماضي عن غياب الاستفادة الجماهيرية حتى الآن من إجراءات اقتصادية استغرقت سنوات ونالت إعجاب المستثمرين.


وتعيد تلك الاحتجاجات النادرة ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الأذهان، وفق تقرير لوكالة "رويترز"، ذكرى الاضطرابات التي أعقبت الإطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك في 2011، حيث تسببت في هزة وجيزة لسوق الأسهم المحلية البالغ حجمها 12 مليار دولار وضغطت على الدين السيادي واحتياطي البلاد من النقد الأجنبي.

واستقرت الأسواق هذا الأسبوع، بعدما تمكنت قوات الأمن من الحيلولة دون نزول مزيد من المحتجين، مما طمأن المستثمرين الذين يقبلون على مصر منذ أبرمت القاهرة اتفاق قرض قيمته 12 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي في 2016.

وبخفضها قيمة عملتها في نوفمبر 2016 وشروعها في إصلاحات اقتصادية ومالية، نفذت مصر إجراءات تقشف للمساعدة في خفض عجز الموازنة. لكن المستثمرين يخشون من أن تتراجع السلطات عن إجراءات مثل خفض الدعم على الوقود وسلع أخرى وهو ما زاد أوجاع المصريين، الذين يعيش ثلثهم تحت خط الفقر.

وقال فاروق سوسة، كبير الاقتصاديين لدى غولدمان ساكس: "المستثمرون قلقون من خطر حدوث انزلاق مالي من خلال التراجع عن إصلاح الدعم أو زيادة الإنفاق على أجور القطاع العام أو التحويلات النقدية... مبعث الخطر الرئيسي أن أي انزلاق مالي قد يقلص فرص مصر في التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد على صفقة جديدة بعد انتهاء الحالية في نوفمبر/  تشرين الثاني القادم".

وما قد يكون أول علامة على مثل هذا الانزلاق، قالت وزارة التموين إنها أعادت 1.8 مليون مواطن إلى منظومة دعم الغذاء منذ شهر فبراير/ شباط، في أعقاب تقليصات سابقة على البرنامج.

وقال مارشال ستوكر، مدير المحفظة في إيتون الأميركية لإدارة الاستثمار: "نراقب رد فعل الحكومة على هذه الأقلية الصغيرة عالية الصوت لنرى ما إذا كان هناك أي نوع من الاستجابة السياسية الشعبوية بما يخرج برنامج الإصلاح الاقتصادي عن مساره".

ولاقت سوق السندات الحكومية المحلية لمصر نجاحا باهرا مع إقبال المستثمرين الساعين وراء العوائد المرتفعة، والتي اقتربت في بعض الأوقات من 20% سنويا في عالم تدفع فيه البنوك المركزية أسعار الفائدة نحو مزيد من الانخفاض.

وتقترب عوائد السندات السيادية المصرية على مؤشر جيه.بي مورغان القياسي للسندات المحلية الناشئة من 14 في المائة، بما يجعلها الأعلى على المؤشر.

وفي أغسطس/ آب، بلغت حيازات الأجانب من أدوات الدين الحكومية شاملة الأذون والسندات 20 مليار دولار، في تعاف قوي من 31 مليون دولار فقط في 2015 عقب ثورات الربيع العربي.


وقال تيموثي قلدس من معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط: "الواقع هو أن مصر كوجهة للاستثمار الأجنبي في السنوات القليلة الماضية لم تكن جذابة إلا في ما يتعلق ببيع الدين قصير الأجل، بفضل تقديم بعض أعلى أسعار الفائدة في السوق".

لكن مزيج متطلبات التمويل الكبيرة، حيث تحتاج القاهرة لتدبير من ستة إلى سبعة مليارات دولار في السنة المالية القادمة، وفقا للمحللين، ونقص التفاصيل في ما يخص الانخراط مع صندوق النقد بعد نوفمبر/ تشرين الثاني يعني أن أفضل الأوقات للمستثمرين ربما ولت.

وقال راي جيان رئيس ديون الأسواق الناشئة في أموندي، إن لدى مصر احتياجات تمويلية كبيرة، وهو ما قد "ينطوي على تحد دون ترتيب خاص مع صندوق النقد".

ولاقت الأسهم المدرجة في بورصة مصر البالغة قيمتها 12.2 مليار دولار رواجا هي الأخرى، فقد صعد مؤشر إم.إس.سي.آي للأسهم المصرية 32 في المائة منذ بداية العام مقارنة بمؤشر الأسواق الناشئة عموما الذي ارتفع 3.6 في المائة فقط على مدى الفترة ذاتها.

وزادت مخصصات الأسهم المصرية لدى مديري صناديق أسهم الأسواق الناشئة في الأشهر الأخيرة، مع صعود متوسط أوزان الحيازات إلى أعلى مستوياته في أربع سنوات، بحسب تقديرات كوبلي لأبحاث الصناديق.

وقال أندرو يرودينيل، مدير المحفظة الكبيرة لأسهم الأسواق المبتدئة لدى شركة أشمور غروب، إن هناك استياء حقيقيا في أوساط المصريين، مضيفا أن الإصلاحات تستغرق وقتا وفوائدها لم تصل بعد إلى شريحة كبيرة من السكان. وتابع: "من المأمول أن يكون هذا على وشك التغيير".

لكن حسنين مالك، العضو المنتدب لاستراتيجية أسهم الأسواق المبتدئة لدى مؤسسة تيليمر، قال إن هبوط مؤشر البورصة المصرية الرئيسي ستة في المائة الأسبوع الماضي لم يكن مبررا.

وأضاف: "السوق المصرية ما زالت جذابة المقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى".

وساعدت الإصلاحات على احتواء التضخم، لكنها لم توفر فرص العمل بما يلبي حاجات بلد يقطنه 100 مليون نسمة.

وتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 5.9 مليارات دولار في السنة المالية 2018-2019 من 7.7 مليارات دولار في السنة المالية السابقة، وهو مستوى أقل كثيرا من توقع صندوق النقد الذي كان يبلغ 11.5 مليار دولار في بداية برنامجه في مصر، ويظل أقل بكثير حتى بعد خفض الصندوق توقعه إلى 9.5 مليارات دولار في إبريل/ نيسان.

ويلقي رجال الأعمال باللوم في ذلك على البيروقراطية وبطء إجراءات التقاضي، والتوسع في الشركات المرتبطة بالجيش.

وزاد النمو إلى 5.6 في المائة في 2018-2019. وقال غريغوري سميث، استراتيجي الدين السيادي لدى شركة رينيسانس كابيتال: "مصر تحتاج إلى نمو ستة أو سبعة أو ثمانية في المائة يقوده القطاع الخاص لكي يشعر به الناس وتتحسن مستويات المعيشة عموما".

(رويترز)

المساهمون