وسجّل التونسيون في مختلف محافظات البلاد زيادات جديدة في أسعار الخضر والفواكه وبعض أصناف اللحوم، فضلاً عن الزيادات التي لا تتوقف في سلع أخرى أساسية، ومنها مواد التنظيف ومنتجات غذائية معلّبة.
وعكس مؤشر التضخم، الذي كشف عنه معهد الإحصاء الحكومي، الزيادات المسجلة في الأسعار، بعد ارتفاع التضخم في تونس خلال شهر مارس /آذار الماضي إلى مستوى 6.2 بالمائة، بعد أن كان في حدود 5.8 بالمائة في فبراير/شباط 2020.
وأرجع المعهد هذا الارتفاع، المسجل بعد التراجع الذي شهدته طيلة الستة أشهر المنقضية، إلى تسارع وتيرة ارتفاع أسعار مجموعة التغذية والمشروبات من 3.7 بالمائة خلال شهر فبراير/ شباط إلى 5.1 بالمائة في مارس/آذار.
ولم تنكر وزارة التجارة تسجيل زيادات في الأسعار، بررتها بقرار الإغلاق المؤقت لأسواق الجملة والاكتفاء بالتزويد في 3 أيام فقط أسبوعياً، قبل أن يتم التراجع عن هذا القرار لاحقاً.
وفي المقابل، يقول المستهلكون أن زيادة الأسعار مردها الفوضى التي تضرب الأسواق منذ بدء جائحة كورونا وتحديد ساعات العمل بالنسبة للأسواق، ما يدفع التجار إلى الرغبة في تحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح في وقت وجيز.
وأكد المواطن عربي الصامتي أنه رصد زيادة لا تقل عن 30 بالمائة في أسعار المواد الغذائية منذ الأسابيع الأولى لبداية انتشار الفيروس في تونس، مشيراً إلى أن تجاراً يستغلون الوضع الصحي، وما رافقه من إجراءات تتمثل في الحجر الصحي، لرفع الأسعار من دون مراقبة.
وقال في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن هذه الزيادات غير المبررة تؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين المنهكين بطبعهم بالنفقات الأسرية المتزايدة، مشدداً على ضرورة دعم أجهزة المراقبة في الأسواق، ومعاقبة المخالفين لضمان استقرار الأسعار، خاصة مع اقتراب شهر رمضان الذي يبلغ فيه الاستهلاك ذروته لدى الأسر التونسية.
ويستحوذ الغذاء على 35 في المائة من إجمالي إنفاق الأسر التونسية في مواسم الذروة (رمضان والصيف)، مقابل 26 في المائة بقية العام، الأمر الذي يرجع إلى زيادة أسعار بعض السلع وارتفاع معدلات الاستهلاك.
وتتركز زيادة الإنفاق، بحسب بيانات رسمية لمعهد الاستهلاك الحكومي، في شراء المعجنات والألبان والبيض والخبز والسكر، وهي المواد التي تستأثر بالقدر الأكبر من الدعم الحكومي، حيث يزيد استهلاك الخبز المدعم بنسبة 13 في المائة، والألبان الطازجة 67 بالمائة، والزيت النباتي المدعم 15 بالمائة.
وتطالب منظمات الدفاع عن المستهلك بإعادة ترشيد الأسعار في ظرف زمني وجيز قبل انفلاتها في رمضان، معتبرة أن انتشار أسواق عشوائية، بسبب إغلاق الأسواق المنظمة بغاية التعقيم، قد يساعد التجار على توجيه دفة الأسعار نحو الأقصى.
وأكد رئيس المنظمة سليم سعد الله، لـ"العربي الجديد"، اقتران ارتفاع الأسعار بارتباك مسالك التوزيع نتيجة إغلاق بعض الأسواق المنظمة، لكنه أفاد أن العرض متوفر ولا يدعو إلى القلق بشأن تواصل تزويد الأسواق، حتى في موسم الذروة خلال الأسابيع القادمة.
وبيّن سعد الله أن الأسواق عرفت طفرة شراء بسبب حالة الهلع التي أصابت التونسيين، بعد بداية انتشار الفيروس وفرض السلطات حجرا صحيا وحظر التجول، مشيراً إلى أن التجار والمضاربين غالباً ما يستهدفون المواد المدعمة لتحقيق هوامش ربح أكبر.
وأفاد بأن أسعار بعض المواد زادت بنسبة 100 بالمائة، مطالباً باحتواء هذه الزيادات عبر زجر المخالفين قبل بداية شهر رمضان واستفحال ظاهرة الغلاء.
ولا تعد موجة الغلاء التي سببها فيروس كورونا الأولى من نوعها، حيث عاشت أسواق تونس في السنوات الأخيرة على وقع موجات مماثلة أفقدت 40 بالمائة من التونسيين قدرتهم على الإنفاق، بحسب دراسة أنجزها الاتحاد العام التونسي للشغل.