تتجدد مع حلول موعد حصاد محصول قصب السكر من كل عام، أزمة تحديد سعر توريد المحصول بين المزارعين والحكومة المصرية، خاصة في محافظات صعيد مصر التي تشتهر بزراعته، إذ تضع الحكومة سعرا لتوريد المحصول لا يتناسب مع تكاليف الإنتاج، في ظل ارتفاع تكاليف زراعته المتتالية السنوية.
ورغم ذلك بدأ توريد المحصول في النصف الثاني من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، من قبل المزارعين إلى مصانع السكر في محافظات أسوان والأقصر وقنا وسوهاج والمنيا، وهي ضمن محافظات الصعيد المشهورة بزراعة القصب.
فقد بلغ سعر توريده، العام الماضي، 720 جنيهاً للطن، وهناك نية من قبل الحكومة لتحريك السعر ما بين 30 و50 جنيهاً فقط، الأمر الذي أثار حالة من السخط بين المزارعين مطالبين برفع سعره إلى نحو 900 جنيه.
وثمة وجهات أخرى تطالب برفع سعره إلى ألف جنيه، فيما بدأت خلافات تظهر خلال الساعات الماضية بين المزارعين، بعد خلافات أخرى ظهرت قبل ذلك بين أعضاء مجلس النواب وعدد من الجهات الحكومية المسؤولة، بخاصة بعدما تردد بين الأوساط أنّ وزير المالية محمد معيط، يعتزم زيادة سعر طن القصب، خلال الموسم الحالي، زيادة طفيفة لا تذكر، لوجود عجز في الموازنة العامة للدولة.
في السياق، طالب نواب من محافظة أسوان في صعيد مصر التي يوجد فيها مصنعان للسكر بضرورة رفع سعر توريد محصول القصب من 720 إلى 1000 جنيه للطن الواحد؛ بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج التي يعانيها المزارعون، سواء أثناء الزراعة أو بعد الحصاد.
وهذا ما يكبد المزارع خسائر مالية طائلة، ولا سيما بعد زيادة أسعار المحروقات من سولار وزيوت وأسمدة، وارتفاع أسعار العمالة وتكاليف نقل المحصول، من دون توجيه دعم للمزارع.
ويقول هؤلاء إن إنتاجية الفدان تصل إلى 40 طناً، ويتم التوريد بسعر 720 جنيها للطن، بما يعني وجود خسارة كبيرة للمزارع، موضحين أنّ غالبية المزارعين لا يمتلكون نفقات تكلفة الإنتاج ويُضطرون لاستدانتها إما من البنوك أو الأشخاص المقربين منهم.
وهم يشددون على أنّ صناعة قصب السكر من السلع الاستراتيجية المهمة لمصر والمصريين، ويدخل في الكثير من الصناعات الاستراتيجية المهمة، فبخلاف إنتاج السكر، يدخل في صناعة الأخشاب والعسل، ويستخرج منه الخل والكحول، إضافة إلى الصناعات الثانوية كالشمع والخميرة الجافة وخميرة البيرة، كما يستفاد من مخلفات القصب في موسم الحصاد من خلال أوراقه الخضراء في تغذية المواشي.
ويناشد المسؤول الحكومة بـ"ضرورة إيجاد الحلول المناسبة لكل المشكلات التي يعانيها مزارعو القصب، ومن ذلك زيادة سعر طن القصب بما يتناسب مع الجهد والتكلفة السنوية، لأنه مصدر الرزق الوحيد لآلاف المزارعين وأسرهم الفقيرة".
وفي السياق عينه، يوضح عبد الرحمن أبو عيطه، أحد كبار مزارعي قصب السكر في محافظة الأقصر، لـ"العربي الجديد"، أنّ الحكومة "تتعمّد تأخير الإعلان عن سعر توريد قصب السكر حتى بداية جني المحصول، لتضع المزارع في ورطة وتجبره على توريد المحصول إلى المصانع، في الوقت الذي كان يجب عليها تخفيف الأعباء عن كاهل المزارع".