قلق أردني من رحيل الاستثمارات... والحكومة تتعهد بدعم الصناعة

26 ديسمبر 2017
تركيا واحدة من الوجهات التي رحلت إليها الاستثمارات الأردنية(Getty)
+ الخط -
حذّر مستثمرون أردنيون من استمرار رحيل المصانع إلى دول أخرى، ما يؤثر على الوضع الاقتصادي في المملكة، ويسهم في ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وتراجع قيمة الصادرات.
وأكد صناعيون أن السنوات القليلة الماضية سجلت هروب استثمارات مهمة في عدة قطاعات إلى مصر وتركيا والإمارات وغيرها من الدول، من بينها مصانع عاملة في قطاع الملابس ومجالات أخرى.
وطالب الصناعيون الحكومة بدراسة الأسباب التي أدت إلى هروب الاستثمارات ومعالجتها بالسرعة الممكنة، لتفادي رحيل المزيد منها إلى الخارج، والمحافظة على المكتسبات الاقتصادية التي تحققت للأردن، خلال السنوات الماضية. ويقدّر صناعيون عدد المصانع التي اتجهت إلى مصر وحدها بحوالي 70 مصنعا، معظمها في صناعات الملابس.

وبحسب دراسة لغرفة صناعة الأردن، فإن القطاع الصناعي يشكل حوالي 25% من الناتج المحلي الإجمالي، ويستقطب أكثر من 70% من الاستثمارات الأجنبية القادمة للمملكة.
وأشارت الدراسة إلى أن القطاع الصناعي يضم 18 ألف منشأة صناعية في مختلف المناطق، وفّرت نحو 250 ألف فرصة عمل غالبيتها لعمالة أردنية، كما يستحوذ على 95% من الصادرات الوطنية للأسواق العربية والأجنبية.
وأكدت أن القطاع الصناعي يعتبر أكثر القطاعات الاقتصادية من حيث القيمة المضافة، ولديه عمالة مدربة وارتباطات مع القطاعات الأخرى وأغلب المواد الخام مستوردة.

وتتوزع منشآت القطاع الصناعي على قطاعات الصناعات الهندسية وتكنولوجيا المعلومات والخشبية والأثاث والإنشائية والغذائية والتعدين والجلدية والملابس والأدوية والكيميائيات والبلاستيكية والمطاطية والطباعة والتغليف.
قال زياد الحمصي، رئيس غرفة صناعة عمان، في حديث لـ "العربي الجديد"، إن الظروف المحيطة بالأردن أثرت على الصناعة في المملكة، لاسيما في ظل انخفاض إجمالي الصادرات، خلال السنوات الخمس الماضية، بسبب توقفها إلى أسواق مهمة مثل العراق وسورية.
وأضاف الحمصي: "هناك العديد من المصانع خرجت من الأردن إلى دول مجاورة، لانخفاض كلف الإنتاج في هذه الدول، وتدني أجور الأيدي العاملة فيها".

وأشار إلى أن القطاع الصناعي يواجه العديد من التحديات في الأردن، أهمها ارتفاع كلف الإنتاج نتيجة لأعباء الطاقة وارتفاع الأجور مقارنة بالدول الأخرى، والالتزامات الضريبية والجمركية، والمنافسة الشديدة في السوق المحلي، بسبب اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعها الأردن مع العديد من البلدان.
ولفت إلى ضرورة دعم الصناعة الأردنية من خلال تخفيض حجم الضرائب المترتبة عليها، وتوفير الطاقة بأسعار تفضيلية للمصانع، وإعادة النظر في اتفاقيات التجارة الحرة التي ترتبط بها المملكة، وأدت إلى زيادة الواردات من السلع الأجنبية على حساب حصة المنتجات الوطنية من السوق المحلي.

وكان مجلس الوزراء قد قرر، يوم الأحد الماضي، تمديد العمل بقرار منح الأفضلية للمنتجات الأردنية لدى طرح العطاءات الحكومية حتى نهاية عام 2018.
وقال موسى الساكت، مسؤول حملة صنع في الأردن، لـ"العربي الجديد"، إن توقف بعض المصانع عن العمل وانتقالها إلى بلدان أخرى، مؤشر خطير على وجود إشكالات في بيئة الاستثمار وعدم مناسبتها للاستثمارات.

وأضاف الساكت أن الأردن لم يتمكن من استقطاب الاستثمارات السورية، وحتى إن بعض المشاريع القائمة هربت إلى الخارج، ما يستدعي إعادة النظر في السياسات الاستثمارية والتشريعات، بما يوفر مزيدا من الحوافز والامتيازات وتسهيل الإجراءات.
وأشار إلى ضرورة تفعيل قرارات إعطاء الأولوية للمنتجات المحلية، عند طرح العطاءات الحكومية، وفرض إجراءات وقائية للصناعات المحلية التي تتأثر من الواردات وتحفيز الصناعيين على بناء أنظمة موفرة للطاقة مثل الخلايا الشمسية واستخدام الغاز الطبيعي، لافتا إلى أن غرفة صناعة عمان أطلقت قبل ثلاث سنوات حملة صنع في الأردن لزيادة حصة المنتجات الأردنية من السوق المحلي، وحث المواطنين على شرائها.

وبحسب بيانات غرفة صناعة عمان، فقد تراجعت الصادرات بنسبة 6.37% خلال 11 شهراً الماضية من العام الحالي، مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي 2016 .
وأشارت الغرفة، في بيان، يوم الأحد الماضي، إلى تراجع صادرات سبعة قطاعات صناعية، مقابل ارتفاع ثلاثة قطاعات هي الإنشائية والتعبئة والتغليف والورق والكرتون، والجلدية والألبسة.
وأوضحت أن قيمة الصادرات تراجعت إلى 5.44 مليارات دولار، في الفترة من يناير/كانون الثاني حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مقابل 5.8 مليارات دولار في نفس الفترة من العام الماضي 2016.

ووفق بيان الغرفة، فقد تصدرت الهند قائمة الدول الأكثر استقبالا لصادرات الغرفة، خلال الـ11 شهرا الماضية، بقيمة 729 مليون دولار، تلاها العراق بقيمة 714 مليون دولار، ثم السعودية بنحو 702 مليون دولار، والولايات المتحدة الأميركية بقيمة 645 مليون دولار.
وفي مقابل تأكيد رئيس غرفة صناعة عمان، زياد الحمصي، بخروج استثمارات صناعة واضحة من الأردن، قال مسؤول في وزارة الصناعة والتجارة الأردنية، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "لا توجد إحصائيات دقيقة بعدد المصانع، التي انتقلت إلى دول أخرى، فعددها قليل، وليس كما يقول البعض".

وأضاف المسؤول أن الحكومة تعمل جاهدة على دعم وتعزيز تنافسية القطاع الصناعي، لأهميته في الاقتصاد الوطني، حيث تم مؤخراً إقرار سياسة صناعية محدثة لخدمة الصناعة وتمكين الصناعة الوطنية من مواجهة التحديات، التي تواجهها محليا وخارجياً.
وتابع: "الحكومة تعمل أيضا على إنشاء صندوق لدعم الصادرات الصناعية، وذلك بعد انتهاء فترة إعفاء الصادرات من ضريبة الدخل، بموجب اتفاق سابق مع منظمة التجارة العالمية".

وأشار إلى أن غالبية مدخلات الإنتاج معفاة من الرسوم الجمركية، وهناك أفضيلة بنسبة 15% في السعر للمنتجات الأردنية في العطاءات التي تطرحها الحكومة، لافتا إلى أن هناك برامج مختلفة تقدمها الحكومة للصناعة، مثل التسهيلات الائتمانية بأسعار فائدة مدعومة والمنح والدعم الفني لمختلف المصانع.
لكن المسؤول أقر بأن الصناعات الأردنية تواجه منافسة كبيرة من قبل السلع المستوردة، ولذلك هناك توجه لإعادة النظر في بعض اتفاقيات التجارة الحرة، التي لم تستفد منها المملكة، حيث لم تتمكن السلع الأردنية من دخول أسواق الأطراف الأخرى في الاتفاقيات مثل الدول الأوروبية.

وتسعى الحكومة إلى استقطاب المزيد من المشاريع الاستثمارية لزيادة معدل النمو الذي مازال دون 3%، وللحد من مشكلة البطالة التي ارتفعت إلى 18.5% خلال العام الحالي، وكذلك تنشيط بيئة الأعمال وتخفيض عجز الميزان التجاري، من خلال زيادة الصادرات التي واجهت انتكاسة، خلال السنوات الخمس الماضية.
واتخذت الحكومة، العام الحالي، عدة إجراءات لتخفيض العمال الوافدين وإحلال الأردنيين مكانهم، إلا أن هذه الإجراءات لم تحقق نتائج إيجابية على أرض الواقع. وتقدّر منظمات دولية، من بينها البنك الدولي، نسبة البطالة في الأردن بأكثر من 35%، وفق بيانات حديثة، وذلك بخلاف ما أعلنته الحكومة، حيث إن هناك مجالات عمل موسمية وغير مستمرة.

وكانت الحكومة قد قررت، في سبتمبر/أيلول الماضي، البدء في إجراءات لخفض العمالة الوافدة بنسبة تتراوح بين 10% و25% سنوياً، حسب القطاعات المستهدفة، ابتداء من العام الحالي 2017 ولفترة تمتد حتى عام 2021.
وقال إياد أبو حلتم، رئيس جمعية مستثمري شرق عمان الصناعية: "إن كان الأردن قد خسر بعض الصناعات التي ذهبت إلى الخارج، فإن هناك استثمارات بحجم أكبر بكثير سجلت في البلاد، استنادا إلى البيانات الصادرة عن غرفة صناعة عمان".

وأشار إلى أن عدد المنشآت المسجلة لعام 2016 في غرفة صناعة عمان بلغ 9424 منشأة صناعية، بزيادة 263 منشأة عن عام 2015، لافتا إلى وصول عدد العاملين في هذه المنشآت إلى نحو 154.6 ألف عامل، بزيادة 3273 عاملا عن 2015.


دلالات
المساهمون