السودان يكافح تهريب الذهب بتحرير صادراته

17 يونيو 2020
إجراءات إضافية على طريق تحرير صادر الذهب (فرانس برس)
+ الخط -
أشاد عدد من المسؤولين في قطاع الذهب والمعادن والمحللين الاقتصاديين بإعلان الحكومة السودانية الانتقالية تحرير صادرات الذهب، وذلك غداة إجازة اللجنة العليا للطوارئ الاقتصادية الثلاثاء، برئاسة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، منشور "بنك السودان" المركزي حول سياسات شراء وتصدير الذهب الحر وذهب شركات مخلفات التعدين، والذي أعطى المصدرين مزيداً من الحُرّيات في تصدير الذهب وإغلاق كافة منافذ التهريب إلى الخارج.

وقال مدير "شركة الموارد المعدنية"، مبارك أردول، اليوم، إن المنشور أنهى تحكم النظام البائد بتحديد سعر غرام الذهب عبر "بنك السودان" وإجبار المنتجين على بيعه بفارق كبير في الأسعار مقارنة بالبورصة العالمية، مشيراً إلى إلغائه.

وأكد نائب محافظ "بنك السودان" المركزي، محمد البشري، في اجتماع اللجنة العليا الاقتصادية ضرورة التزام المصدرين بكافة الضوابط الصادرة عن الجهات الإشرافية والرقابية، كالمواصفات والجمارك والصناعة والتجارة والطاقة والتعدين ومصفاة الذهب.
وأوضح أردول أن المنشور أشار إلى شراء البنك المركزي ووزارة المالية الذهب بأسعاره الجارية في السوق، على أن تحصل "شركة الموارد المعدنية" على نصيب الحكومة لصالح وزارة المالية، بما يوفر بدوره احتياطياً من الذهب.

ولفت إلى أن يمكّن من ضبط صادر الذهب وضمان انسيابه عبر القنوات الرسمية ويحدد حجم الإنتاج الفعلي، ويمكّن من تحصيل الحكومة للعوائد الجليلة ويحد من التهريب، بجانب إسهام تحديد السعر وفق البورصة في جذب الذهب المنتج من الدول المجاورة ويهيئ السودان ليكون أكبر سوق للذهب، ويخفض الضغط على الدولار من خلال إيداع الذهب عيناً، بدلاً من عملة حُرّة ويقوّي من قيمة الجنيه لكونه صار مسنوداً باحتياطيات الذهب في حساب.

وحظّر نص المنشور الذي حصل "العربي الجديد" على نسخة منه، على الجهات الحكومية والأجانب أفراداً وشركات تصدير الذهب واستثنى شركات الامتياز العاملة في صادره على أن يكون الحد الأدنى لاعتماد عقد الصادر 10 كيلوغرامات من الذهب المصفّى، وأن ينحصر دور "بنك السودان" في شراء الذهب لأغراض بناء احتياطيات عينية، وفقاً للقانون وأن يتم الشراء من سوق الذهب مباشرة.
وقال أردول: "بالنسبة لشركات معالجة الكرتة فقد كان مسموحاً لها تصدير نسبة 15% من إنتاجها على أن تبيع المتبقي لبنك السودان بسعر البنك المعلن ولشركات الامتياز كان بتصدر حوالي 70% والباقي تبيعه للبنك بالسعر المعلن كذلك، ما أدى لانتشار التهريب عند إظهار الإنتاج الفعلي والذي يؤكد عدم صحة النسب".

وأضاف: "حالياً، سمح المنشور لها بتصدير أي كمية أكثر من 10 كيلوغرامات فقط وفق اللوائح الصادرة عن وزارة التجارة والجمارك والمواصفات والمقاييس وبنك السودان المركزي وصغار المنتجين والمصدرين المعدنيين التقليديين ممن يملكون أكثر من 10 كيلوغرامات، وإحضار حصيلة الصادر وفق اللوائح والضوابط".

ووصف الرئيس السابق لشعبة مصدري الذهب، عبدالمنعم الصديق، تحرير الذهب بالقرار الجريء والمهم الذي ظل ينتظره الشعب زمنا طويلا لفك قيوده ليصب في صميم الاقتصاد ويعود لخزانة المالية وبنك السودان المركزي، ويرفدها بالنقد الأجنبي عوضاً عن أن ينتفع به المهرّبون أو زمرة من الانتهازيين الذين ظلوا يستفيدون منذ فترة طويلة من منتجه من دون أي مردود اقتصادي على المواطن".

وأشار إلى أن الحكومة تداركت بقرارها هذا الخطأ بتحرير الصادر، وفق طريقة الدفع المقدم ليكون متاحا للجميع من دون امتياز أو تفضيل لشخص على الآخر.

وأبدى الصديق تحفظا على بعض ما ورد في المنشور حول فصل صادرات الذهب عن وارداته وترك استيراد السلع الاستراتيجية للمحفظة حتى لا تكون عرضة للمضاربات، ودعا لتدارك ذلك وصولا إلى الفائدة المرجوة.

وسمح المنشور بتصدير الذهب بواسطة أي شخص معنوي بعد استيفاء كافة إجراءات وضوابط الصادر السارية، ووافق على تنفيذ عمليات صادر الذهب الحر وذهب مخلفات شركات التعدين بطريقة الدفع المقدم خاما أو مصفى.
كما سمح المنشور بتصدير الذهب الحر وذهب شركات مخلفات تعدين خام الذهب والسماح لها بتصدير كامل إنتاجها، بعد تحصيل الأرباح والعوائد الجليلة والزكاة والضرائب بجانب النسب الولائية عيناً من الإنتاج الكلي لتلك الشركات.

وتضمّن المنشور السماح ببيع حصائل بيع الذهب الحر وذهب شركات مخلفات التعدين لأي مستورد آخر داخل أو خارج المصرف المصدر أو للمصرف المصدر أو أي مصرف آخر.
ومنع المصارف من تكملة الإجراءات المصرفية لصادر ذهب شركات مخلفات التعدين، إلا بموافقة مكتوبة من بنك السودان المركزي بعد استيفاء المطلوبات الأُخرى ووجه المصارف بعدم تكملة الإجراءات المصرفية لصادر الذهب الحر إلا بعد إبراز المستندات المطلوبة.

المحلل مدير الأمن الاقتصادي السابق، عادل عبدالعزيز، توقع في حديث لـ"العربي الجديد" أن يحدث في الفترة الأولى تصاعد في قيمة العملات الأجنبية أمام العملة الوطنية، لتستقر بعد ذلك وفقا لمقدرة بنك السودان ومحفظة السلع الاستراتيجية على بناء احتياطيات".

وأشار إلى أهمية شمول التحرير للمنتجات بكل أنواعها قمح، قطن، فول، عباد الشمس، السمسم، المواشي واللحوم وغيرها، كما يستدعي تحرير الأجور كذلك.

ولمعالجة الارتفاع الحاد المتوقع في الأسعار لذوي الدخل المحدود يجب الإسراع في تطبيق خطة الدعم الأساسي المباشر التي تم الإعلان عنها، مع تنشيط عمل التعاونيات، وأسواق البيع المباشر من المنتج إلى المستهلك في السلع الأساسية تحت رقابة حكومية.

ولتحقيق أقصى استفادة من تحرير الاقتصاد يجب العمل على إزالة عوائق الاستثمار، وتسهيل ولوج رؤوس الأموال الأجنبية وحرية إخراجها لأرباحها.
ووافقت اللجنة الاقتصادية العليا في اجتماعها على قيام مخرجات لجنة محفظة السلع الاستراتيجية. وأكد الرئيس المناوب للجنة، عبدالله حمدوك، أن عمل هذه اللجنة هو أهم عمل قامت به لجنة الطوارئ الاقتصادية حيث إنها حددت سلع الصادر الاستراتيجية ومن بينها الذهب والثروة الحيوانية وسلع الواردات الاستراتيجية ومن بينها القمح والوقود والأدوية.

وأضاف حمدوك أن مخرجات المحفظة ستؤدي إلى انسياب السلع وإنهاء الصفوف والمعاناة وتمويل الصادرات، وأعلن أن تفاصيل مخرجات هذه اللجنة والمحفظة ستعلن السبت المقبل.
المساهمون