كردستان العراق تراهن على الإيرانيين لإحياء السياحة

24 مايو 2016
الحرب أضرت بالسياحة في كردستان العراق (فرانس برس)
+ الخط -


تسعى حكومة إقليم كردستان العراق لاستعادة نحو مليوني سائح إيراني، بعدما تعثر القطاع السياحي، خلال العامين الماضيين، بفعل تهديدات الحرب التي تشارك فيها قوات الإقليم ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".
وقالت هيئة السياحة، إنها تقود تحركات جذب الأفواج السياحية من إيران للإقليم، وذلك من خلال مفاوضات مع ممثلي عشر شركات سياحية إيرانية تتواجد في أربيل، فيما أبدت هيئة الاستثمار استعدادها تقديم كافة التسهيلات لشركات السياحة الإيرانية، فضلاً عن توفير برامج تخفيضات بالتنسيق مع الشركات المحلية.

ووقعت الشركات الإيرانية 47 اتفاقاً جديداً للتعاون مع شركات من الإقليم، تتضمن تقديم تسهيلات للجانب الإيراني.
وقال المتحدث الرسمي باسم هيئة السياحة العراقية، نادر روستي، لـ "العربي الجديد"، إن تلك التسهيلات تتعلق بإزالة المعوقات والإجراءات الروتينية التي تعترض عمل الشركات بين الإقليم والخارج، خاصة في المنافذ الحدودية، وبتوفير مواد إعلامية وإرشادية للأفواج السياحية، فضلاً عن خفض رسوم العمل للشركات.
وحسب روستي، فإن حكومة الإقليم ستعفي كل شركة سياحية تستقدم سائحين للإقليم من الخارج، من دفع مبلغ 4 ملايين دينار (3500 دولار) سنوياً، تفرضها الحكومة على شركات القطاع الخاص كضرائب.



وتسعى حكومة الإقليم لتعويض التراجع الكبير في عائدات السياحة من خلال حث الشركات الخاصة على زيادة نشاطاتها والانفتاح على نظيراتها في دول الجوار.
وتراجع عدد زوار الإقليم بهدف السياحة، بنحو 75%، منذ مطلع العام الجاري. ويشكل العراقيون من سكان وسط وجنوب البلاد، النسبة الأكبر من السائحين الذين زاروا الإقليم، بينما يأتي الإيرانيون في مقدمة الزوار من خارج العراق، حيث سجل الإقليم قبيل الحرب ضد داعش، تدفق نحو مليوني إيراني بهدف السياحة، إلا أن تلك الأرقام تراجعت بنسبة تزيد على 60%، بحسب أرقام هيئة السياحة.

وقال روستي، إن تركيز الهيئة على السوق الإيرانية، ينبع من الظروف غير الطبيعية التي تحاصر الإيرانيين، خاصة عند زيارة البلدان الخليجية، بفعل الخلاف السياسي بين الخليج وطهران، ما يخلق مناخاً جيداً للترويج للسياحة في الإقليم باعتباره بديلاً مناسباً، خاصة وأن العامل الجغرافي يصب في مصلحة كردستان.
بدوره، قال رئيس هيئة السياحة، مولوي جبار، إن عدم وجود آليات في المنافذ الحدودية للتفريق بين السائحين الذين يزورون الإقليم وبين غيرهم ممن يزورونه لأغراض أخرى كالعمل، يؤدي إلى عدم حصول السائحين على تسهيلات مهمة، إذ ينتظر كثير من السياح بضع ساعات على المنافذ الحدودية، ما يغير رغبتهم في زيارة الإقليم.

وقد تسببت الحرب ضد داعش، وابتداء من منتصف 2014، بتعقد طرق المواصلات بين وسط وجنوب العراق مع إقليم كردستان، وعلى إثره تراجع بشكل كبير تدفق الزوار العراقيين على الإقليم عن المستويات التي سلجتها الأعوام السابقة.
ويستقطب إقليم كردستان زواراً يبحثون بشكل رئيس عن مواقع السياحة الطبيعية ذات درجات الحرارة المعتدلة في أشهر الصيف، وعلى الرغم من وجود كثير من المواقع الأثرية، إلا أن الإقبال عليها لا يزال محدوداً لضعف الترويج لها.

وكانت مدينة أربيل قد استضافت مؤتمراً دعت إليه شركات ومؤسسات معنية بقطاع السياحة من 27 بلداً، هذا العام، بهدف تعريفها بفرص التعاون في المجال مع إقليم كردستان، لكن ثمة مراقبين لا يبدون تفاؤلاً بشأن الإجراءات الحكومية الجديدة بشأن إنعاش السياحة.
ويرى المحلل الاقتصادي وسكرتير نقابة الاقتصاديين في إقليم كردستان، شمال نوري، أن الحكومة تفتقر للأرقام التي تحدد حجم التراجع في قطاع السياحة بدقة، تلك بيانات تساعد في نظره على تشخيص الضرر وبالتالي تحديد طرق معالجة الأزمة.

ويعتقد نوري، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن إبداء التفاؤل بإمكانية زيادة العائدات في قطاع السياحة بالإقليم غير دقيقة، فالإقليم يشهد حالياً بعض التطورات ذات الصلة تؤثر سلباً على تنشيط قطاع السياحة، خاصة الحرب مع تنظيم "داعش" على طول امتداد حدوده، فضلاً عن المشاكل القائمة بين الإقليم والحكومة العراقية في بغداد.
وقال نوري، إن الأزمة المالية والاقتصادية التي يمر بها الإقليم، تقيد حركته نحو إنعاش الاقتصاد بوجه عام، فالحكومة لا تستطيع توفير أية موازنات مالية تتجاوز تدبير الأجور والرواتب، خاصة في ظل أزمة تهاوي أسعار النفط التي تقترب من دخول عامها الثالث.

وأضاف أن حالة الحرب وعدم إنفاق الحكومة على الخدمات والمشاريع الخدمية الأساسية كالكهرباء والطرق وغيرها، يعرقل أي تنمية أو خطط لتنشيط القطاعات الاقتصادية.
ويعتقد نوري، أن الأولى بالحكومة في هذه الظروف، التركيز على الزراعة والصناعة، لأن الظروف الأمنية والاحتياطات والإجراءات الاحترازية للحفاظ على الأمن، تتطلب عدم فتح أبواب الإقليم أمام الزوار، بشكل كبير، وهو ما يضعف السياحة.



المساهمون