لم تله المتساقطات المطرية التي عرفها المغرب في الأشهر الأخيرة، الحكومة عن مواصلة الانشغال باحتمال حدوث خصاص (نقص) في المياه خلال الصيف المقبل، والذي التزمت بوضع خطة لمواجهته.
في السياق، قال رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، أمام أعضاء حكومته، الخميس، في الرباط، إنه لا يجب أن يغيب عن الأذهان التحسب لأي نقص في المياه في عدد من مناطق المملكة في المرحلة المقبلة.
وأعلن أن مخططاً عاجلاً ستيم تقديمه إلى الملك حول مواجهة نقص المياه المحتمل، وهو مخطط وضعته لجنة وزارية استعانت بخبراء من أجل استكشاف سبل معالجة الخصاص في المياه.
وكان العاهل المغربي، محمد السادس، كلف رئيس الحكومة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بإيجاد حل لمشكلة المياه الصالحة للشرب ومياه الري في المناطق القروية والجبلية.
وشكلت الحكومة لجنة بهدف الوصول إلى حلول لمعالجة مشكلة خصاص المياه، هذا في الوقت الذي التزمت فيه بوضع خطة تتطلب استثمارات بحدود 22 مليار دولار.
وتبيّن أن التحسب لندرة المياه، خاصة في الصيف، يأتي على رغم احتفاء الحكومة بالأمطار التي عرفتها المملكة، والتي رفعت منسوب المياه في السدود لغاية الخميس الماضي إلى 59%.
ونظراً إلى مستوى المتساقطات المطرية، يتوقع رئيس الحكومة أن ترتفع نسبة ملء السدود إلى 65%، وهو ما يُنتظر أن يحصل بفضل الأمطار المرتقبة وذوبان الثلوج على قمم الجبال.
وأعلن وزير الفلاحة والصيد البحري، عزيز أخنوش، أن المتساقطات التي عرفها الأراضي المغربية، ساهمت في سد العجز في المتساقطات المطرية، والتي سجلت زيادة نسبتها 4% مقارنة بموسم عادي.
ولاحظ أن المعدل الوطني للمتساقطات المطرية تجاوز 281 ميليمتراً، بعدما كان عجز مستوى الأمطار وصل في بداية الموسم الزراعي الذي ينطلق في أكتوبر/ تشرين الأول إلى 61%.
غير أن هذا التحسن لا يصرف الحكومة عن التهديد الذي يشكله الخصاص في المياه، حيث أعلن رئيس الحكومة، الخميس، عن التوجه نحو وضع مخطط مياه يوضح الرؤية العامة حتى سنة 2050.
وشدد على أن الحكومة تراهن على وضع مخطط وطني للماء يغطي 30 عاماً مقبلة، بما يساهم في استدامة تلك الثروة، كي تستفيد منها الأجيال المقبلة.
وبلغت حصة الفرد الواحد من المياه في العام نحو 750 متراً مكعّباً، بعدما كانت في حدود 1500 متر مكعب عام 2000، و2500 متر عام 1980.
وتستحضر الحكومة الاحتجاجات التي شهدتها منطقة مثل زاكورة الصيف الماضي، بسبب محدودية الموارد المائية واستغلال المياه الجوفية من أجل الزراعة.
وذهبت الوزيرة المكلفة بشؤون المياه، شرفات أفيلال، إلى القول إن الاضطرابات في التزوّد بالمياه صيف العام الماضي، شملت 1.5 مليون شخص يقطنون في 5 آلاف منطقة ريفية.
ويراهن المغرب على تحلية مياه البحر في ظل توالي المواسم التي تعرف تأخر هطول الأمطار، إضافة إلى إعادة تدوير المياه العادمة، وحض الأسر على ترشيد استهلاك المياه.
ويعتبر المزارع محمد البشعيري، أنه يفترض التوجه نحو توضيح رؤية الحكومة حول توفير المياه للقطاع الزراعي في فترات الندرة خلال العام، بالموازاة مع إتاحة مياه الشرب.
ويشير إلى أن احتياجات الزراعة من المياه سترتفع في الأعوام المقبلة في ظل المشاريع التي أطلقها المغرب، علماً أن الزراعة تستهلك حوالي 85% من المياه في المملكة.
ويرى الخبير الزراعي محمد الهاكش، أن مشكلة المياه تستدعي تبنّي أنشطة زراعية لا تستدعي استهلاكاً كبيراً لهذا المورد الطبيعي الاستراتيجي، مشدداً على ضرورة التفكير في الزراعات العائلية.
ويعتقد الفنّي الزراعي لحسن السكوري، أنه يفترض في الحكومة تبنّي سياسة مائية تراعي حاجات الأسر والقطاعات الإنتاجية والسياحية والزراعية، مؤكداً أن التغيّرات تستدعي ترشيد الاستهلاك والبحث عن موارد مائية جديدة.
ويشدد أيضاً على أن السياسة المائية يجب أن تستحضر الزيادة السكانية المتوقعة مع التوجه نحو تنفيذ الاستثمارات التي تستدعيها الخطة التي وضعتها الحكومة، والتي يفترض أن تحد من آثار التغيرات المناخية والجفاف.