أليس غريباً ومستغرباً، أن يدخل فيروس كورونا إلى 15 دولة حتى اليوم، ويقف على الحدود السورية المفتوحة لخمسة محتلين ومليشيات وشذاذ آفاق دوليين، ومشرعة تجارياً أمام الصين حتى الآن، وعسكرياً على إيران المصابة والناقلة خلال اليومين الأخيرين الفيروس للعراق وأفغانستان والكويت والبحرين؟
ثم أليس عجيباً أن يكون الوقت وبعض إصابات ودول فقط، هي الفاصل عن إعلان منظمة الصحة العالمية، لـ"كورونا" وباء عالمياً، بعد سرعة تفشيه، حتى في الدول الأوروبية، في حين تضع حكومة الأسد "رجليها بمياه باردة" كما يقول المثل السوري، فلا تعلن عن أي إجراء أو إصابة حتى اليوم؟
أما إن اتفقنا ولو جدلاً، أن "سورية الله حاميها" كما قال الأسد الابن بأحد خطاباته، فكيف سيتم حماية الإنتاج وتوفر السلع في السوق السورية، إن علمنا أن سورية تعتمد على المنتجات الصينية بنسبة 60%، والاقتصاد السوري سيتراجع بنحو 50% إن استمرت إجراءات العزل الصينية أو تأخرت المناقصات الحكومية الموقعة مع بكين.
ولنتابع فرضياتنا ونقول، يمكن لسورية الأسد أن تستغني، ولو مؤقتاً عن السلع الصينية، رغم الاستحالة طبعاً، بواقع العقوبات الأوروبية والعربية وإفلاس نظام الأسد الذي يستجر احتياجاته من بكين، كما من موسكو وطهران، بديون مقابل تعهيد استثمارات ومنح ثروات، ولكن ما البديل يا ترى؟
الشريك التجاري الأول، أي إيران مستبعدة، أو هكذا يفترض، بعد أن باتت دولة مصدرة للفيروس، ما يعني، أو هكذا يقول المنطق، رمي 12 اتفاقية تجارية جانباً وإرجاء مشروعات، وإن شكلية، بعشرات المليارات بقطاعات الطاقة والصناعة والاتصالات، ونسيان، ولو إلى أجل، 200 مليون دولار حجم التبادل مع شريك وحليف الأسد الأول.
إذاً، لم يبق من شركاء الأسد، سوى روسيا الاتحادية التي تؤثر بقاء الأسد على قيد الحكم، حتى لو جرّها إلى مستنقعات الإفلاس والحروب، بعد أن وقعت معه "اللجنة السورية الروسية الدائمة المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي" اتفاقات واستثمارات وتسهيلات جمركية.
ولكن، هل تستطيع موسكو سد احتياجات السوق السورية، إن توقف التدفق الإيراني والصيني، وهي التي تستورد الخضر والحمضيات السورية، لتضمن استرداد ديونها، إن لم نقل لقلة إنتاجها لتغطية الطلب المحلي، مع مزيد من تراجع العرض بعد ملامح التوتر مع تركيا التي تصدر لروسيا سنوياً، حمضيات وفواكه فقط، بقيمة مليار دولار.
نهاية القول: إن قفزنا على حقائق أن نظام الأسد، أخطر على السوريين من فيروس "كورونا" أو أن انتشار الوباء بسورية آخر اهتمامات الوريث الذي ضرب شعبه بأسلحة كيماوية وبراميل متفجرة. لنسأل عن التبعات، فيما لو استمر الوباء بالانتشار أو دخل غدراً لحدود سورية الأسد الحصينة والمحصّنة.
لكن لديّ بعض شكوك، حول من أين سيأتي الأسد بالسلع والمواد بعد إغلاق إيران والصين حدودهما على نفسيهما، وإلى أين ستؤول الأسعار ونسبة الفقر التي قيل دولياً إنها تعدت 83%.
ربما، بالانطلاق من بعض شكوكي، أن الأسد الذي لم يسقط من بوابة العسكرة والسياسة، سيسقط من بوابة الاقتصاد، إن ليس عبر "كورونا" فعلى الأرجح بفعل "سيزر" المقبل قريباً.