تتأهب كل من مصر وإسرائيل لتوسيع التعاون في مجال الغاز، عبر مشروعات جديدة بمليارات من الدولارات.
وكشفت مصادر مطّلعة من القاهرة، لـ"العربي الجديد"، أنه يتم دراسة توسيع التعاون في مجال الغاز بين الجانبين، من أجل زيادة الكميات المصدرة من إسرائيل إلى القاهرة، بهدف تسويقها في المنطقة العربية وأوروبا، بالإضافة إلى استكمال إجراءات فنية وتنفيذية لصفقة تصدير الغاز من الاحتلال إلى القاهرة بقيمة 15 مليار دولار، حسب اتفاق سابق.
وقالت المصادر، التي رفضت الكشف عن هويتها، إن المفاوضات بين الجانبين نتاج منتدى غاز المتوسط الذي عقد في العاصمة القاهرة الشهر الماضي، إذ اتفق الطرفان مبدئيا على عدد من المشروعات الجديدة للتعاون في مجال الغاز سيتم بحثها قريبا.
وأوضحت أن هناك اتفاقا مبدئيا على بحث إمكانية مشاركة إسرائيل في مشروعات مشتركة لزيادة الطاقة الاستيعابية في مصر، من أجل تحمّل الكميات الإضافية المستوردة كمرحلة وسطية قبل إعادة تصديره في حالة إتمام التوسعات، وستكون قيمة هذه المشروعات بمليارات الدولارات.
وكانت صحيفة "يسرائيل هيوم" كشفت، يوم 25 يوليو/تموز الماضي، أن وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتز، الذي شارك في منتدى غاز المتوسط، بحث مع نظيره المصري طارق الملا، إطلاق مبادرات أُخرى مشتركة للتعاون المشترك بين البلدين، بعد إكمال عملية تدفق الغاز الإسرائيلي إلى مصر، بما في ذلك مد أنابيب إضافية لنقل الغاز بين البلدين وتصدير الغاز إلى دول الشرق الأقصى.
وجاء ذلك في إطار بحث سبل تطوير "منتدى غاز المتوسط" الذي يضم كلا من إسرائيل ومصر وقبرص واليونان، والذي تم تأسيسه في مواجهة تركيا وكبديل للمفاوضات السابقة بين إسرائيل وتركيا لمد أنبوب في مياه المتوسط ينقل الغاز الإسرائيلي المسال إلى تركيا ومنها إلى القارة الأوروبية.
وحذّر مراقبون من مخاطر عديدة على مصر من جراء توسع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في التعاون بمجال الغاز مع الاحتلال الإسرائيلي. وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب من القاهرة لـ"العربي الجديد": لا أعتقد أنه يمكن توقع أي خير من جراء التعاون بين مصر وإسرائيل، مشيرا إلى غموض التصريحات التي تتردد حول المشروعات الجديدة المترقبة بين الجانبين.
وأضاف: لعل النهاية المأساوية لتصدير الغاز المصري إلى إسرائيل خير شاهد على ما يمكن أن يسفر عنه مثل هذا الاتفاق، فقد صدّرت مصر الغاز لإسرائيل بأبخس الأسعار، وحرمت الصناعة المصرية منه.
وتابع قائلاً: في النهاية كان تغريم مصر نصف مليار دولار سوف تدفعها مصر كتعويض.
و"إذا كان هذا نهاية اتفاق تصدير الغاز من مصر إلى إسرائيل، فكيف ستكون نهاية اتفاق تصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر.. بالتأكيد خراب"، حسب عبد المطلب.
ووقّعت ديليك وشريكتها نوبل إنرجي اتفاقاً استراتيجياً في أوائل العام الماضي لتصدير غاز طبيعي بقيمة 15 مليار دولار من حقليها البحريين في إسرائيل "تمار ولوثيان" إلى عميل في مصر. ووصف مسؤولون إسرائيليون الاتفاق آنذاك بأنه الأكثر أهمية منذ إبرام اتفاقية السلام مع مصر في 1979.
وكانت مصر قد أعلنت، في منتصف شهر يونيو/حزيران الماضي، أنها توصّلت إلى تسوية قيمتها 500 مليون دولار مع هيئة كهرباء إسرائيل بشأن اتفاق للغاز الطبيعي توقف العمل به، وذلك لتسوية قضية التحكيم الدولي التي رفعتها إسرائيل على القاهرة.
وفي عام 2015، أمرت غرفة التجارة الدولية مصر بسداد تعويض قدره حوالي 1.8 مليار دولار لشركة كهرباء إسرائيل الحكومية، بعد انهيار اتفاق لتصدير الغاز إلى إسرائيل عبر خط أنابيب بسبب هجمات متكررة في شبه جزيرة سيناء (شمال شرق).
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي مصطفى شاهين لـ"العربي الجديد": لدينا إمكانيات كبيرة لننتج ونصدر الغاز إلى أوروبا أو غيرها من دون الحاجة للاستيراد من الاحتلال لمدة 10 سنوات، وبالتالي ما يفعله النظام الحالي ضد ما يعلنه من تحقيق الاكتفاء الذاتي وزيادة الإنتاج.
وأكد شاهين وجود خفايا في المفاوضات بين الجانبين ومشروعات أخرى تتم سراً، لأن النظام الحالي يريد دعما سياسيا من إسرائيل عبر توطيد العلاقات السياسية والاقتصادية معها.
وقال إن السوق المصري واسع وبه أكثر من 100 مليون نسمة، ولذلك تستهدف إسرائيل اختراقه لتعويض سوقها الصغير الذي لا يتعدى 10 ملايين نسمة، وتريد من ذلك أيضا السيطرة على قطاع الطاقة في المنطقة، مضيفا أن القاهرة أصبحت شريانا للاحتلال نحو أسواق المنطقة، في ظل التقارب السياسي بين الطرفين.