الفيدرالي الأميركي: التضخم يحدد اتجاهات أسعار الفائدة وليس الحوافز الضريبية

04 يناير 2018
ارتفع الدولار والعائد على السندات بعد نشر المحضر(فرانس برس؟؟)
+ الخط -
أعرب مسؤولو مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) عن عدم تأكدهم من حجم تأثير التشريعات والحوافز الضريبية الجديدة على الاقتصاد الأميركي، وأشاروا إلى أن التغيرات في معدل التضخم ستكون هي العامل المحدد لمقدار رفع معدل الفائدة، وسرعته، خلال عام 2018.

وبيّن محضر اجتماع البنك المركزي المنعقد يومي 12 و13 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، والذي تم نشره مساء أمس الأربعاء، أن مسؤولي البنك ناقشوا ما إذا كانت التخفيضات الضريبية التي كانت تلوح في الأفق وقتها قد تتطلب رفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل أكثر من ثلاث مرات، وهو العدد الذي كانت تتوقعه الأسواق قبل إقرار قانون الإصلاح الضريبي الجديد في الساعات الأخيرة من العام المنقضي.

وعبر المسؤولون في البنك الفيدرالي عن ثقة متزايدة فى قوة الاقتصاد الأميركي مع تزايد معدلات نموه، وكذلك في سوق العمل بعد انخفاض البطالة بصورة ملحوظة، لكنهم ألقوا الضوء أيضاً على العديد من المخاطر المحتملة، والتي قد تستلزم إجراء تعديلات على خططهم السابقة.

 وأوضح محضر الاجتماع الذي تم فيه رفع معدل الفائدة 25 نقطة أساس (ربع بالمائة)، أن التصويت جاء بنتيجة 7-2 لصالح قرار الرفع.

كما أشار إلى أن "بعض المشاركين لاحظوا أن هناك احتمالاً بأن يبقى التضخم دون المستوى المستهدف (2%) لفترة أطول مما هو متوقع حالياً". ومع ذلك، كان عددٌ أكبر من المسؤولين واثقين أن انخفاض معدل التضخم سيكون وقتياً، لتوقعهم ضغوطاً تضخمية من التوظيف المتزايد وتأثيره على ارتفاع الأجور والأسعار في نهاية المطاف.

وسيلتزم البنك الفيدرالي، بقيادة رئيسه الجديد جيرمي باول، بخطة المرات الثلاث لرفع معدلات الفائدة طالما اتجه التضخم نحو مستواه المستهدف في عام 2018، لكنه قد يضطر لتغيير ذلك، كأن يزيد عدد مرات الرفع أو يسرعها، لو شهدت البلاد مساراً أسرع للتضخم.

وزاد من ضبابية الموقف إقرار التشريعات الضريبية الجديدة، والتي توقع مسؤولو البنك أن تؤدي إلى نمو الاقتصاد بصورة أكبر في السنوات المقبلة، لكنهم كانوا غير متأكدين من حجم هذا التغيير.

وتوقع المسؤولون حدوث زيادة متواضعة في الإنفاق الرأسمالي، بعد إقرار التشريعات الضريبية الجديدة، لكنهم رأوا أن استفادة الاقتصاد "غير مؤكدة".

وبحسب ما أورده محضر الاجتماع، "على الرغم من أن ذلك أدى إلى بعض الآثار الإيجابية على جانب العرض، بما في ذلك توسيع إمكانيات النمو الاقتصادي خلال السنوات القليلة المقبلة، فإن اتصالات البنك تبدو حذرة، أو توقعت أن تستخدم التدفقات النقدية الناتجة عن التخفيضات الضريبية في عمليات الدمج وتخفيض الدين وإعادة شراء الأسهم التي ليس لها فوائد اقتصادية واسعة".

وفي وقت سابق، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب وفريقه من الجمهوريين، إن زيادة الاستثمار في الأعمال التجارية وزيادة الأجور التي تسببها الإصلاحات الضريبية، ستعزز من نمو الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة ليصل إلى 4% أو أفضل.

لكن محضر الاجتماع أشار إلى توقع صناع السياسة النقدية في البنك الفيدرالي معدلات نمو أكثر تواضعاً. وقال أعضاء لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية، إنهم يتوقعون نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي من 2.2 إلى 2.6% هذا العام، مع توقع متوسط نمو 2.5% لعام 2018.

وقال ديان سونك، الرئيس التنفيذي لشركة دي اس إكونوميكس، إن "تعزيز سوق العمل وارتفاع الأجور من شأنه أن يدفع مجلس البنك الفيدرالى إلى رفع أسعار الفائدة وسيزيد من دفعه". ويعقد البنك آخر جلساته برئاسة جانيت يالين يومي 30 و31 كانون الثاني/ يناير الجاري، وعلى الأغلب سيتم الإبقاء فيه على معدلات الفائدة الحالية.

وارتفع العائد على السندات الحكومية الأميركية بقدر زهيد في أواخر تعاملات الأربعاء، بعد نشر محضر الاجتماع، والذي لمّح إلى وجود احتمال لإجراء أكثر من ثلاث زيادات فقط لمعدل الفائدة.

ويعني ارتفاع التضخم فوق مستوى 2% المستهدف زيادة احتمالات رفع الفائدة أكثر من ثلاث مرات خلال عام 2018، وهو ما يؤدي توقعه إلى ارتفاع عوائد السندات، أي انخفاض أسعارها.

وقال كيفن جيديس، رئيس أسواق الدخل الثابت: "السيناريو هو نفسه إلى حد كبير: إذا أصبح التضخم حاضراً، سترتفع معدلات الفائدة طويلة الأجل. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فأي شيء آخر سيأتي ببائعي السندات؟".

وساعد محضر اجتماع البنك الفيدرالي الدولار على الحفاظ على مكاسبه القليلة أمام العملات الأخرى، وقد تؤدي معدلات التضخم المرتفعة في أميركا، حال حدوثها، إلى المزيد من ارتفاع الدولار، لثقة المتعاملين في رد فعل البنك الفيدرالي، والذي ازداد داخله عدد المسؤولين المعروفين بميلهم لإجراء رفع كبير لأسعار الفائدة، وهو ما يدعم الدولار.

وانخفض سعر الذهب ليزيد من خسائر حائزيه بعد نشر محضر اجتماع البنك الفيدرالي، أيضاً بسبب التلميح لاحتمالات زيادة مرات رفع الفائدة على العملة الأميركية. وكان سعر الذهب قد وصل إلى أعلى مستوى له في أكثر من مائة يوم، إلا أن ثبات الدولار شجع مالكي المعدن النفيس على بيعه.

وقال بوب هابركورن، كبير واضعي استراتيجية الأسواق في آر جي بشيكاغو، إن "التخفيضات الضريبية كانت مفيدة جداً للاقتصاد، إلا أن زيادة الناتج المحلي وزيادة الإنفاق الاستهلاكي سيزيدان من احتمالات ارتفاع التضخم، وهو ما يتطلب رفع معدلات الفائدة، ما يضع ضغوطاً على الذهب".

ويعتبر الذهب، الذي لا يمنح حائزيه أي عائد بخلاف الأرباح (أو الخسائر) الرأسمالية، من السلع شديدة الحساسية للتغيرات في أسعار الفائدة، وكان سعره قد شهد انخفاضاً كبيراً في ديسمبر/ كانون الأول المنقضي، في الطريق إلى قرار تخفيض معدل الفائدة، إلا أنه عاد وارتفع من أسفل نقطة وصل إليها في منتصف الشهر بمقدار 5% في فترة أسبوعين تقريباً.

ومن المتوقع أن يقدم تقرير الوظائف غير الزراعية الأميركية، يوم الجمعة، المزيد من الوضوح حول توقعات أسعار الفائدة لهذا العام.


المساهمون