برونو لومير... وزير المالية الفرنسي يواجه ترامب

14 اغسطس 2019
قدم مشروع لفرض الضرائب على شركات التكنولوجيا (Getty)
+ الخط -
في مارس/ آذار الماضي، قدم برونو لومير، وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي، مشروع قانون يفرض ضريبة جديدة، بنسبة 3% على صافي مبيعات شركات التكنولوجيا الرقمية، التي تتجاوز إيراداتها 750 مليون يورو على مستوى العالم، أو 25 مليون يورو في فرنسا، وهو المشروع الذي أقره الشهر الماضي مجلس الشيوخ الفرنسي، بعدما وافقت عليه الجمعية الوطنية، ليثير حفيظة الإدارة الأميركية، وعلى رأسها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي تضم قائمة الشركات المشمولة بالضريبة الفرنسية مجموعة من أهم وأكبر الشركات في بلاده، وعلى رأسها غوغل وآبل وفيسبوك وأمازون.

لم يعبأ الوزير الرأسمالي بتكليف ترامب إدارته بالتحقيق في الأمر، قبل القيام برد فعل، فقد كان كل ما يعنيه هو الوقوف في وجه الأطر التنظيمية التي تسمح لشركات التكنولوجيا العملاقة بالتضخم بلا حدود، وعدم الخضوع لأي سيطرة.

ورغم أنه يعرف أنها المرة الأولى في تاريخ العلاقات الأميركية الفرنسية التي تقوم فيها الولايات المتحدة بمثل هذا الإجراء، وجه لومير كلامه لترامب قائلاً إن باريس دولة ذات سيادة، وستعد قوانين الضرائب الخاصة بها.

وكان لومير قد فشل في الحصول على موافقة الاتحاد الأوروبي على تطبيق الضريبة في دوله، فقرر أن يبدأ ببلاده، وتوقع جمع الحكومة الفرنسية ما يقرب من نصف مليار يورو هذا العام من تلك الضريبية. وأشار لومير إلى أن الضريبة الجديدة ليست مجرد فكرة مجنونة من بعض الدول الأوروبية، وإنما هي تفاعل "مؤقت" مع نموذج عمل الشركات الجديدة، وسيتم إلغاؤها حال توصل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى اتفاق يمكن الاعتماد عليه.

ولا تعد هذه المواجهة الجريئة مع واحد من أقوى الرؤساء الأميركيين عالمياً، وأكثرهم اتخاذاً للقرارات العدوانية تجاه الدول المناوئة والحليفة على حدٍ سواء، هي الأولى من نوعها، فوزير الاقتصاد والمالية الفرنسي، الذي تم تكليفه بالمنصب قبل عامين فقط، لديه سجل حافل من المواجهات التي بدأها فور توليه منصبه.

ولدى لومير أجندة اقتصادية تقوم بالأساس على مبدأ حرية الأسواق، وظهرت أولى علاماتها في مطالبته بخصخصة مكاتب العمل الفرنسية، وإنهاء نظام إعانات البطالة، ووضع سقف لبرامج الرعاية الاجتماعية. وبعد توليه الوزارة، انحاز لومير لسياسات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الهادفة لتخفيف قبضة الحكومة على الاقتصاد، والقضاء على الروتين، وهو يشرف حالياً على الجهود الرامية لخصخصة المطارات الفرنسية، كما العديد من الشركات الأخرى المملوكة للدولة.

ولم تكن توجهات لومير غريبة عن البيئة التي نشأ فيها، حيث كان أبوه مسؤولاً كبيراً في شركة النفط الفرنسية "توتال"، وكانت أمه مديرة لعدة مدارس كاثوليكية خاصة، منها مدرسة "ليسيه سان لوي دي جونزاج"، التي درس فيها لومير حتى نهاية المرحلة الثانوية.

بعدها درس لومير اللغة والأدب الفرنسي في جامعة السوربون، والتحق بـ"مدرسة المعلمين العليا" Ecole Normale Superieure، ذات المكانة العالية في فرنسا، قبل أن يتخرج من "معهد باريس للدراسات السياسية"، الذي يعد أهم وأقوى كليات الدراسات العليا في العلوم السياسية والإدارة، في فرنسا وأوروبا.

كما درس لومير في "المدرسة الوطنية للإدارة ENA"، التي تخرج منها معظم الذين وصلوا إلى المناصب السياسية العليا في فرنسا في السنوات الأخيرة.

ولمجرد ظهور أسماء تلك الكليات والمعاهد في السيرة الذاتية الخاصة به، كانت فرص لومير كبيرة في الالتحاق بالعديد من الوزارات والهيئات الحكومة، ليعمل مستشاراً في العديد منها، مثل وزارة الخارجية والتنمية الدولية، ووزارة الداخلية، ورئاسة الوزراء، قبل أن يتم انتخابه لعضوية البرلمان في 2007. وفي 2008، ثم تعيينه وزيراً للدولة للشؤون الأوروبية، فوزيراً للزراعة والثروة السمكية في 2009.

وفي انتخابات 2016، ظهرت ميول لومير اليمينية المتحفظة، حين اتخذ موقفاً صارماً تجاه المهاجرين، وكل ما يخص قضايا الهوية الوطنية.
المساهمون