مطار النجف... أول مكان طاولته مظاهرات العراقيين يعجّ بالفساد

20 يوليو 2018
وصول مسافرين إلى مطار النجف بعد فتحه(حيدر حمداني/فرانس برس)
+ الخط -
كان مطار النجف الدولي أول مكان طاولته أيادي المتظاهرين الساخطين على الأوضاع المعيشية جنوب العراق، ما ألحق أضراراً به وأدى إلى توقفه عن العمل قبل أن تعود الطائرات للتحليق والهبوط فيه مجدّداً بشكل تدريجي منذ الإثنين الماضي.
ولعل أبرز الأسباب التي دعت المتظاهرين إلى تفريغ شحنات غضبهم عبر هذا المطار هو استشراء الفساد بجنباته، الأمر الذي دفع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى سرعة الاستجابة لأحد أبرز مطالب المحتجين في مدينة النجف وهو حل إدارة مطارها الدولي، بعد سنوات من الجدل الدائر حول إدارة المطار وسيطرة الأحزاب السياسية عليه ووجود مخالفات مالية كبيرة في أعماله والمطالبة بتوفير فرص عمل به لسكان البلدة.

ومع استمرار الاحتجاجات التي تراجعت وتيرتها في الأيام الأخيرة، تواصلت تداعيات اقتحام المطار يوم الجمعة الماضي، إذ فتحت المظاهرات ملف الفساد بأحد أبرز المطارات العراقية الذي يعاني من فساد كبير منذ افتتاحه قبل نحو عشر سنوات وحتى الآن حيث تسيطر أحزاب سياسية على جميع مفاصله وتستولي من خلال شركات تملكها على أغلب منافع المطار بدءاً من شركة النقل التاكسي وانتهاءً بالأسواق والمقاهي المنتشرة داخله.

ويعتبر قرار الحكومة بحل إدارة المطار هو الثاني من نوعه، إذ أصدر رئيس الوزراء حيدر العبادي في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قراراً بحل مجلس إدارة مطار النجف، على أن تتولى سلطة الطيران المدني مهمة إدارة وتشغيل المطار موقتاً، وإحالة كافة الملفات إلى هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية، لكن إدارة المطار رفضت تنفيذ القرار مدعومة في موقفها بمليشيات مسلحة وأحزاب دينية أبرزها العصائب وبدر والتيار الصدري وحزب الدعوة بزعامة نوري المالكي والمجلس الأعلى.

وتتألف إدارة المطار من ستة أعضاء يتساوون بالصلاحيات وكل عضو يمثل حزباً بالمدينة وكلها من الأحزاب الدينية.

ويقول مراقبون إن على رئيس الوزراء أن يشكر متظاهري النجف كونهم كانوا العامل الرئيس الضاغط على إدارة المطار لقبول قراره بالإقالة وعدم التشبث بالمنصب.

وفي 20 يوليو/ تموز 2008 تم افتتاح المطار رسمياً لاستقبال رحلات الطيران القادمة لمدينة النجف، ويقطع المطار شرق مدينة النجف إحدى أهم مدن العراق، وتم إنشاؤه على قاعدة جوية عسكرية سابقة، يضم مبنى الركاب بالمطار وبوابتين للمسافرين لإيصال الركاب إلى الطائرة عن طريق الحافلات، ويضم أيضاً مبنى الركاب مكاتب لشركات الطيران والخدمات ومواقف للسيارات وبرج مراقبة وصالتين للشحن الجوي وكبار الزوار، وتديره شركة عقيق القابضة لخدمات الطيران.


ويبلغ متوسط الرحلات من وإلى النجف 19 رحلة يومياً حالياً وفي أوقات الزيارات، يتضاعف حيث يصل إلى 60 رحلة يومياً يستقبل المطار العديد من أنواع الطائرات، وفي مطار النجف هناك مدرج واحد حالياً بطول ثلاثة آلاف متر ويعتبر من المطارات ذات التصنيف المنخفض عالميا.

من أبرز المشاكل التي كانت تواجه المطار صغر ساحة وقوف الطائرات مع زخم الخطوط الجوية الراغبة في العمل به، وبدأ مشروع توسعة الساحة ليستوعب 14 طائرة بعد أن كان يحوي 4 مواقف للطائرات فقط وكذلك البدء بتطوير صالة المسافرين لتستوعب أكبر عدد من المسافرين الواصلين والمغادرين.

ووفقا لتقارير مسربة عن هيئة النزاهة، فإن أكثر من نصف عائدات المطار تذهب لجهات سياسية وحزبية أو فصائل مسلحة مثل العصائب وسرايا السلام.

ويُعتبر أعضاء مجلس إدارة المطار أبرز المتورطين في قضايا الفساد تلك وهم بالعادة يمثلون أحزابهم، إلا أن ضغوطات واعتبارات سياسية تحول دون تقديمهم إلى القضاء العراقي.

ومن أبرز ملفات الفساد في المطار، عقود الإعمار والترميم التي بلغت قيمتها المعلنة 72 مليون دولار في الوقت الذي تبين أن التكلفة الحقيقة كانت 22 مليون دولار فقط وعلى عدة سنوات من التأهيل، بحسب مصادر مطلعة.

ووفقا لمسؤول محلي في مجلس محافظة النجف لـ"العربي الجديد"، فإن إقالة إدارة المطار من شأنها وقف باب كبير من أبواب الفساد. ويضيف المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، أنه "وفقا للقانون إن للمحافظة عائدات المنفذ البري أو الجوي الموجود فيها ومورد مهم مثل مطار النجف لم يكن لأهل النجف بل للأحزاب والمليشيات".

ولفت إلى أن أرباح المطار تبلغ سنويا ما لا يقل عن 100 مليون دولار، ومثل هذا الرقم من شأنه أن ينهض بقطاعات مهمة مثل الصحة والتعليم وجوانب أخرى".

وبعد تعطل المطار مع اقتحام المظاهرات الحاشدة له الجمعة الماضية، أعلن وزير النقل كاظم فنجان الحمامي، الإثنين الماضي، أن مطار النجف عاد لاستقبال رحلات الطائرات الدولية، منذ الأحد برحلة جوية قادمة من مطار بيروت، ثم توالى إعلان شركات الطيران عن عودتها إلى المطار ومنها الخطوط الجوية الملكية الأردنية التي أكدت أن رحلاتها بين عمان ومدينة النجف ستعود إلى طبيعتها اعتبارا من أمس الخميس.
المساهمون