(كتاب رونالدو 17)"حزينانو" دخل الحرب مع مورينيو.. وسأل الرحيل

01 اغسطس 2016
+ الخط -



ابتعد رونالدو خلال فترة الإعداد لموسم 2012-2013 في الولايات المتحدة عن باقي الفريق، بل والعناصر المقربة منه داخل المجموعة. كانت ردود أفعاله غاضبة أثناء التوقيع على الأوتوغرافات. لم يتحدث مع أحد بخصوص ما يحدث له.

لم يظهر كريستيانو كما يعرفه الجميع في الشهور الأولى من موسم 2012-2013 ولم تكن الأوضاع مثالية أيضاً داخل غرف الملابس حيث أصبح العمل تحت إمرة مورينيو بمثابة معاناة.

في أغسطس/آب شاهد كريستيانو أندريس إنييستا وهو يتسلم جائزة (ويفا) لأفضل لاعب أوروبي، وبعدها بعدة أشهر رأت عيناه ميسي وهو يتسلم كرته الذهبية الرابعة، في الوقت الذي كان كريستيانو يصفق فيه بشكل ينم عن شيء دفين داخله. ما الذي كان يعاني منه؟

الاتزان داخل الفريق عنصر مهم لسعادة أي لاعب، ولكن مورينيو دائماً كان يعاني من مشكلات قوية تتعلق بالاتزان والقيادة. هذا الأمر أثر على كريستيانو الذي كافح ليجد المكان الذي يراه ملائماً لنفسه في المجموعة.

يقول تشابي ألونسو إن رونالدو يقود بالعمل والحديث عند الضرورة حيث يضيف "إصراره مثالٌ يُحتذى به بالنسبة للصغار. لا يمكن المساس به على الرغم من أنه ليس القائد، فهو ليس ذلك الشخص الذي ينظر للجانب الآخر حينما توجد مشكلة".

كل هذه الأمور صحيحة ولكن المشكلة التي تسببت في غياب التجانس داخل غرف ملابس ريال مدريد هي عدم تمكن أحد من ملء الفراغ الذي خلفه رحيل راؤول في قيادة غرف الملابس. حينما انضم مورينيو للنادي حاول جعل كاسياس هو القدوة الواجب اتباعها ولكن بعد سلسلة من الخلافات والنزاعات انتهى به الأمر ليصرخ أمام الجميع "هذا الرجل (كاسياس) لن يلعب معي مجدداً".

في نفس الوقت كان كاسياس يتراءى له أعداء داخل غرفة الملابس: سرجيو راموس (في البداية) و"هذا البرتغالي" (رونالدو)... في الوقت الذي بدأ تأثير إيكر يتراجع داخل الفريق، بدأ راموس بالمطالبة بالعرش وتسبب هذا في الكثير من النكات داخل الفريق والقول بأنه كان متسرعاً للغاية.

عثر المخضرمون في تلك الفترة على صعوبة في الاعتراف بوجود سلطة لرونالدو، فكما يقول تشابي ألونسو فإن كريستيانو "قائد لما يفعله داخل الملعب أكثر مما يفعله داخل غرف الملابس"، ولكن مورينيو أمام هذه البانوراما وذلك الفراغ في السلطة داخل غرف الملابس قرر أن يصبح مسؤولاً عنها وعما يجري أيضاً داخل أروقة ومكاتب النادي.

مواجهة مع فلورنتينو
مرت الشهور ولأسباب تكتيكية وشخصية عادت النزاعات للظهور بين كريستيانو ومورينيو وسار كل منهما في طريق مختلف تماماً. يقول جورجي مينديش إنه يجب الاعتناء برونالدو ورعايته ولكن مورينيو لا يعرف سوى رعاية نفسه. كان المدرب البرتغالي يرى أنه يجب قطع "الحبل السري" الذي يربط اللاعب بوكيله. إن رونالدو يجب أن يقف على قدميه وينضج بنفسه.

في سبتمبر 2012 وعقب الفوز على غرناطة بثلاثية نظيفة سجل منها رونالدو هدفين دون أن يحتفل بأي منهما، ظهر البرتغالي في المنطقة المختلطة ليؤكد أنه "حزين"، بل وأن رئيس النادي فلورنتينو بيريز يعرف لماذا مشيراً إلى أن سبب هذا الاستياء "أسباب مهنية".

أسباب مهنية؟ هل يتعلق الأمر بسبب فوز إنييستا بأفضل لاعب أوروبي؟ أم تصريح صديقه مارسيلو بأن كاسياس يستحق الكرة الذهبية؟ أو غياب الدعم من إدارة النادي وزملاء الفريق؟ أم الخلافات بينه وبين الإسبان الموجودين في الفريق؟ أم أزمته مع مورينيو؟ أم ذكرى البرنابيو وهو يطلق صافرات استهجان ضده؟

حينما حصل إنييستا على الجائزة كان برشلونة أرسل معه وفداً ضم ساندرو روسيل رئيس النادي وأندوني زوبيزاريتا، بينما كان من رافق رونالدو هو نائب الرئيس الثالث بدرو لوبيز ومدير العلاقات المؤسسية، ايميليو بوتراجينيو، بمعنى آخر تمثيل النادي كان ضعيفاً واعتبر رونالدو هذا الأمر بمثابة دليل جديد على غياب التقدير لمساهماته في النادي، خاصة وأن فلورنتينو تجاهل البروتوكول المعروف وفضل حضور اجتماع يخص شركته على حضور الحفل. كان كريستيانو عازماً على الرحيل.. أو هكذا قالت الصحافة الإسبانية.

وفقاً لصحيفة (ماركا) فإن هذا الحوار دار بين كريستيانو وفلورنتينو:

- سيادة الرئيس.. أرغب في إخبارك بشيء. لست سعيداً هنا وأرغب في الرحيل.

-إذا ما كنت ترغب في الذهاب. اجلب لي المال الكافي للتعاقد مع ميسي. 

-الأمر لا يتعلق بالنقود. غداً سأعود لك ومعي عرض بـ100 مليون يورو.

- إنها ليست 100 مليون..بند فسخ عقدك بمليار يورو.

كان جورجي مينديش أخبر وكيله بأنه توجد أندية مهتمة بضمه مقابل 100 مليون يورو مثل باريس سان جيرمان ومانشستر سيتي ومانشستر يونايتد، ولكن يقول فلورنتينو بيريز للصحافي ماريو توريخون حول هذا الأمر في كتابه عن رونالدو "كان يعرف أنه ليس بإمكانه الرحيل. نافذة الانتقالات كانت أغلقت. كان أمراً مستحيلاً".

أذاع برنامج (الارجيرو) الذي يبث عبر أثير الراديو بعض التفاصيل الأخرى الخاصة بذلك الحوار وكيف أن رونالدو أخبر الرئيس بأن الأمور لا تسير بشكل جيد في غرفة الملابس وأنه لا يشعر بالدعم من الفريق أو النادي. إنه يشعر بالوحدة.

يروي خوسيه أنخل سانشيز في تصريحات أيضاً نشرها ماريو توريخون في كتابه "الأمر نجم عن سوء تفاهم. العلاقة بين اللاعبين والأندية تمر دائماً بمنحنيات صعود وهبوط. أعتقد أنه كان يرغب في إخبارنا أنه لم يكن جيداً على الصعيد العاطفي".

حزينانو وقادة الفريق
لم يصدر أي تعليق من مورينيو بخصوص "حزن" رونالدو لأنه كان يرى أن هذا التصريح لم يكن في محله على صعيدي الزمان والمكان. يقول الصحافي دييجو توريس في كتابه (استعدوا للخسارة) حول حقبة مورينيو مع الريال إنه في الأيام اللاحقة لتصريح رونالدو حدث شيء غريب.

بدأ بعض أعضاء الجهاز الفني في الإشارة لرونالدو بلقب (تريستانو) وهي كلمة ابتكروها من اسم اللاعب: كريستيانو وكلمة حزين بالإسبانية التي تنطق (تريستي)، بمعنى آخر كانوا يطلقون عليه لقب "حزينانو".

قرر قادة الفريق الذين كانوا يقرعون طبول الحرب قبلها بعدة أشهر ضم الصفوف حيث يقول تشابي ألونسو "حينما أطلق هذا التصريح شعرنا بالقلق. تحدثنا معه وقلت له: اسمع يا كريس، نريد أن نفعل كل شيء لكي تصبح سعيداً. أنت لاعب مهم للغاية بالنسبة لنا".

لم يتوقف الأمر عند هذا حيث اجتمع كاسياس وراموس مع اللاعب الذي أخبرهما بأن الأمر لم يكن يتعلق بمشكلة داخل غرفة الملابس أو حتى الخلافات مع مورينيو، بل أن مصدر غضبه كان فلورنتينيو بيريز الذي لم يقدره ويدعمه بالشكل الكافي.

بمعنى آخر فإن رونالدو استخدم الإعلام مرة أخرى لبث رسالته وترك الكرة في ملعب ريال مدريد. لم يكن الأمر مجرد مناورة لتحسين التعاقد بل تهديد حقيقي بالقفز من السفينة إذا لم يحصل على المكانة والاهتمام الذي يراه مستحقاً، وبعد نقاش طويل داخل مكاتب النادي جاء القرار: هذا اللاعب يستحق بالفعل الاحتفاظ به، خاصة وأن برشلونة كان اقترب من حسم صفقة نيمار لصالحه.

الانفجار الكبير
زاد استياء الفريق من أسلوب مورينيو أثناء مواجهة بروسيا دورتموند في مرحلة المجموعات، فبدلاً من اللعب نداً لند كان البرتغالي يسعى للعب بأسلوب محافظ وهو الأمر الذي لم يعجب الأسماء الثقيلة في الفريق، ومن ضمنها رونالدو. تمكن الريال في النهاية من العبور لمرحلة المجموعات، ولكنه كان متأخراً في الليغا خلف برشلونة.

وصل التوتر ذروته داخل غرف ملابس ريال مدريد أثناء مواجهة فالنسيا في ربع نهائي كأس الملك بيناير/كانون الثاني 2013. في المنعطف الأخير من مباراة الذهاب كان الريال متقدماً بهدفين وتتبقى 10 دقائق على النهاية، وفجأة يوجه مورينيو بطريقة غاضبة لوماً لرونالدو على عدم ارتداده للدفاع في كرة كادت تتسبب في اهتزاز شباك الفريق.

ما يلي هو رواية للأحداث على لسان أحد الأشخاص الذين تواجدوا داخل غرفة الملابس بعد تلك المباراة ويفضل عدم البوح باسمه:

"كان دم مورينيو يغلي من الغضب حينما وصل غرفة الملابس وقال: (إذا ما كانوا تمكنوا من التسجيل و..). لم يدعه رونالدو يكمل الجملة وصرخ غاضباً: (بعد كل ما فعلته من أجلك؟ أهكذا تعاملني الآن؟! كيف تتجرأ على قول هذا لي؟). ساد الغرفة صمت مثل القبر وحاول مورينيو الحفاظ على هدوئه وأضاف: (كنت أقول هذا للفريق، لأن الفريق كان يحتاجك في الخلف..). لم يبد كريستيانو أي نية للهدوء وظل يجادل بعنف ولكن مورينيو لم يتمكن هو الآخر من احتواء نفسه وقال بصوت سمعه الجميع: (ليكن في علمك.. الكثير لديهم هذا الظن هنا مثلي، ولكنهم لا يتجرأون على قوله. ليس لديهم الرجولة الكافية لإخبارك)".

يقول عدد من اللاعبين الذين شاهدوا الواقعة إن مورينيو طالب كريستيانو أكثر من مرة مباشرة أو عبر أعضاء الجهاز الفني بالدفاع بصورة أكبر ولكنه كان يرفض، بل وأنه تحديداً في تلك اللحظة هم اللاعب بالهجوم على مورينيو ولكنهم قاموا بمنعه لمنع الطرفين من تبادل اللكمات.

أدرك مورينيو في تلك اللحظة أنه فقد كل ما لديه في غرفة الملابس. انفض الجميع من حوله: بيبي ورونالدو وكاسياس ودي ماريا وسرخيو راموس، ولكن على أي حال فإنه كان بدأ في الاستعداد عبر إعادة علاقته "الرومانسية" مع تشيلسي.

"تباً لك".. قالها كريستيانو بغضب وهو يشير إلى شعار النادي حينما سجل هدفه رقم 200 لصالح ريال مدريد في مرمى مالاغا.. قالها وهو ينظر إلى مورينيو دون أدنى شك.

يقول ألفريدو ريلانيو رئيس تحرير صحيفة (آس) حول نزاع (كريستيانو-مورينيو) "كان قتالاً بين اثنين يرغبان في لعب دور الذكر المسيطر (ألفا ميل). انتهى الأمر برحيل المدرب. في النهاية مهما كنت جيداً، لا يمكنك تسجيل 50 هدفاً في الموسم".

نهاية الموسم
أنهى ريال مدريد الموسم بالخروج من نصف نهائي دوري الأبطال أمام بروسيا دورتموند حينما لعب رونالدو مصاباً في مباراة الإياب، فيما خسر الفريق أيضاً نهائي كأس الملك أمام أتلتيكو مدريد في المباراة التي حصل فيها على بطاقة حمراء للاعتداء على جابي دون كرة، وفي الليغا تمكن تيتو فيلانوفا من قيادة برشلونة للقب.

على الرغم من مشاعر الوحدة في بداية الموسم والخلافات مع الجهاز الفني إلا أن كريستيانو تمكن من تسجيل 55 هدفاً، وجاء قرار التخلي عن مورينيو باتفاق مشترك بين المدرب والنادي.

في 15 سبتمبر 2013 وقع اللاعب والنادي على عقد من خمس سنوات أصبح رونالدو بموجبه حينها أعلى اللاعبين راتباً بقيمة 21 مليون يورو صافية سنوياً، فيما ظلت قيمة الشرط الجزائي في العقد مليار يورو. كانت هذه خطوة جديدة نحو "التقدير" الذي كان يرغب فيه اللاعب مع ريال مدريد.

المساهمون