عاشت إنكلترا من عام 1985 حتى 1990 لحظات عصيبة على مستوى كرة القدم بسبب الشغب الجماهيري والأحداث التي شهدتها البلاد وحتى خارجها من قبل المشجعين، مما أدّى إلى كارثة هيسيل، التي حرمت الأندية إثرها من المشاركات الأوروبية وتحديداً نادي ليفربول.
في الحلقة الماضية تحدثنا عن تلك الحقبة، لكن ما الذي حصل بعدها، وكيف تبدّل الحال؟
كان كأس العالم 1990 الذي أقيم في إيطاليا، النافذة الأولى لعودة أندية إنكلترا إلى الواجهة مجدداً، رغم أن التفاؤل كان في بداية المونديال شبه ضئيل.
قال يومها رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا"، لينارت يوهانسون، إن "فرص الأندية الإنكليزية في المنافسة بالمسابقات القارية لا تتجاوز 10%"، هذا الأمر كان من شأنه تحطيم عزيمة العديد من الأندية التي كانت تُمني النفس برفع الألقاب الأوروبية مجدداً.
في الحقيقة، يومها وصل منتخب الأسود الثلاثة إلى مراحل متقدمة بالمونديال، وتحديداً بلوغه نصف النهائي، وكان سلوك الجماهير الإنكليزية جيداً، مما فتح الباب للخطوة التي طال انتظارها.
سُمح لفريق مانشستر يونايتد بالمشاركة في كأس الكؤوس الأوروبية، بينما استطاع نادي أستون فيلا المنافسة في بطولة كأس الاتحاد الأوروبي (يوروبا ليغ حالياً)، وكان ذلك في موسم 1990-1991، لكن إيقاف نادي ليفربول الإنكليزي امتد عاماً إضافياً، إذ ارتبط اسمه بطبيعة الحال بكارثة هيسيل في بلجيكا ووفاة 39 مشجعاً.
على الرغم من أن يونايتد أنهى ذلك الموسم بفوزه على برشلونة في نهائي كأس الكؤوس الأوروبية، إلا أن الأندية الإنكليزية وجدت نفسها في وضعٍ صعب للغاية على مستوى المنافسات القارية، تحديداً في دوري الأبطال.
اقــرأ أيضاً
كان تأثير الحظر على إنكلترا كبيراً ومضراً للغاية، إذ حرمها من جذب المواهب الدولية، فاللاعب بطبيعة الحال يحلم بالمنافسة على أعلى مستوى في أفضل المسابقات بأوروبا للظهور أمام الإعلام، وكذلك الجماهير بشكلٍ متكرر لتحقيق النجومية والشهرة.
في موسم 1985- 1986 على سبيل المثال، انتقل لاعب واحد غير بريطاني، فقط، إلى فريق من الدرجة الأولى من نادٍ أجنبي، كان اسمه جون سيفيك، وبلغ من العمر يومها 24 عامًا، جاء من فريق فايله الدنماركي، ووقع عقداً مع نادي مانشستر يونايتد مقابل 200 ألف جنيه إسترليني. رحل في الموسم التالي إلى سانت إيتيان الفرنسي، لأن السير أليكس فيرغسون لم يرد الاعتماد عليه.
أضرّ الحظر كذلك بتمويل الأندية، مما دفعها نحو الفكرة الأكثر أهمية ربما في وقتنا الحالي، وهي الدوري الإنكليزي الممتاز أي بريميرليغ عام 1992، مما سمح للفرق بجني مبالغ أكبر من المال وكذلك باتت أجور اللاعبين أعلى، كما أتاح قانون "بوسمان" للأندية التوقيع مع عدد كبير من اللاعبين من مختلف أنحاء بريطانيا وأوروبا، بعكس ما كان عليه الحال سابقاً، أي إلزام النادي باعتماد 3 أجانب في الفريق فقط، وكان ذلك في عام 1995.
حذّر إثرها جوردون تايلور، الذي كان الرئيس التنفيذي لاتحاد لاعبي كرة القدم المحترفين، من أن هذا القرار سيؤدي إلى سيل من اللاعبين الأجانب الذين سينتقلون إلى إنكلترا، ورأى تأثيراً سلبياً على اللعبة هناك.
جاء المدّ بالفعل ولكن لم يتسبب بذلك الضرر الذي تحدّث عنه تايلور. وقّعت إثره الأندية في الموسم التالي مع 50 لاعباً غير بريطاني من أندية أجنبية، أمثال الإيطالي المميز جيافرانكو زولا وفابريسيو رافانيلي وباتريك فييرا.
يوم توج الشياطين الحمر بلقب دوري الأبطال عام 1999 وكانت المباراة الأولى التي تشهد طرفاً إنكليزياً في النهائي منذ حادثة هيسيل، كان الفريق مبنياً من قبل فيرغسون على خريجين من مدرسة النادي الكروية أي من الفئات العمرية، لكنه ضمّ أيضاً لاعبين دنماركيين واثنين من النرويج وهولندياً وسويدياً وآخر من ترينيداد وتوباغو ونقصد هنا دوايت يورك.
تزامن تقريباً رفع الحظر بعد هيسيل مع تقرير تايلور حول كارثة هيلزبره عام 1989 التي راح ضحيتها 96 مشجعاً، مما أجبر الأندية على تحسين مرافقها ونزع السياج الحديدي، تغيّر الحال من فكرة "ملاعب الأحياء الفقيرة" إلى ملاعب مخصصة لجميع فئات المجتمع.
قد يرى البعض أن هذه العملية لم تكن إيجابية تماماً، لكن ورغم أزمة كورونا الحالية على سبيل المثال والتوقف الحاصل على مستوى الدوري، بلغ معدل الحضور الجماهيري قبل ذلك 39 ألفاً في المباراة الواحدة، ووصل الحضور إلى 25,092,248 أي أكثر من موسم 1985-1986 كاملاً بفارق 8,5 ملايين.
لم تكن كرة القدم الإنكليزية الوحيدة التي تغيرت في ذلك الوقت، بل المجتمع الإنكليزي أيضاً. كارثة هيسيل كانت مجرّد واحدة من حوادث عديدة. أما إذا كان الحظر في نهاية الأمر قصيراً نسبياً، فيُمكن القول إن تأثيره لا يزال محدوداً.
كان كأس العالم 1990 الذي أقيم في إيطاليا، النافذة الأولى لعودة أندية إنكلترا إلى الواجهة مجدداً، رغم أن التفاؤل كان في بداية المونديال شبه ضئيل.
قال يومها رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا"، لينارت يوهانسون، إن "فرص الأندية الإنكليزية في المنافسة بالمسابقات القارية لا تتجاوز 10%"، هذا الأمر كان من شأنه تحطيم عزيمة العديد من الأندية التي كانت تُمني النفس برفع الألقاب الأوروبية مجدداً.
في الحقيقة، يومها وصل منتخب الأسود الثلاثة إلى مراحل متقدمة بالمونديال، وتحديداً بلوغه نصف النهائي، وكان سلوك الجماهير الإنكليزية جيداً، مما فتح الباب للخطوة التي طال انتظارها.
سُمح لفريق مانشستر يونايتد بالمشاركة في كأس الكؤوس الأوروبية، بينما استطاع نادي أستون فيلا المنافسة في بطولة كأس الاتحاد الأوروبي (يوروبا ليغ حالياً)، وكان ذلك في موسم 1990-1991، لكن إيقاف نادي ليفربول الإنكليزي امتد عاماً إضافياً، إذ ارتبط اسمه بطبيعة الحال بكارثة هيسيل في بلجيكا ووفاة 39 مشجعاً.
على الرغم من أن يونايتد أنهى ذلك الموسم بفوزه على برشلونة في نهائي كأس الكؤوس الأوروبية، إلا أن الأندية الإنكليزية وجدت نفسها في وضعٍ صعب للغاية على مستوى المنافسات القارية، تحديداً في دوري الأبطال.
فشلت الأندية الإنكليزية في مقارعة بقية الفرق، على عكس ما كان الأمر عليه منذ أواخر السبعينيات وحتى منتصف الثمانينيات، إذ حقق ليفربول اللقب في أعوام 1977 و1978 و1981، بينما توج به مواطنه نوتنغهام فورست مرتين عامي 1979 و1980 وحقق أستون فيلا اللقب في عام 1982، وكان عام 1983 الوحيد الذي أفلت من الهيمنة الإنكليزية، حين حصد نادي هامبورغ المركز الأول.
استغرق الأمر حتى عام 1999 حتى يصل فريق إنكليزي إلى ذات الأذنين مجدداً، أي يوم فاز مانشستر يونايتد على حساب بايرن ميونخ في المباراة الجنونية 2-1، مع العلم أنه لم يستطع أي مدرب إنكليزي الفوز بكأس أوروبي كبير منذ نجاح كيندال مع إيفرتون في عام 1985، وقال عن هذا الأمر جون توشاك اللاعب السابق والمدرب الحالي بحسب صحيفة ذا غارديان: "ذلك الحظر أثّر على المدربين مثل اللاعبين، فقدنا تجربة اللعب على أرضنا وخارج الديار في المسابقات الأوروبية، اللعب مثلاً ضد يورك ليس ذاته. السفر والتكتيك مختلفان".كان تأثير الحظر على إنكلترا كبيراً ومضراً للغاية، إذ حرمها من جذب المواهب الدولية، فاللاعب بطبيعة الحال يحلم بالمنافسة على أعلى مستوى في أفضل المسابقات بأوروبا للظهور أمام الإعلام، وكذلك الجماهير بشكلٍ متكرر لتحقيق النجومية والشهرة.
في موسم 1985- 1986 على سبيل المثال، انتقل لاعب واحد غير بريطاني، فقط، إلى فريق من الدرجة الأولى من نادٍ أجنبي، كان اسمه جون سيفيك، وبلغ من العمر يومها 24 عامًا، جاء من فريق فايله الدنماركي، ووقع عقداً مع نادي مانشستر يونايتد مقابل 200 ألف جنيه إسترليني. رحل في الموسم التالي إلى سانت إيتيان الفرنسي، لأن السير أليكس فيرغسون لم يرد الاعتماد عليه.
أضرّ الحظر كذلك بتمويل الأندية، مما دفعها نحو الفكرة الأكثر أهمية ربما في وقتنا الحالي، وهي الدوري الإنكليزي الممتاز أي بريميرليغ عام 1992، مما سمح للفرق بجني مبالغ أكبر من المال وكذلك باتت أجور اللاعبين أعلى، كما أتاح قانون "بوسمان" للأندية التوقيع مع عدد كبير من اللاعبين من مختلف أنحاء بريطانيا وأوروبا، بعكس ما كان عليه الحال سابقاً، أي إلزام النادي باعتماد 3 أجانب في الفريق فقط، وكان ذلك في عام 1995.
حذّر إثرها جوردون تايلور، الذي كان الرئيس التنفيذي لاتحاد لاعبي كرة القدم المحترفين، من أن هذا القرار سيؤدي إلى سيل من اللاعبين الأجانب الذين سينتقلون إلى إنكلترا، ورأى تأثيراً سلبياً على اللعبة هناك.
جاء المدّ بالفعل ولكن لم يتسبب بذلك الضرر الذي تحدّث عنه تايلور. وقّعت إثره الأندية في الموسم التالي مع 50 لاعباً غير بريطاني من أندية أجنبية، أمثال الإيطالي المميز جيافرانكو زولا وفابريسيو رافانيلي وباتريك فييرا.
يوم توج الشياطين الحمر بلقب دوري الأبطال عام 1999 وكانت المباراة الأولى التي تشهد طرفاً إنكليزياً في النهائي منذ حادثة هيسيل، كان الفريق مبنياً من قبل فيرغسون على خريجين من مدرسة النادي الكروية أي من الفئات العمرية، لكنه ضمّ أيضاً لاعبين دنماركيين واثنين من النرويج وهولندياً وسويدياً وآخر من ترينيداد وتوباغو ونقصد هنا دوايت يورك.
تزامن تقريباً رفع الحظر بعد هيسيل مع تقرير تايلور حول كارثة هيلزبره عام 1989 التي راح ضحيتها 96 مشجعاً، مما أجبر الأندية على تحسين مرافقها ونزع السياج الحديدي، تغيّر الحال من فكرة "ملاعب الأحياء الفقيرة" إلى ملاعب مخصصة لجميع فئات المجتمع.
قد يرى البعض أن هذه العملية لم تكن إيجابية تماماً، لكن ورغم أزمة كورونا الحالية على سبيل المثال والتوقف الحاصل على مستوى الدوري، بلغ معدل الحضور الجماهيري قبل ذلك 39 ألفاً في المباراة الواحدة، ووصل الحضور إلى 25,092,248 أي أكثر من موسم 1985-1986 كاملاً بفارق 8,5 ملايين.
لم تكن كرة القدم الإنكليزية الوحيدة التي تغيرت في ذلك الوقت، بل المجتمع الإنكليزي أيضاً. كارثة هيسيل كانت مجرّد واحدة من حوادث عديدة. أما إذا كان الحظر في نهاية الأمر قصيراً نسبياً، فيُمكن القول إن تأثيره لا يزال محدوداً.