هل تنجح "صحوة" الصحافيين المصريين؟

18 يونيو 2018
صدر القانون على غفلة من أهل المهنة(خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
نجح أربعة من أعضاء مجلس نقابة الصحافيين المصرية في جمع ما يقرب من 400 توقيع على بيان رافض لقانون تنظيم الصحافة والإعلام الجديد، في خطوة احتجاجية عاجلة، من المقرر أن تكتمل بخطوات أخرى بعد انتهاء إجازة عيد الفطر اليوم، حسبما أعلن عدد من أعضاء مجلس نقابة الصحافيين المصرية، المعترضين على القانون (وهم أقلية).

ومنذ الإعلان عن موافقة مجلس النواب المصري على مشروع قانون تنظيم الصحافة، في العاشر من يونيو/ حزيران الجاري، وإحالته لمجلس الدولة لمراجعته، تناول العديد من النقابيين والخبراء مواد القانون بالنقد الذي يصل لحد الطعن في دستوريته.

وقال نقيب الصحافيين السابق، يحيى قلاش، إن المواد الكارثية في مشروع الصحافة والإعلام لا تعد ولا تحصى، ويكفي أنه تم "طبخه في الظلام على مدى عام وبعيداً عن كل المؤسسات والجهات المعنية"، معتبرًا ذلك في إطار "ارتكاب الجرائم وليست إعداد التشريعات".
وأضاف قلاش، عبر حسابه على "فيسبوك"، أن فلسفة أي مشروع تكون دالّة على مقاصده، "يكفي أن تطّلع على بعض نماذج من هذه المواد منها 5، 10، 19، 29 لتتأكد أن المهنة بعده ستتحول إلى ذكرى، ولإبداء الرأي سيُصبِح كابوسًا" على حد وصفه. وتابع "يكفي أن تعرف أن هذا المشروع، لو تم تمريره، فلا صحافة أو مؤسسات ولا غيرها ، بعد أن تم تهميش أصحاب المصلحة، وأصبحت مؤسسات الرأي وبقايا معامل القوة الناعمة مجرد سلع ومشروعات. ويكفي أن تعرف أننا سنترحّم على ما كنا نسخر منه ونسميه (ديمقراطية الهوامش)، فهذه الهوامش يطاح بها في هذا المشروع، وأصبح استمرارها أقصى أمانينا".

واستطرد "يكفي أن تعرف أن مكسب إلغاء الحبس في قضايا النشر بالدستور، التي ناضلت الجماعة الوطنية والصحافية على مدى عقود من أجل انتزاعه، قد تم الالتفاف عليه بفتح باب جهنم بإباحة الحبس الاحتياطي في بعض الجرائم بهدف ترويع كل صاحب قلم رغم حظر قانون النقابة وقانون تنظيم الصحافة الحبس الاحتياطي في جرائم النشر".

كما عرض الكاتب الصحافي وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، فتحي محمود، ملاحظات سريعة على مشروع قانون الهيئة الوطنية للصحافة الجديد. وكتب على "فيسبوك" أن فلسفة القانون تقوم على اعتبار الهيئة الوطنية للصحافة، بمثابة شركة قابضة، والمؤسسات الصحافية مجرد شركات تابعة لها، لذلك تتدخل الهيئة بشكل مباشر في إدارة المؤسسات وتساوي بينها جميعاً؟ فالأهرام مثل دار المعارف لا فارق بينهما. والكل يدار بأسس شركات القطاع العام وليس كمؤسسات صحافية، والأهرام مثل عمر أفندي بالضبط في كل ما يتعلق بالإدارة والعلاقة مع العاملين بها".



وتابع "ولأول مرة في تاريخ الصحافة القومية تم تقليص تمثيل الصحافيين في إدارة المؤسسات الى أدنى حد، ففي القانون الجديد عدد أعضاء مجلس الإدارة 13 عضوا، منهم صحافيان فقط (الوضع الحالي بالأهرام أعضاء مجلس الإدارة 13 منهم 9 صحافيين) وفي القانون الجديد عدد أعضاء الجمعية العمومية 17 منهم صحافيان فقط (الوضع الحالي في الأهرام أعضاء الجمعية 35 منهم 20 صحافيًا)، وهذا التمثيل المتدني ينزع عن المؤسسات صفة الصحافية، ويجعل الصحافيين مغلولي الأيدي في إدارة مؤسستهم".

كما أشار إلى أنه "لأول مرة في تاريخ الصحافة القومية تدار المؤسسات الصحافية بعناصر من خارجها، ففي القانون الجديد يتم تعيين نصف أعضاء مجلس الإدارة من خارج المؤسسة (الوضع الحالي جميع أعضاء مجلس الإدارة من المؤسسة) وفي القانون الجديد عدد أعضاء الجمعية العمومية 17 منهم 11 من خارج المؤسسة ( الوضع الحالي الجمعية العمومية 35 منهم 4 فقط من خارج المؤسسة).

وقال فتحي "لم تعد الهيئة تلعب دور المالك حسب الدستور؛ إنما تقوم بإدارة المؤسسات مباشرة، بالتحكم في مجالس الإدارات والجمعيات العمومية، ولا تملك المؤسسة اتخاذ أي قرار مهم إلا بموافقة الهيئة، التي أصبحت تحصل لنفسها أيضا على 1% من إيرادات المؤسسة، ورئيس الهيئة هو رئيس الجمعية العمومية في جميع المؤسسات يتعامل معهم بشكل موحد لا فارق بين مؤسسة كبيرة أو صغيرة".

كما أشار محمود إلى "تجاهل القانون الجديد عدة حقوق للصحافيين منها على سبيل المثال المد الوجوبي لسن المعاش للصحافيين الى 65 عاما، حيث أعطى الحق للهيئة للمد لمن تراهم -خبرات نادرة فقط- وكذلك تجاهل الحديث عن مكافأة نهاية الخدمة للصحافيين (شهر عن كل سنة)، وعن الكادر المالي للصحافيين والاكتفاء فقط بالحديث عن تطبيق الحد الأدنى والأقصى (وهو مطبق بالفعل).

كما أن "القانون الجديد تجاهل المادة الموجودة في القانون الحالي والخاصة بتوزيع نصف الأرباح سنويا على العاملين بالمؤسسة، وبالتالي لم يعد لموضوع الأرباح والحوافز السنوية أي سند قانوني"، بحسب محمود.

هذه الحالة من الرفض والاعتراض، لا تختلف كثيرًا عن مثيلتها أثناء تمرير قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام في ديسمبر/كانون الأول عام 2016، حيث ناقش مجلس النواب المصري قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام، ووافق عليه، في غضون أسبوع، وعلى الرغم من اعتراضات الجماعة الصحافية عليه.

ومشروع قانون "التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام"، هو بمثابة نصف مشروع "القانون الموحد للصحافة والإعلام"، والنصف الآخر هو قانون تنظيم الصحافة والإعلام، الذي عكفت عليه الجماعة الصحافية منذ نحو عامين، بمشاركة أساتذة إعلام وخبراء قانون وإعلاميين قدامى، وهو قانون شامل لكافة القوانين المنظمة للإعلام والصحافة في مصر، بما في ذلك مواد حبس الصحافيين في قضايا النشر.

وصدر مشروع قانون "التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام"، من مجلس النواب المصري، على حين غفلة من أهله (نقابة الصحافيين والمجلس الأعلى للصحافة) فلم يحضر أي منهما اجتماعات مناقشة ولم تُتح لهما فرصة إبداء الملاحظات عليه.

ولم تُجدِ اعتراضات الصحافيين ولا مجلس النقابة الذي شارك في إعداد القانون الموحد حينها، وخرج القانون، وبناءً عليه تم تشكيل مجالس إدارات الهيئات الثلاثة التي تتولى السيطرة على الإعلام حاليًا، وهي المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام.
المساهمون