ودان البيان الذي وقّعه أكثر من 300 صحافي حتى الآن بشدة تصاعد الانتهاكات الخطيرة ضد رجال المهنة والتضييق الممنهج على الإعلام في القطاعين الخاص والحكومي وعلى الصحافة الإلكترونية، واعتقال بعض الصحافيين وإيداعهم السجن، ووضع آخرين تحت الرقابة القضائية ومنعهم من مغادرة التراب الوطني لأسباب مختلفة لها علاقة بمواقفهم المهنية ذات الصلة بالشأن العام، ووصف البيان هذه الإجرءات بأنها "شكل من أشكال الإخضاع والترهيب ضد الصحافيين".
واليوم الاثنين، قرّرت محكمة وادي سوف جنوبي الجزائر إرجاء محاكمة الصحافي عادل عازب الشيخ، والذي وجّهت إليه تهما تتعلق بنشاطه الصحافي ونشره فيديو حول احتجاج عاطلين عن العمل، حتى 25 ديسمبر/كانون الأول المقبل. كما يلاحق الصحافيان، بوعلام غمراسة وخالد بودية، في قضية نشر وثائق أمنية، ويتم التضييق على الصحافيين على غرار خالد درارني وسعيد بودور وغيرهم.
وانتقد البيان "الأساليب القمعية التي يتعرض لها الصحافيون والصحافيات في مؤسسات الإعلام العمومي والخاص، كمنعهم من تغطية الأحداث الهامة الجارية في البلاد والتي تعد انتهاكاً صريحاً لحرية التعبير في الجزائر"، على خلفية منع السلطات التلفزيون الحكومي وممارسة ضغوط على القنوات الإذاعية والقنوات المستقلة للامتناع عن تغطية مظاهرات الحراك الشعبي، وفي المقابل تغطية مظاهرات مقابلة مؤيدة للجيش.
وعبّر صحافيون يعملون في صحف وقنوات ومواقع إخبارية عن قلقهم من الأوضاع التي آلت إليها الصحافة في الوقت الراهن، وفي ظل "تزايد الضغوط والإكراهات فُرضت قيود على المؤسسات الصحافية وعُزل الصحافيون عن أداء واجبهم المهني وتقديم الخدمة العمومية، وفقاً للأعراف والمعايير المهنية وكراسة الأخلاقيات الصحافية".
وأوضح الصحافيون أن "الجزائر تعيش مخاضاً تاريخياً يتعين على الصحافة والصحافيين مواكبته بمهنية أكبر، والتي تشكل الحرية إحدى شروطها الأساسية، وتقديم خدمة وطنية تضمن حق المواطن في الإعلام الموضوعي، من دون أن تصبح "الصحافة ليست جريمة".
وأشهد موقّعو البيان من الصحافيين، الرأي العام، على "أننا نُمنعُ في وسائل إعلام عدة من القيام بعملنا وفق متطلبات أخلاقيات المهنة"، وطالبوا السلطة بالكف الفوري عن ممارسة الرقابة على الإعلام الحكومي والخاص والتعرض للحريات الإعلامية لضمان حق المواطن في الحصول على المعلومة بكل موضوعية وحيادية، والسماح للصحافيين بأداء مهمتهم بصفة مهنية ومتزنة.
وقبل أيام كانت إدارة الإذاعة الحكومية الثالثة في الجزائر قد علّقت عمل صحافيتين من قسم الأخبار وأوقفت بث برنامج، على خلفية تناول أخبار الحراك الشعبي والناشطين ومنح مساحة للرأي الآخر في نشرات الأخبار والبرامج السياسية.
ودعا البيان "كل المهنيين في وسائل الإعلام العمومية والخاصة إلى التضامن بينهم، للدفاع عن حريتهم وعن مهنتهم النبيلة التي تتعرض مرة أخرى إلى انتهاكات صارخة"، مشيرا إلى أن "ممارسة مهنة الصحافة بحرية وموضوعية هي إحدى ركائز المجتمعات الحديثة والمتوازنة، وهي ضرورة ملحة للبلاد والعباد".
وأعلن الصحافيون الجزائريون عزمهم على بدء خطوات جماعية يشارك فيها كل الصحافيين الملتزمين بالشأن المهني والقضايا الأساسية في العلاقة بالحريات الأساسية والحقوق الدستورية والديمقراطية، ودفاعاً عن المهنة، وإنكاراً للضغوط الممارسة على الصحافيين، "وفاءً لتضحيات الصحافيين والأقلام التي ناضلت ودفعت روحها ثمناً لحرية الصحافة، ندعو مؤسسات المجتمع المدني وكل الجزائريين الملتزمين باحترام الحقوق الأساسية والحريات والديمقراطية إلى دعم الصحافيين وإسنادهم لإنجاز هذا الهدف الوطني والديمقراطي".