حُرم إعلان "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة عن نهاية "داعش" في الباغوز، شرق سورية، من الوهج الإعلامي الذي رافق مسيرة التنظيم. فالإعلان مرّ عابراً، وسط شكوك واستفهامات حول حقيقة "انتهاء الخلافة" ومصير المقاتلين الأجانب وهروب "الخليفة".
وكان نجم التنظيم لمع إعلامياً، خلال السنوات القليلة الماضية، عن سابق تصوّر وتصميم، معتمداً على استراتيجية واضحة وخبراء وتقنيين عرب وأجانب، ومستفيداً من الانفتاح الذي وفرته له شبكة الإنترنت. ولم تتمكن أي مجموعة متطرفة في التاريخ من الوصول، بهذه السهولة، إلى الملايين حول العالم.
فمنذ إعلان أبو بكر البغدادي عن "الدولة الإسلامية في العراق والشام" في 8 إبريل/نيسان عام 2013 إلى حين إعلانه الخلافة من "جامع النوري" في العراق منتصف عام 2014، سار التنظيم في دورة لا يمكن إيقافها، مسيطراً على أكثر من 34 ألف ميل مربع في سورية والعراق، من ساحل البحر المتوسط إلى جنوب بغداد.
ووصلت حالة الصدمة التي خلفتها فيديوهات سفك الدماء أوجها، في نهاية أغسطس/آب عام 2014. لكن الولايات المتحدة قدرت أن "داعش" خسر 40 في المائة من إجمالي المساحة التي سيطر عليها، في أوائل عام 2016. والهزائم الميدانية هذه انعكست تراجعاً في الظهور الإعلامي على الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، ليسترد بعضاً من عافيته أخيراً في محاولة لـ "النجاة" عوضاً عن "التمدّد".
أبو بكر البغدادي (فرانس برس)
إدارة التوحش
اعتمد التنظيم على كتاب "إدارة التوحش" في إطلاق أيديولوجيته واستراتيجيته الإعلامية. وكان أبو بكر ناجي أصدر الكتاب بنسخة "بي دي أف" عام 2004، قبل تأسيس التنظيم بسنوات. ودعا الجهاديين حينها إلى تطوير قدراتهم الإعلامية لكشف "الهالة الإعلامية الكاذبة" للعدوّ، ونصحهم بالاطلاع على الإعلام الأميركي، لفهم كيفية محاكاته بالطريقة الفضلى.
وتفوّق التنظيم على "القاعدة" في إدراك أهمية البروباغندا الإعلامية في مراحل مبكرة، علماً أن نشر فيديوهات سفك الدماء وقطع الرؤوس كان إحدى النقاط الخلافية بين أيمن الظواهري وأبو مصعب الزرقاوي الذي يعدّ الأب الروحي لـ"داعش". وبرزت بعدما نشر موقع "منتدى الأنصار الإسلامي"، عام 2004، فيديو عنوانه "أبو مصعب الزرقاوي يذبح أميركياً" الذي وثّق إعدام رجل الأعمال نيك بيرغ.
الخلافة الافتراضية تتمدّد
قمّة صعود التنظيم إعلامياً كانت في 2014 و2015، أي عند تأسيسه رسمياً وإعلان انفصاله عن "القاعدة". حينها كانت معنويات أعضائه مرتفعة، والموارد المادية واللوجستية معززة، وخاصة بعد دخول مدينة الموصل العراقية.
وأسّس التنظيم حينها شبكة إعلامية متطورة تحت اسم "ديوان الإعلام المركزي"، إضافة إلى "النقاط الإعلامية". واستفاد من الانفتاح الذي وفرته شبكة الإنترنت لإصدار محتوى متنوع، ولم يعتمد في هذه المهمة فقط على أعضائه، بل استفاد من مؤيديه المنتشرين حول العالم، عبر خطاب شّدد على أن "الإعلام ركن أساسي في المعركة، فأنت جندي حقيقي حين تنشر عن إعلام الدولة، وهذه مهمة سهلة لكن عظيمة...".
وحقق نجاحاً بفضل إتقانه للأدوات الرقمية الحديثة. وعزّز من انتشاره، مستقطباً المزيد من العناصر عبر مجموعة متنوعة من المنصات، أبرزها "تويتر" و"فيسبوك" و"تيليغرام" و"شور سبوت" وJustPaste.it.
ووفقاً لتقرير صادر عن منظمة "كويليام فاونديشن" Quilliam Foundation، ومقرها لندن، في أكتوبر/تشرين الأول عام 2015، فإن "داعش" كان ينشر 38 محتوى جديداً يومياً، كمعدل وسطي، وتتراوح بين مقاطع فيديو يصل طولها إلى 20 دقيقة وأفلام وثائقية أطول ومقالات مصورة و"إنفو غرافيكس" ونشرات إذاعية بلغات عدّة بينها الإنكليزية والفرنسية والتركية والإيغور والبشتو.
وقد ركز المحتوى الإعلامي حينها على رغد العيش في ظل الشريعة والترويج للدولة الطوباوية، لتشجيع الأشخاص من حول العالم على الهجرة للعيش في كنف "الخلافة الإسلامية"، وتحول حينها شعار التنظيم من "الدولة الإسلامية باقية" إلى "الدولة الإسلامية باقية وتتمدّد".
خلال تلك الفترة نشر التنظيم رسائله عبر وكالاته الإخبارية، وأبرزها "أعماق" و"القرار" و"الفرقان"، و"الحياة" و"الأنجاد" و"أخبار المسلمين" و"الصوارم" و"الأنفال" و"موقع الحق"، إضافة إلى "دابق" و"الأنصار" و"روميه" التي تعدّ الإصدار الأساسي لـ "داعش" بـ 11 لغة.
كما أطلق تطبيقاً مخصصاً للصلاة للأطفال، وآخر لتعليم العربية.
أجرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، عام 2015، مقابلة مع أبو هاجر المغربي الذي عمل مصوّراً لدى "داعش"، قبل سجنه في المغرب. قال حينها إن فريق إعداد الفيديوهات يسيطر عليه الأجانب، وبينهم أميركي على الأقل. وأوضح أن المسؤولين الإعلاميين يعاملون كأمراء. وأفاد أبو هاجر المغربي بأن القائمين على الدعاية الإعلامية تلقوا مرتبات أعلى من المقاتلين بسبع مرات (700 دولار أميركي مقابل مائة دولار أميركي شهرياً)، وحصلوا على سيارات أفضل.
ومن أبرز الأمثلة على الفيديوهات ذات الجودة الهوليوودية التي نشرت الرعب حول العالم: فيديو حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، وفيديو وثّق إعدام 21 قبطياً مصرياً في ليبيا، وإعدام الصحافي جيمس فولي، وإعدام نحو 25 من جنود النظام السوري بأيدي أطفال في مدينة تدمر. كما حازت سلسلة فيديوهات أطلقها "مركز الحياة للإعلام" اهتماماً عالمياً، أبرزها "صليل الصوارم" و"لهيب الحرب إلى قيام الساعة" الذي يعدّ الأكثر وحشية في سجل التنظيم.
أطلق "مركز الحياة" سلسلة "لهيب الحرب إلى قيام الساعة"
الترنح الإعلامي
خلال الهزائم التي بدأ التنظيم يُمنى بها في 2016 و2017 تراجع حضوره الإعلامي. قتل أبرز مسؤوليه في هذا المجال، وبينهم المتحدث باسم التنظيم والقيادي البارز فيه أبو محمد العدناني الذي أعلن عن قيام "الدولة الإسلامية" عام 2014، وعلي موسى الشواخ (أبو لقمان)، وتركي البنعلي، وأبو محمد الفرقان الذي كان "وزير إعلام" التنظيم ومهندس معلوماته ومسؤولاً عن الفيديوهات عالية الجودة التي وثقت عمليات الإعدام الجماعية، وأحمد أبو سمرة (أبو سليمان الشامي) الذي كان مسؤولاً عن الأفلام الوثائقية وإخراج الفيديوهات وعن نشاط "داعش" على مواقع التواصل الاجتماعي. كما تراجعت موارده المالية في تلك الفترة، خاصة بعد سقوط الرقة والموصل حيث استقرّت مراكزه الإعلامية.
وشددت الشركات التكنولوجية العملاقة حملتها ضد تواجد التنظيم على مواقعها للتواصل الاجتماعي، خاضعة للضغوط الحكومية حول العالم، وخاصة "فيسبوك" و"يوتيوب" و"تويتر".
وانعكست مظاهر ترنح الدعاية الإعلامية انخفاضاً في إنتاج المحتوى الذي يتضمن المجلات والبيانات الإعلامية والنشرات الإذاعية والفيديوهات والصور من حيث الكمية والجودة، وتراجع الحضور على موقع "تويتر"، فضلاً عن سيطرة النبرة الدفاعية على إصدارات التنظيم، والتأخر في نشر البيانات الإعلامية وإعلان المسؤولية عن عمليات معينة، إضافة إلى سقطات في الترجمة من العربية إلى اللغات الأجنبية، ما لم يحصل سابقاً.
وأظهر تحليل أجراه موقع SITE أن المواقع الإلكترونية التابعة للتنظيم نشرت نحو 907 محتويات إعلامية متنوعة بين شهري نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول عام 2016، مقارنة بـ 211 منتجا خلال الفترة نفسها من عام 2017. كما أشار تحليل نشرته مدونة الأمن القومي Lawfare، في 7 يناير/ كانون الثاني عام 2018، إلى انخفاض بحوالي 90 في المائة من إجمالي المحتوى الإعلامي للتنظيم مقارنة بعام 2015.
أحمد أبو سمرة (أبو سليمان الشامي)
محاولات الإنعاش
مع بداية نهاية "داعش" في أواخر عام 2017 بدأت تلوح بعض مظاهر التحسن على ماكينته الإعلامية. إذ أعاد إصدار مجلة "النبأ" الأسبوعية، وأعادت "أعماق" نشر عددها بالإنكليزية في يناير/كانون الثاني عام 2018، بعد غيابها نحو خمسة أشهر. واستعاد بعضاً من نشاطه على منصة "تيليغرام". وتغير الخطاب الإعلامي من الدعوة إلى الهجرة إلى "الخلافة" إلى تشجيع المؤيدين على شنّ هجمات ضد "الكفار" في بلدانهم الأصلية، وخاصة عبر مجلة "روميه" التي قدمت دليلاً حول عمليات الدهس، أو دليل "عمليات الطعن الناجحة" في "الأنفال".
قدّم التنظيم دليلاً لعمليات الطعن والدهس
يذكر أن مجموعة "غوست داتا" Ghost Data المتخصصة في تحليل المعلومات أعلنت عن وجود ما يفوق الخمسين ألف حساب على "إنستغرام" تابع لمؤيدي "تنظيم داعش"، بعد حملة مواقع "فيسبوك" و"تويتر" و"يوتيوب" ضدهم، في ديسمبر/كانون الأول عام 2017. وأوضحت المجموعة أن المؤيدين يركزون على استخدام ميزة "القصص" Stories، في نشر الدعاية الإعلامية للتنظيم، علماً أنها تختفي بعد مرور أربع وعشرين ساعة على نشرها.
ووجد تقرير منفصل جمعه محللون يعملون في شؤون مكافحة الإرهاب أن أعضاء ومؤيدي تنظيم "داعش" في سورية ينتقلون بشكل متزايد نحو استعمال تطبيق "سناب تشات" في تجنيد أشخاص في الخارج والتواصل بينهم.
وفي أكتوبر/تشرين الأول من عام 2017، نشرت مجموعة إعلامية تابعة للتنظيم ملصقاً دعائياً ظهر فيه لاعب كرة القدم الأرجنتيني، ليونيل ميسي، وهددت باستهداف منافسات كأس العالم في روسيا. الملصق نشرته "مؤسسة وفا الإعلامية".
وكان نجم التنظيم لمع إعلامياً، خلال السنوات القليلة الماضية، عن سابق تصوّر وتصميم، معتمداً على استراتيجية واضحة وخبراء وتقنيين عرب وأجانب، ومستفيداً من الانفتاح الذي وفرته له شبكة الإنترنت. ولم تتمكن أي مجموعة متطرفة في التاريخ من الوصول، بهذه السهولة، إلى الملايين حول العالم.
فمنذ إعلان أبو بكر البغدادي عن "الدولة الإسلامية في العراق والشام" في 8 إبريل/نيسان عام 2013 إلى حين إعلانه الخلافة من "جامع النوري" في العراق منتصف عام 2014، سار التنظيم في دورة لا يمكن إيقافها، مسيطراً على أكثر من 34 ألف ميل مربع في سورية والعراق، من ساحل البحر المتوسط إلى جنوب بغداد.
ووصلت حالة الصدمة التي خلفتها فيديوهات سفك الدماء أوجها، في نهاية أغسطس/آب عام 2014. لكن الولايات المتحدة قدرت أن "داعش" خسر 40 في المائة من إجمالي المساحة التي سيطر عليها، في أوائل عام 2016. والهزائم الميدانية هذه انعكست تراجعاً في الظهور الإعلامي على الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، ليسترد بعضاً من عافيته أخيراً في محاولة لـ "النجاة" عوضاً عن "التمدّد".
أبو بكر البغدادي (فرانس برس)
إدارة التوحش
اعتمد التنظيم على كتاب "إدارة التوحش" في إطلاق أيديولوجيته واستراتيجيته الإعلامية. وكان أبو بكر ناجي أصدر الكتاب بنسخة "بي دي أف" عام 2004، قبل تأسيس التنظيم بسنوات. ودعا الجهاديين حينها إلى تطوير قدراتهم الإعلامية لكشف "الهالة الإعلامية الكاذبة" للعدوّ، ونصحهم بالاطلاع على الإعلام الأميركي، لفهم كيفية محاكاته بالطريقة الفضلى.
وتفوّق التنظيم على "القاعدة" في إدراك أهمية البروباغندا الإعلامية في مراحل مبكرة، علماً أن نشر فيديوهات سفك الدماء وقطع الرؤوس كان إحدى النقاط الخلافية بين أيمن الظواهري وأبو مصعب الزرقاوي الذي يعدّ الأب الروحي لـ"داعش". وبرزت بعدما نشر موقع "منتدى الأنصار الإسلامي"، عام 2004، فيديو عنوانه "أبو مصعب الزرقاوي يذبح أميركياً" الذي وثّق إعدام رجل الأعمال نيك بيرغ.
الخلافة الافتراضية تتمدّد
قمّة صعود التنظيم إعلامياً كانت في 2014 و2015، أي عند تأسيسه رسمياً وإعلان انفصاله عن "القاعدة". حينها كانت معنويات أعضائه مرتفعة، والموارد المادية واللوجستية معززة، وخاصة بعد دخول مدينة الموصل العراقية.
وأسّس التنظيم حينها شبكة إعلامية متطورة تحت اسم "ديوان الإعلام المركزي"، إضافة إلى "النقاط الإعلامية". واستفاد من الانفتاح الذي وفرته شبكة الإنترنت لإصدار محتوى متنوع، ولم يعتمد في هذه المهمة فقط على أعضائه، بل استفاد من مؤيديه المنتشرين حول العالم، عبر خطاب شّدد على أن "الإعلام ركن أساسي في المعركة، فأنت جندي حقيقي حين تنشر عن إعلام الدولة، وهذه مهمة سهلة لكن عظيمة...".
وحقق نجاحاً بفضل إتقانه للأدوات الرقمية الحديثة. وعزّز من انتشاره، مستقطباً المزيد من العناصر عبر مجموعة متنوعة من المنصات، أبرزها "تويتر" و"فيسبوك" و"تيليغرام" و"شور سبوت" وJustPaste.it.
ووفقاً لتقرير صادر عن منظمة "كويليام فاونديشن" Quilliam Foundation، ومقرها لندن، في أكتوبر/تشرين الأول عام 2015، فإن "داعش" كان ينشر 38 محتوى جديداً يومياً، كمعدل وسطي، وتتراوح بين مقاطع فيديو يصل طولها إلى 20 دقيقة وأفلام وثائقية أطول ومقالات مصورة و"إنفو غرافيكس" ونشرات إذاعية بلغات عدّة بينها الإنكليزية والفرنسية والتركية والإيغور والبشتو.
وقد ركز المحتوى الإعلامي حينها على رغد العيش في ظل الشريعة والترويج للدولة الطوباوية، لتشجيع الأشخاص من حول العالم على الهجرة للعيش في كنف "الخلافة الإسلامية"، وتحول حينها شعار التنظيم من "الدولة الإسلامية باقية" إلى "الدولة الإسلامية باقية وتتمدّد".
خلال تلك الفترة نشر التنظيم رسائله عبر وكالاته الإخبارية، وأبرزها "أعماق" و"القرار" و"الفرقان"، و"الحياة" و"الأنجاد" و"أخبار المسلمين" و"الصوارم" و"الأنفال" و"موقع الحق"، إضافة إلى "دابق" و"الأنصار" و"روميه" التي تعدّ الإصدار الأساسي لـ "داعش" بـ 11 لغة.
كما أطلق تطبيقاً مخصصاً للصلاة للأطفال، وآخر لتعليم العربية.
أبو محمد العدناني على غلاف العدد الأول من "روميه" بعد مقتله عام 2016 (سايت/تويتر)
أمراء الكاميرا
شكلت الفيديوهات ذات الجودة العالية إحدى ركائز القوة الإعلامية لـ "داعش". إذ ركزت على انتصاراته، وقللت من شأن الهزائم، ثم انتقلت إلى بثّ الرعب حول العالم، في استراتيجية بدا أنها جذبت مزيداً من الأشخاص إلى التنظيم، مما دفعه إلى الاستثمار فيها.
أجرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، عام 2015، مقابلة مع أبو هاجر المغربي الذي عمل مصوّراً لدى "داعش"، قبل سجنه في المغرب. قال حينها إن فريق إعداد الفيديوهات يسيطر عليه الأجانب، وبينهم أميركي على الأقل. وأوضح أن المسؤولين الإعلاميين يعاملون كأمراء. وأفاد أبو هاجر المغربي بأن القائمين على الدعاية الإعلامية تلقوا مرتبات أعلى من المقاتلين بسبع مرات (700 دولار أميركي مقابل مائة دولار أميركي شهرياً)، وحصلوا على سيارات أفضل.
ومن أبرز الأمثلة على الفيديوهات ذات الجودة الهوليوودية التي نشرت الرعب حول العالم: فيديو حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، وفيديو وثّق إعدام 21 قبطياً مصرياً في ليبيا، وإعدام الصحافي جيمس فولي، وإعدام نحو 25 من جنود النظام السوري بأيدي أطفال في مدينة تدمر. كما حازت سلسلة فيديوهات أطلقها "مركز الحياة للإعلام" اهتماماً عالمياً، أبرزها "صليل الصوارم" و"لهيب الحرب إلى قيام الساعة" الذي يعدّ الأكثر وحشية في سجل التنظيم.
أطلق "مركز الحياة" سلسلة "لهيب الحرب إلى قيام الساعة"
الترنح الإعلامي
خلال الهزائم التي بدأ التنظيم يُمنى بها في 2016 و2017 تراجع حضوره الإعلامي. قتل أبرز مسؤوليه في هذا المجال، وبينهم المتحدث باسم التنظيم والقيادي البارز فيه أبو محمد العدناني الذي أعلن عن قيام "الدولة الإسلامية" عام 2014، وعلي موسى الشواخ (أبو لقمان)، وتركي البنعلي، وأبو محمد الفرقان الذي كان "وزير إعلام" التنظيم ومهندس معلوماته ومسؤولاً عن الفيديوهات عالية الجودة التي وثقت عمليات الإعدام الجماعية، وأحمد أبو سمرة (أبو سليمان الشامي) الذي كان مسؤولاً عن الأفلام الوثائقية وإخراج الفيديوهات وعن نشاط "داعش" على مواقع التواصل الاجتماعي. كما تراجعت موارده المالية في تلك الفترة، خاصة بعد سقوط الرقة والموصل حيث استقرّت مراكزه الإعلامية.
وشددت الشركات التكنولوجية العملاقة حملتها ضد تواجد التنظيم على مواقعها للتواصل الاجتماعي، خاضعة للضغوط الحكومية حول العالم، وخاصة "فيسبوك" و"يوتيوب" و"تويتر".
وانعكست مظاهر ترنح الدعاية الإعلامية انخفاضاً في إنتاج المحتوى الذي يتضمن المجلات والبيانات الإعلامية والنشرات الإذاعية والفيديوهات والصور من حيث الكمية والجودة، وتراجع الحضور على موقع "تويتر"، فضلاً عن سيطرة النبرة الدفاعية على إصدارات التنظيم، والتأخر في نشر البيانات الإعلامية وإعلان المسؤولية عن عمليات معينة، إضافة إلى سقطات في الترجمة من العربية إلى اللغات الأجنبية، ما لم يحصل سابقاً.
وأظهر تحليل أجراه موقع SITE أن المواقع الإلكترونية التابعة للتنظيم نشرت نحو 907 محتويات إعلامية متنوعة بين شهري نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول عام 2016، مقارنة بـ 211 منتجا خلال الفترة نفسها من عام 2017. كما أشار تحليل نشرته مدونة الأمن القومي Lawfare، في 7 يناير/ كانون الثاني عام 2018، إلى انخفاض بحوالي 90 في المائة من إجمالي المحتوى الإعلامي للتنظيم مقارنة بعام 2015.
أحمد أبو سمرة (أبو سليمان الشامي)
محاولات الإنعاش
مع بداية نهاية "داعش" في أواخر عام 2017 بدأت تلوح بعض مظاهر التحسن على ماكينته الإعلامية. إذ أعاد إصدار مجلة "النبأ" الأسبوعية، وأعادت "أعماق" نشر عددها بالإنكليزية في يناير/كانون الثاني عام 2018، بعد غيابها نحو خمسة أشهر. واستعاد بعضاً من نشاطه على منصة "تيليغرام". وتغير الخطاب الإعلامي من الدعوة إلى الهجرة إلى "الخلافة" إلى تشجيع المؤيدين على شنّ هجمات ضد "الكفار" في بلدانهم الأصلية، وخاصة عبر مجلة "روميه" التي قدمت دليلاً حول عمليات الدهس، أو دليل "عمليات الطعن الناجحة" في "الأنفال".
قدّم التنظيم دليلاً لعمليات الطعن والدهس
يذكر أن مجموعة "غوست داتا" Ghost Data المتخصصة في تحليل المعلومات أعلنت عن وجود ما يفوق الخمسين ألف حساب على "إنستغرام" تابع لمؤيدي "تنظيم داعش"، بعد حملة مواقع "فيسبوك" و"تويتر" و"يوتيوب" ضدهم، في ديسمبر/كانون الأول عام 2017. وأوضحت المجموعة أن المؤيدين يركزون على استخدام ميزة "القصص" Stories، في نشر الدعاية الإعلامية للتنظيم، علماً أنها تختفي بعد مرور أربع وعشرين ساعة على نشرها.
ووجد تقرير منفصل جمعه محللون يعملون في شؤون مكافحة الإرهاب أن أعضاء ومؤيدي تنظيم "داعش" في سورية ينتقلون بشكل متزايد نحو استعمال تطبيق "سناب تشات" في تجنيد أشخاص في الخارج والتواصل بينهم.
وفي أكتوبر/تشرين الأول من عام 2017، نشرت مجموعة إعلامية تابعة للتنظيم ملصقاً دعائياً ظهر فيه لاعب كرة القدم الأرجنتيني، ليونيل ميسي، وهددت باستهداف منافسات كأس العالم في روسيا. الملصق نشرته "مؤسسة وفا الإعلامية".
هدد التنظيم باستهداف فعاليات كأس العالم لكرة القدم التي أقيمت في روسيا خلال الصيف الماضي