ترامب وجذوره... بين الإعلام ومواقع التواصل

26 يوليو 2018
قاد ترامب حملةً ضدّ أوباما بسبب جذوره(نيكولاس كامّ/فرانس برس)
+ الخط -
بعد الضغط الإعلامي والهجوم على الرئيس الأميركي دونالد ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي، عقب إصداره لقرار فصل أطفال المهاجرين عن ذويهم، في حال تم إلقاء القبض عليهم وهم يحاولون دخول البلاد بطريقة غير شرعية، تراجع عن قراره إثر قرارات قضائية منعت فصل العائلات. وهذا ما جعل الأمل ينبض من جديد بمحاولات جديدة لجعل ترامب يتراجع عن قرار حظر سفر مواطني خمس دول ذات أغلبية مسلمة إلى أميركا، بينها سورية. 

قد يكون ذلك هو السبب الذي دفع العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي لإعادة نشر فيديو، كان قد نشره مستخدمون لموقع "ريديت" الأميركي (شبكة تواصل اجتماعي) في اليوم الأول من إبريل/ نيسان الماضي، حيث لفق الفيديو بعض الوثائق المزورة التي ادعى أن مصدرها هو "وكالة الأخبار الأميركية cnn" (علماً أنها شبكة تلفزيونية لها مواقع إخبارية) التي تفيد بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ينحدر من أصول عربية، وفق تحاليل "dna" الخاصة بها. ووفقاً لبعض المعلومات المسربة من مكتب إدارة الهجرة، وأن أجداده هم من المهاجرين الأوائل الوافدين من سورية، وأن جده الأكبر من عائلة "الطيباوي"، وقام بتعديلها في السجلات إلى "ترامب" لصعوبة لفظها بالإنكليزية، ولطمس أصله العربي. لكنّ الفيديو كان مجرد كذبة أول نيسان أطلقها مستخدمون على الموقع.

لكنّ الأمر لم يتوقف هناك، فمنذ أيام، أصبح الفيديو من أشهر التريندات بين المستخدمين السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ نشر الآلاف الفيديو مع تعليقات، آملين فيها أن تكون تلك الوثائق وسيلة للضغط على الرئيس ترامب لرفع حظر السفر عن السوريين، والبعض طالب بدخول أميركا بدون فيزا كحق طبيعي باعتبار رئيسها سورياً، وآخرون اهتموا بكشف جذور عائلة "الطيباوي" ومن أي محافظة سورية يعود أصل ترامب. وتعامل العديد من رواد التواصل الاحتماعي بجدية مع المعلومات الواردة في الفيديو، وجاء ذلك بعد نشر العديد من الفيديوهات المصورة المأخوذة عن قنوات إخبارية عربية تؤكد الخبر ووصفه بـ"الفضيحة".

وبعيداً عن طرافة الفيديو والتفاعل الحاصل عليه، لكنه يحتوي على جانب من الحقيقة تفضح التناقض في القرارات الأميركية، فدونالد ترامب مثله كمثل باقي الأميركيين، هو بالأصل مهاجر. وتعود جذوره إلى أوروبا، وتحديداً إلى ألمانيا، حيث ينتمي جد الرئيس ترامب إلى قرية تدعى "كالشتات"، وسلط الإعلام الضوء على تلك القرية منذ أن أعلن ترامب نيته للترشح للرئاسة، وصورت فيها العديد من الأفلام الوثائيقة التي تتناول حياة الملياردير ترامب، حتى قبل البدء بالترويج لحملته الانتخابية، وأشهرها: "ملوك كالشتات" الذي تم عرضه في عام 2014.



وركّز الإعلام الغربي على هذه الحقيقة في الأيام الماضية أيضاً، خصوصاً بعدما قال ترامب في مقابلة هدد فيها بفرض تعريفات جمركية على الدول الأوروبية التي تتعامل مع إيران، إنّ أباه ولد في ألمانيا، وهو مخالفٌ للحقيقة.

ووصف في المقابلة الاتحاد الأوروبي بأنه ربما سيئ مثل الصين، لكنه أصغر. ثم أضاف تفاصيل شخصية، قائلاً "إنّ ذلك كان قبل سنين طويلة، والديّ ولدا في الاتحاد الأوروبي، أحب هذه البلدان، ألمانيا واسكتلندا". وشدد على أنه لا ينسى أبداً أن والديه ولدا في الاتحاد الأوروبي، وأن أمه كانت اسكتلندية، ووالده كان ألمانياً.

لكن في الواقع فإن والدة ترامب، ماري ماكلود، ولدت في اسكتلندا، في جزيرة لويس، لكن والده فريد ترامب ولد في مدينة نيويورك في الولايات المتحدة وليس ألمانيا، بحسب ما نقلته صحيفة "ذا غارديان". وكان والده قد بدأ بالأعمال التجارية الخاصة بعائلته في سن المراهقة، وبدوره مررها لابنه دونالد ترامب. أما والد فريد فهو فريدريك ترامب، فقد ولد في ألمانيا، في قرية تدعى كالشتات، وكان عمره 16 عاماً عندما هاجر إلى أميركا وعمل كحلاق في مانهاتن.

وعاش الجد في ولاية واشنطن لفترة من الوقت، وفي يوكون، وفي كندا حيث كان يبيع لحم الخيول وغيرها من الخدمات للمنقبين عن الذهب. وعاد فريدريك إلى ألمانيا لكنه طُرد لأنه تخلّف عن الخدمة العسكرية.

ومن المفارقات أيضاً أنّ ترامب كان يقود حركة "birther" التي تقول بأن باراك أوباما ولد في كينيا، وبالتالي لا يمكنه أن يكون رئيساً للولايات المتحدة، وذلك لم يكن حقيقة، وحتى وإن كان فإن جد ترامب أيضاً قد ولد خارج أميركا.