"تي آر تي" بحُلّة جديدة: الموضوعية مُحرّك أساسي

09 يناير 2019
داخل استديوهات تي آر تي التركية (مصطفى أوزير/فرانس برس)
+ الخط -
انطلقت قناة "تي آر تي" عربي، بحلة جديدة، يوم الإثنين الماضي، متضمنةً، بحسب مصادر خاصة في القناة، برامج إخبارية وأفلاما وثائقية تتعلق بالمنطقة العربية، والساخنة منها التي تشهد صراعات، بشكل خاص. 
وتستهدف القناة، التي انطلقت في نيسان/إبريل من عام 2010 وغيّرت سياستها الإعلامية بالتزامن مع انطلاقتها الجديدة، 350 مليون نسمة، عبر "التواجد" ميدانياً في مناطق الحدث، إذ استحدثت "تي آر تي" مكاتب في القدس وبغداد وطهران وبيروت وعمّان والقاهرة ولندن وموسكو وواشنطن.

وبحسب مصادر "العربي الجديد"، آثر مدير القناة الجديد، رسول سردار آتاش، استقدام وجوه وخبرات إعلامية معروفة من 21 دولة عربية ومن تلفزيونات عربية ودولية، مثل "بي بي سي" و"الجزيرة" وغيرها، فضلاً عن تأهيل الكادر بما تقتضيه الانطلاقة الجديدة التي حولت "تي آر تي" من محطة عامة أو عائلية منوعة، إلى قناة إخبارية على مدى عشرين ساعة يومياً.

ويقول مدير الأخبار والبرامج الإخبارية في قناة "تي آر تي"، هاني الكنيسي، لـ"العربي الجديد": "لقد غيّرنا طابع وهوية القناة، من عامة تبث دراما وترفيهاً، إلى قناة إخبارية، وهذا هو التحدي الأهم أمامنا، لأن الفضاء مليء بالقنوات الإخبارية، لكننا نتسلح بميزة قلّما يمتلكها سوانا، وهي عدم وجود محاذير في التعاطي الإعلامي، وعدم الانتماء لطرف أو التحيّز لأي قضية، محركنا هو الموضوعية والمهنية وما يهم المتلقي، وهذه نقطة قوة ستمكّن كادرنا من العمل بحرية ودونما قيود وتحسّب وخوف".
ويشير الكنيسي إلى أن "المرحلة الجديدة تتضمن عشرين ساعة بث، تتخللها على رأس كل ساعة، نشرة إخبارية أو موجز أو برنامج إخباري. بمعنى أن القناة إخبارية بامتياز، وتوازي القنوات المتخصصة كالجزيرة والعربية"، لافتاً إلى أن "الفترة المقبلة ستركز أكثر على الأخبار وتتضمن برامج صباحية".
وحول أثر سياسة تركيا ومصالح أنقرة على سياسة القناة العامة وخطها التحريري، يجيب مدير الأخبار الكنيسي: "سنحافظ على العمل المهني والموضوعي من دون أي تحيّز أو الانصياع إلى توجيهات من أحد، وسنعمل على أن ينسى الكادر والمتلقي، السياسات السابقة للقناة، حيث كانت "تي آر تي"، وعلى مدى سبعة أعوام، قناة تركية، في حين أنها اليوم وبعد الانطلاقة الجديدة هي قناة عربية تنطلق من تركيا، وهذا فارق كبير".
و"لكنّ تركيا هي من تموّل، وبالنتيجة "تي آر تي" قناة تركية، ولابد أن تدور في فلك تركيا ونشر سياستها وأهدافها"، يردّ الكنيسي بالقول: "أولاً القناة ليست حكومية، بل هي تموّل من دافعي الضرائب، هي تماما كما "بي بي سي". ووضعنا خطة وسياسة تحريرية تلبي ذوق وحاجة الجمهور. وأما وجودنا وبثّنا من تركيا، فهذا عامل إيجابي ومساعد لتحقيق أهدافنا، لأن تركيا عامل مؤثر وتدخل في معظم القضايا العربية، من العراق فسورية فقطر وغيرها، كما أن تركيا دولة كبيرة وذات وزن اقتصادي وثقل سياسي، وبثّنا منها سيؤمّن لنا خصوصية، لجهة المصادر والضيوف، يفتقدها سوانا".

ويغلب على بث قناة "تي آر تي" في انطلاقتها الجديدة، الأخبار والبرامج والمواجز، كما يقول لـ"العربي الجديد" منتج البرامج في القناة، أشرف البلقيني. فهناك برنامج أسبوعي اسمه "على موعد" يبث يوم الأربعاء، وهو لقاء خاص مع رؤساء دول وحكومات ومفكرين وعلماء، يتناول عبر نصف ساعة تلفزيونية، لقاءات حصرية مع "القادة" حول الأحداث الجارية أو القضايا العالمية.
ويضيف البلقيني: "يوجد برنامجان إخباريان يومياً، هما "المشهد" و"لنا وقفة"؛ الأول أشبه بحصاد إخباري، والثاني "لنا وقفة" هو عبارة عن مائدة حوارية حول القضايا الساخنة، يستضيف ثلاثة ضيوف بآراء متنوعة، ليقدم للمتلقي وجهات النظر بطابع تحليلي استشرافي".
ويلفت البلقيني إلى أنه لا يوجد مقدم واحد دائم للبرامج، بل سيتم تبديل المقدمين للبرامج، والتي سيكون منها برامج ثقافية فنية، كبرنامج "موزاييك" الأسبوعي، كاشفاً لـ"العربي الجديد" أن انطلاقة الإثنين هي أولية، وستكون الانطلاقة الثانية خلال شهر رمضان المقبل، بالتوازي مع الانتقال إلى المبنى الجديد واستكمال شبكة المراسلين وافتتاح مكاتب جديدة، إضافةً إلى برامج أخرى، مثل البرنامج الصباحي.

ويرى المحلل التركي سمير صالحة، أن وجود قناة تركية متطورة ناطقة بالعربية، بات ضرورة قصوى بالنسبة لتركيا، وذلك، برأيه، لاعتبارات كثيرة، منها وجود قنوات تحظى بمشاهدات كبيرة مثل "بي بي سي" و"فرانس 24" و"الحرة" و"روسيا اليوم"، في حين كانت "تي آر تي" تركية وتستهدف المتلقي التركي أكثر من العربي، رغم أنها ناطقة بالعربية، كما أن دور تركيا المتعاظم في المنطقة العربية، سواء لجهة السياسة أو الاقتصاد، يتطلب وجود قناة إخبارية تسوّق الرأي التركي دونما تحيّز وتنقل تركيا وأجواءها للعالم العربي بحرفية ومهنية.
ويشير صالحة لـ"العربي الجديد" إلى ضرورة وجود قناة منافسة تواجه ما يبث ويقال عن تركيا، بشكل مشوّه وموجّه، طبعاً بالإضافة إلى وجود إعلام رقمي، بحيث لا يقل أهمية عن القناة التي انطلقت من جديد.

وتأسست القناة الرسمية التركية الناطقة باللغة العربية (TRT Arapça) عام 2010، ومن ثم في عام 2011 تم تأسيس القسم العربي بوكالة الأناضول الرسمية التركية. ولاحقاً تأسست العديد من المواقع الإخبارية الإلكترونية الناطقة بالعربية، ومنها التابعة لصحف تركية كبيرة مثل (يني شفق، ديلي صباح، زمان)، ومنها مواقع خاصة (مثل ترك برس، تركيا بوست، تركيا الآن).
المساهمون