صنّاع صورة السعودية: ذباب إلكتروني وجاسوس داخل "تويتر"

21 أكتوبر 2018
قُتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية (وِن مكنامي/Getty)
+ الخط -

نشرت المملكة العربية السعودية جيشاً إلكترونياً مهمته استهداف الصحافي الذي قُتل داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، جمال خاشقجي، وغيره من منتقديها على موقع "تويتر"، كما جندت جاسوساً داخل شركة "تويتر".

وأوضحت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن مهاجمي خاشقجي على شبكة الإنترنت جزء من جهود واسعة بذلها ولي العهد، محمد بن سلمان، ومستشاروه المقربون لإسكات المنتقدين داخل المملكة وخارجها. وعمل مئات الأشخاص في "لجنة إلكترونية" مقرها العاصمة الرياض، لتأليب الرأي العام ضد المعارضين.

وكشفت "نيويورك تايمز" أن الحملة ضمت أيضاً جاسوساً داخل شركة "تويتر" جندته المملكة العربية السعودية في مراقبة حسابات المستخدمين.


واعتمدت الصحيفة في تحقيقها، المنشور أمس السبت، على مقابلات مع 7 أشخاص شاركوا في صنع صورة المملكة على شبكة الإنترنت، ناشطين وخبراء، مسؤولين سعوديين وأميركيين، إضافة إلى مستندات اطلعت عليها وتوثق عمل "اللجنة الإلكترونية".

وتحرك المشغلون لمضايقة النقّاد على "تويتر"، وهي منصة شائعة جداً للأخبار في المملكة منذ بدء انتفاضات الربيع العربي. وسعود القحطاني، أحد كبار مستشاري ولي العهد الذي أعفي من مهامه يوم السبت في تداعيات قتل خاشقجي، كان الخبير الاستراتيجي وراء العملية والمسؤول عن "الذباب الإلكتروني"، وفق ما نقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين وسعوديين ومنظمات.

وركز مئات المشغلين، من الرياض، على متناولي المواضيع الحساسة، مثل الحرب في اليمن وحقوق النساء. وعمدوا إلى تهديد المنتقدين وترهيبهم، عبر منصات "واتساب" و"تيليغرام"، فضلاً عن نشر الرسائل الموالية للحكومة السعودية على "تويتر".

وأشار الخبراء إلى أنهم وجدوا إعلانات على "تويتر" يفتش أصحابها عن أشخاص مستعدين للتغريد مقابل نحو 10 آلاف ريال سعودي شهرياً (نحو 3 آلاف دولار أميركي).


وكشفت "نيويورك تايمز" أن شركة "تويتر" اكتشفت مؤامرة محتملة للتسلل إلى حسابات المستخدمين نهاية عام 2015، عندما أخبرها مسؤولو الاستخبارات الغربية أن السعوديين كانوا يقومون بتهيئة موظف، وهو علي آل زبارة، للتجسس على المعارضين وغيرهم، وفقاً لـ 5 مصادر مطلعة طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم.

وأفادت "نيويورك تايمز" أن علي آل زبارة انضم إلى "تويتر"، عام 2013، ورقي لاحقاً إلى منصب قائد تقني، ما أتاح له الوصول إلى المعلومات الشخصية ونشاطات المستخدمين على "تويتر"، وبينها أرقام الهواتف الخاصة وعناوين "آي بي" ومعرّفات فريدة للأجهزة المتصلة بالإنترنت.

وقد استجوب المسؤولون التنفيذيون، بناء على معلوماتهم الاستخباراتية، علي آل زبارة، وأجروا تحقيقاً لتحديد المعلومات التي وصل إليها. لم يتمكنوا من العثور على دليل على أنه سلم بيانات "تويتر" إلى الحكومة السعودية، لكنهم طردوه في ديسمبر/كانون الأول عام 2015.

عاد آل زبارة إلى المملكة العربية السعودية بعد فترة قصيرة، ويعمل حالياً مع الحكومة السعودية، وفق ما أفاد مصدر مطلع لـ "نيويورك تايمز".


تجدر الإشارة إلى أن شركة "تويتر" أرسلت إشعارات السلامة إلى مالكي عشرات الحسابات التي وصل إليها آل زبارة، في 11 ديسمبر/كانون الأول عام 2015. وكان بينهم باحثون في الأمن والخصوصية، وأخصائيون في المراقبة، وأكاديميون يعملون في الشأن السياسي، وصحافيون. عمل عدد منهم في مشروع "تور"، وهي منظمة تدرب الناشطين والصحافيين على كيفية حماية خصوصيتهم والتحايل على المراقبة الحكومية.

يذكر أن موقع "تويتر" أوقف، قبل يومين، شبكة تضمّ عدداً كبيراً من الروبوتات الإلكترونية  التي تدافع عن المملكة العربية السعودية في قضية قتل الصحافي جمال خاشقجي.

وكانت شبكة "إن بي سي" الأميركية قد قدمت لـ "تويتر" دلائل علمية جمعها الباحث جوش راسل، تشير إلى استخدام السعودية لهذه الحسابات الوهمية التي كانت تقوم بنشر مئات التغريدات الدعائية للسعودية، في قضية خاشقجي.

وقبل قتله في القنصلية السعودية في إسطنبول، عمل خاشقجي مع المعارض السعودي المقيم في كندا، عمر عبد العزيز، على مبادرة "النحل" The bees التي تهدف إلى تأسيس "جيش إلكتروني داخل المملكة العربية السعودية يتصدى للمتصيدين الموالين للحكومة على شبكة الإنترنت"، وفق ما أقاد عبد العزيز نفسه في مقابلة أخيرة مع صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.

 

المساهمون