خطة السيسي لتوحيد الخطاب الإعلامي وراء اضطراب أحدث قنواته

07 فبراير 2018
مشاكل جديدة في صفقة "الحياة" (جيانلويجي غويرسيا/فرانس برس)
+ الخط -
تواصلت التقلّبات في سوق الإعلام المصري الموالي لنظام رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي خلال الأيام الماضية، بتداول معلومات متضاربة حول خروج بعض الصناديق الاستثمارية التابعة لجهات أمنية من السوق، لحساب صناديق أخرى جديدة تابعة لجهات سيادية. وبلغت تلك التقلبات ذروتها إثر تضارب البيانات الرسمية مساء أمس الأول حول مصير صفقة بيع شبكة قنوات "الحياة" التي كان يملكها رجل الأعمال ورئيس حزب الوفد السيد البدوي، وأصبحت أحدث شبكة تسيطر عليها السلطة. 

ففي البداية تم تسريب خبر عبر مواقع إلكترونية موالية للنظام، تفيد بأن شركة "تواصل" التي أعلنت قبل بضعة أشهر استحواذها على الشبكة، ستعيدها إلى البدوي، بسبب عجزها عن سداد المستحقات المتأخرة عليها بتاريخ 10 فبراير/ شباط الجاري، وأنها طالبت البدوي بإعطائها مهلة 3 أشهر لسداد باقي المبلغ، فرفض البدوي. وبعد ذلك بنحو 6 ساعات أصدر البدوي نفسه بياناً ينفي فيه بشكل قاطع أي تعطيل للصفقة وأنها سارية في طريقها، ثم حذفت بعض المواقع الخبر الأول.

وكشفت مصادر إعلامية وحكومية مطلعة لـ"العربي الجديد" أنّ السبب الرئيسي وراء هذا التضارب هو صدور تعليمات من مكتب السيسي بإبعاد وزارة الداخلية تماماً عن عملية تمويل الصفقة، وإسنادها بالكامل للمخابرات العامة تحت إشراف اللواء عباس كامل، مدير مكتب السيسي والقائم بأعمال مدير الجهاز، مع الحفاظ على نفس "الهيكل الإداري" برئاسة ضابط المخابرات السابق ياسر سليم وضابط الأمن السابق شريف خالد.

وأكدت المصادر أن ما يحدث في الكواليس هو "إعادة صياغة لشروط وتمويل الصفقة" كجزء من خطة توحيد الخطاب الإعلامي للسلطة، والتي اجتمع في إطارها عباس كامل منذ أيام بعدد من ضباط المخابرات الحربية والعامة المختصين بالتواصل مع الإعلام. وأكد ضرورة العمل على تلاشي التناقض بين الخطاب الرسمي وتناول الإعلام الموالي للسلطة له في بعض المناسبات.



وأوضحت المصادر أنّ شركة "فالكون للأمن والحراسات" التي يرأسها شريف خالد، ما زالت تملك شركتي "تواصل" و"هوم ميديا" حيث تسيطر على الأولى وزارة الداخلية، بينما تسيطر على الثانية لجنة مشتركة من المخابرات العامة والحربية، مالياً وإدارياً. وفي البداية كان من المقرر أن تملك شركة "تواصل" قنوات "الحياة"، بحيث يتم تمويل الصفقة بأموال وزارة الداخلية التي بدأت بالفعل بنفسها الاتفاق مع الإعلاميين والإداريين المتخصصين لتسيير الشبكة.

إلا أنّ خطة توحيد الخطاب الإعلامي التي تمت بلورتها في الأسابيع الماضية بناءً على تعليمات السيسي، جاءت لتشمل إبعاد الداخلية عن هذا المجال، تلافياً لمزيد من التضارب المعلوماتي، مما دفع شركة "فالكون" لإعادة ترتيب الصفقة داخلياً، وإسنادها لشركة "هوم ميديا" التي تدير بالفعل إذاعة "دي آر إن" المحلية، وستضاف إليها شبكة "الحياة".

وكشفت المصادر أيضاً وجود مشكلة ستتطلب إعادة صياغة شروط التعاقد مع البدوي تتمثل في ضخامة المديونية المطلوبة على القناة والتي تصل إلى نحو مليار و250 مليون جنيه (الدولار يساوي حوالى 18 جنيها)، من المقرر أن تسددها جهة الإدارة الجديدة لحساب جهات دائنة مختلفة داخل وخارج مصر.

يُذكر أنّ تغيير إدارات وسائل الإعلام القريبة من المخابرات، سواء التابعة لمجموعة "إيغل كابيتال" أو "فالكون"، لم يكن لها صلة على الإطلاق بما حدث على مستوى الخسائر المالية والمشاكل الإدارية، لأنّ المجموعتين ليستا تابعتين إدارياً للمخابرات بالمعنى الرأسي، ولكن تساهم في إدارتهما جهات رسمية أخرى على رأسها الجيش، فضلاً عن رجال أعمال محل ثقة. لكن التغيير كشف للسيسي أيضاً وجود مشاكل على المستوى التوجيهي، يتمثل في عدم السيطرة على المعلومات والتوجيهات الصادرة من الجهاز لوسائل الإعلام التابعة للمجموعتين.
المساهمون