يبدو جلياً أن العدوان الإسرائيلي على غزة يهدف إلى إزالة القطاع عن خريطة الحياة، وإبادة أهله الذين يعيشون في بؤس متجذر منذ عقود، وقد دمّرت كميات البارود التي لا حدود لها، والتي ألقيت من مختلف أنواع الأسلحة، معظم مساجد غزة.
يلخص الركام المشاهد في مواقع المساجد بغزة. صحيح أن غالبية المساجد تكاد تختفي بالكامل ولم يتبق منها إلا ربما حروف مكتوبة على بقايا جدران، لكنها لا تزال تدعو الناس إلى الصلاة. وخلال شهر رمضان الحالي، تتمسك هذه المساجد ــ الأطلال بتوفير الدليل القاطع على الإيمان القوي للناس، وتعلّقهم بخالقهم مهما كانت الظروف، ومهما كان واقع الضعف الشديد في مواجهة آلات التدمير، والتواطؤ الدولي المجرم الذي شرّع استخدامها. تظل النيات الصادقة لأبناء غزة المنكوبين بالحرب أقوى من الحقد الإسرائيلي الذي لا حدود له، والذي أراد ضمن أهدافه المعادية لغزة وللإنسانية إبعاد أرواح الناس عن أماكن العبادة، لكن هدفه سقط، إذ ظلت المساجد الأطلال البوصلة الأولى للناس القادمين إليها من كل حدب وصوب لإحياء الصلوات والشعائر. إنها فضائل الإيمان المتبادلة في أي وقت بين المسلمين وأماكن عبادتهم، والتي تعكس أسس حياتهم التي لا يمكن أن تدمرها أي حرب.
(العربي الجديد)