مع شروق الشمس، يبدأ الستيني طه الحطاب، وهو من حي الشجاعية أقصى شرق مدينة غزة، بجمع الأغصان وجذوع الأشجار وتقطيعها وترتيبها وحرقها من أجل الحصول على الفحم النباتي. بدأت صناعة الفحم النباتي في فلسطين منذ العهد العثماني، وتعتمد بشكل أساسي على الأشجار المعمّرة كالزيتون والحمضيات. وتوارثتها الأجيال حتى هذا اليوم. ومع دخول الفحم المستورد اندثرت هذه الصناعة، وبات الحطاب أحد آخر صانعي الفحم النباتي في قطاع غزة، ويعمل به منذ 45 عاماً، وقد ورث المهنة عن والده. يقول: "عمل والدي في هذه المهنة منذ سنوات بعيدة، وقد ورثها عن أجداده الذين عملوا فيها في مدينة يافا، وعلّمني إياها حتى أتقنتها، وأحببت العمل. وحتى مع منافسة الفحم المستورد، إلا أنّ الفحم النباتي يُعد أفضل بكثير، لأنه عالي الجودة، كما أنه خال من الشوائب والأتربة". يتابع: "تمرّ صناعة الفحم بمراحل عدة، والتي تبدأ بشراء الحطب، وباتت أحد أهم المعوقات خصوصاً بعد انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق القطاع الزراعي. ثمّ نقوم بتقطيع الحطب، وجمعه، وترتيبه على شكل هرمي، وتغطيته بالقش والرمل. وأخيراً، يتم حرق الأخشاب وتركها ثلاثة أسابيع، ثم تنظيفها وتعبئتها بأكياس وبيعها".
ويستهلك قطاع غزة آلاف الأطنان سنوياً من الفحم المحلي، لاستخدامات عدة، أهمها التدفئة في فصلي الشتاء والخريف، وطهي الطعام وغير ذلك. ورغم قلة الطلب على الفحم المحلي، إلا أنّ ورشة الحطاب تُنتج نحو 80 طناً سنوياً.
(جميع الصور بعدسة: محمد الحجار)