Simple Minds: كل هذا يجعلني أعمى

08 نوفمبر 2022
تنتقد الفرقة مسألة فقدان الصوت الفردي ضمن جوقات تسيطر سياسياً (كريستينا آندينا / Getty)
+ الخط -

أخيراً، أصدرت فرقة الروك الاسكتلندية، Simple Minds، ألبوماً جديداً، يحمل عنوان Direction of the heart، وهو الإصدار الثامن عشر في مسيرة الفرقة التي بدأت رحلتها قبل 43 عاماً، ولا تزال تحافظ على الضلعين الأهم في قوامها الرئيسي منذ نشأتها؛ المغني الرئيسي والمؤلف جيم كير، وعازف الغيتار والملحن تشارلي بورتشيل.

يضم الألبوم الجديد 12 أغنية. ويتميز عن باقي الألبومات التي أنتجتها Simple Minds منذ مطلع الألفية، وكان آخرها Walk Between Worlds (2018)، بكونه العمل الأكثر نوستالجية وعاطفية، ففيه تعود الفرقة لتستلهم من النسخة الكلاسيكية منها، التي عاشت ذروة نجاحاتها في الثمانينيات، بعد أن كانت قد رفعت لواء التجديد والتمرد على الماضي طيلة مسيرتها. وتسخّر هذه الحالة الموسيقية في الأغاني التأبينية غير النمطية، التي أهدتها لمن فقدتهم من العائلة والأصدقاء على مدار السنوات الماضية.

الصبغة العاطفية تطغى على الألبوم منذ بدايته، فالأغنية الافتتاحية، Vision Thing، هي أغنية أُعدت لتكريم والد المغني الرئيسي بالفرقة، جيم كير، الذي رحل عام 2019، وبدا أن فقدانه قد حفّز جيم كير لاستعادة حياته بشريط مصغّر، ليتمكن من قراءتها بشكل مختلف.

فبعد الانخراط بحركات الثورات الطلابية والانسلاخ الفني والفكري عن القيم التي رسختها الأجيال السابقة، ولّدت خطاباً ثابتاً تمحورت حوله أغاني البانك روك التي قدمتها Simple Minds، يصل جيم كير أخيراً إلى نقطة التصالح مع الجيل السابق له. يرد في الأغنية: "نشأت مع الثورة، لم أجد حلاً في الداخل. كنت أسقط وأفشل مليون مرة قبل اليوم الذي أفهم فيه الأمر بالشكل الصحيح. دخلت إلى غرفة فارغة وشاهدت نسخة عني. أرني الطريقة التي يمكن أن أفهم بها. فتحت نفسي وتمكنت من الرؤية؛ شيء من الرؤية التي لديك".

ربما تبدو الرغبة بتشارك الرؤى والأفكار مع الأجيال السابقة متأخرة كثيراً بالنسبة لجيم كير، الذي وصل إلى العقد السابع من عمره، إلا أن صوته الذي لا يزال يتمتع بالجودة ذاتها التي كان عليها منذ 40 سنة، يجعل كل شيء يبدو منطقياً وأكثر إيلاماً، ولا سيما عند إدراك الظرف العام الذي أنتجت فيه Simple Minds ألبومها، خلال الأوقات المضطربة التي عاشتها مع الجائحة والعزلة، ودخلت إليها مع إيمان أعمى بالشباب الدائم، وخرجت منها منكسرة مع تبلور إدراكها عامل تقدم الزمن.

لكن Simple Minds ترفض الاستسلام للأمر، وتصر على تقديم أفكارها الإيجابية في ألبوم لم يخلُ بدوره من الجانب القاتم في النقد السياسي، الذي كان ولا يزال يميز الفرقة حتى اليوم.

الإيجابية تتجلى بأوضح صورة في أغنية الألبوم الرئيسية، Direction of the heart. قد تكون هذه الأخيرة أضعف أغاني الألبوم بمضمونها، إذ يغالي العمل كثيراً بالحديث عن قدرة الإنسان على التحكم بروحه والارتقاء لما يريده، بلغة تشبه إلى حد ما تلك المستخدمة بالعلوم الزائفة، كالبرمجة اللغوية العصبية. ووجود هذه الأغنية في العمل، وتصديرها، يبدو أمراً غريباً نوعاً ما، ولا سيما أن الألبوم يحتوي على العديد من الأغاني والأفكار المميزة حقاً، كما هو الحال في أغنية Who killed truth. تنتقد الأخيرة مسألة فقدان الصوت الفردي ضمن جوقات تسيطر سياسياً، من دون أن تفقد النزعة الإيجابية، من خلال التنبيه على وجود طرق دائماً لتجاوز المسألة.

لكن أجمل أغاني الألبوم وأكثرها تكاملاً، هي تلك الختامية، Wondertimes؛ فتمتزج بها المشاعر الذاتية مع الأفكار المستخلصة من المسيرة الطويلة، وتصاغ بلغة استقرائية، تعمم الحالة الفردية على الآخرين، ويرد فيها:

"عندما أستيقظ كل يوم أشعر كأي شخص آخر.. ما زلت أفكر وما زلت أرى وما زلت أنتمي إلى الأمل إلى ما لا نهاية. أشعر بالحنين إلى الماضي، ما زلت أشعر بضربات القلب هذه. أبحث عن الأفضل دائماً، أبحث عن العلامات. أدير ظهري، أغمض عيني.. كل هذا يجعلني أعمى. عالمنا مكون من قطع مكسورة، الذكريات تستمر. كل يوم فرصة أخرى، كل حلم هو أغنية. مرة أخرى، في وقت مستقبلي رائع، سنذهب إلى هناك".
 

المساهمون