She-Hulk... البطلة الخارقة تتحدث إلى الجمهور

19 أكتوبر 2022
أدت دور She-Hulk الممثلة تانيا مازلاني (جون كوبالوف / Getty)
+ الخط -

لم يتعرض مسلسل أو فيلم من عالم مارفل السينمائي إلى انتقادات وشتائم وتسفيه، كما تعرض لكل ذلك مسلسل She-Hulk: Attorney at Law، الذي بثته شبكة ديزني بلاس أخيراً، إذ اتُّهم بالانصياع لمعايير السوق بشدة، وتبني سردية التصالح مع الصوابية السياسية حد العبث، ناهيك عن وصفه بأنه إهانة للبطلة الخارقة الخضراء، وسخرية من الجمهور نفسه، الذي لم يكن ينتظر مسلسلاً عن فتاة تحاول الحفاظ على عملها، بل بطلة خارقة لا تجيد سوى "التحطيم".
موجة الانتقادات هذه، جعلت مشاهدة المسلسل أشبه بارتكاب ذنب. كل حلقة تليها سيول من المقالات والفيديوهات التي تنتقد من دون رحمة. السبب أن المسلسل "نسوي"، وليس مسلسلا عن بطلة خارقة، فكيف تجرؤ مارفل مثلاً على تهميش دور هالك نفسه؟ أو التعامل مع النسخة المؤنثة منه بوصفها مرحة وضحوكة وتريد الحفاظ على مهنتها كمحاميّة؟
يعي صناع المسلسل الانتقادات الموجهة إليهم منذ البداية، وهذا ما يتضح بجعل She-Hulk تكسر الجدار الرابع، وتتحدث إلى الجمهور مباشرة (أدت الدور تانيا مازلاني). هي تعي أنها في مسلسل، وما تعلق عليه وتحادثنا به ليس مجرد نكات سريعة، بل تتناول صناعة المسلسل نفسه، وتتدخل في طبيعة تدفق الحبكة والأحداث، إلى حد يشعرنا بأنها نفسها ليست راضية عما يحصل.
هذا الوعي المفرط لدى She-Hulk، يتجلى في الحلقة الأخيرة، إذ "تحطم" البطلة الخارقة الشاشة، وتدخل ضمن واجهة "ديزني بلاس " نفسها، وتزور مقر شركة مارفل، وتحدث "الذكاء الاصطناعي" المسؤول عن صناعة الحبكات، لتغير مسير الحبكة التي كانت فيها، وتطلب من الذكاء الاصطناعي الاستغناء عن الرجال البيض، ومشاكل الآباء، وغيرها من المعالم التقليدية لأي حبكة رجل خارق.


الوعي السابق يمكن تفسيره على مستويين، إما أن She-Hulk أقوى من عملها نفسه؛ إذ هي قادرة على تحطيم الواقع الذي تشغله، ثم مغادرته، وهي قوى خارقة لهالك نراها في الكوميكس فقط، أو نحن أمام كتابة هزيلة للمسلسل، الذي تحول إلى تعليق على مارفل نفسها، ومحاولة إثبات وجهة نظر أمام الجمهور الغاضب. لكن، في كلتا الحالتين، يخيّب المسلسل الآمال، ربما آمال الرجال. لكنه، من جهة أخرى، لا يختلف عن أي مسلسل يتناول عالم المحاماة، حيث الأناقة، والقضايا الإشكاليّة، ومحاولة الترفع الوظيفي، يرافقها حضور طاغ للنكات القاسية.
اللافت في المسلسل، وبالرغم من أنه يبث على "ديزني بلاس"، هو تناوله قضية الابتزاز الجنسي؛ إذ نتعرف على مجموعة من القراصنة الرقميين، الذين يخترقون هاتف She-Hulk، وينشرون شؤونها الحميمية لتكسير عزيمتها. هنا، تنفجر البطلة الخارقة غضباً، وتحاول "تحطيمهم"، لكنها تعود إلى "وعيها"، وتقرر أن تغير الحبكة، وتترك الشأن للقانون والعدالة.

الحلّ السابق لقضية الابتزاز والفضيحة إشكالي. عادة، في هذا النوع من القضايا، الضحية لا تحصل على العدالة والرضا مباشرةً عبر المنظومة القانونيّة، بل لا بد لها من امتلاك صوتها والإشارة إلى المذنبين لـ"فضح" جريمتهم. لكن المقاربة في المسلسل مختلفة، ولن نعلق عليها. من ناحية أخرى، ما يبدو مريباً، هو أن هذه "الفضيحة" ومحاولة تقديم أسلوب جديد لمحاربة نادي الرجال المبتزين، لا يترك أي أثر على She-Hulk، بل ينتهي المسلسل بسعادة وحبيب جديد، من دون أي أثر نفسي أو صدمة قد تهدد مستقبل المحامية الشابة.
يبدو المسلسل أقرب إلى محاولة لتجميع شخصيات مارفل المتناثرة في الأفلام والمسلسلات. ففي كل حلقة، يظهر "ضيف" جديد، يطلق بعض النكات، ويحل الحبكة ثم ينصرف، في وعي تام أن لديهم أدواراً في أفلام أكبر، ما يتركنا نحن المشاهدين أسرى محاولات التنبؤ بالضيف الجديد، أو غارقين في خيبة الأمل، لأن كل حلقة ليست إلا مزيجاً من النكات المبتذلة، والقتال اللطيف، ومحاولة She-Hulk الحفاظ على مسيرتها المهنيّة بسذاجة.

المساهمون